مروة السنهوري – كاتبة سودانية
يشرح كتاب “السماح بالرحيل” لكاتبه ديفيد هاوكنز آلية بسيطة وفعالة للحرية الداخلية والسعادة القصوى التي هي الحق الطبيعي لكل البشر، ومن خلالها يمكن التخلص من معوقات التنوير حيث كان الهدف الرئيسي للمؤلف خلال عدة عقود من الممارسة النفسية السريرية هو إيجاد الوسائل الأكثر فعالية في تخفيف معاناة البشر بجميع أشكالها.
ويرسم هاوكنز خطوط المقياس الأساسي للطاقة، ابتداءً من الطاقة العليا التي تبدأ بالسلام والفرح والحب، وانتهاءً بالخوف والشعور بالعار والذنب.
ذبذبات طاقة الحب تصل درجتها عند هاوكنز إلى 500، ويقصد به تبني أسلوب حياة ملئ بالتسامح والرعاية والدعم، وهذه الحالة لاتأتي من العقل بقدر ما تنبع من القلب، فالحب يركز على جوهر الموقف لا تفاصيله، إنها الحالة التي يحل فيها الإدراك مكان الرؤية، في هذا المستوى لا يتخذ الفرد أي موقف إنما يرى القيمة الجوهرية لكل ماهو موجود ويرى أن كل الموجودات جديرة بالحب .
فيما تصل طاقة الخوف إلى 100 فقط، وترى هذه الطاقة إن الخطر يقع في كل مكان، ومن ينتمون لهذه الطاقة في سلم هاوكنز للوعي يرون أن الخطر حولهم وهي شخصيات دفاعية مشغولة بالأمان وقلقة جداً ومحترسة .
يمكننا القول عموماً إن النهاية الدنيا من مقاييس الطاقة مرتبطة بترددات دنيا وطاقة عليا وبسبب تدني الطاقة فإن الذين ينتمون إليها لا يعيشون سعداء.
للذبذبة المرتفعة مثل الحب تأثير شفائي للذبذبة المنخفضة مثل الخوف، ومن هنا يمكن أن نتعرف على أحد أهم قوانين الوعي ” يُشفى الخوف بالحب ” ومن هذا القانون كانت الخلفية الأساسية لكتب الطبيب النفسي جيري جامبولكسي مثل كتاب ” الحب هو السماح للخوف بالرحيل”.
لكل شخص فرصة للمساهمة في جمال العالم وتناغمه من خلال التعامل اللطيف مع الكائنات الحية، ومن خلال السماح للمعوقات بالرحيل نختبر حالة الحب اللامشروط، وهي حالة نادرة تحدث مع عدد قليل جداً من سكان العالم ، فهذه الطاقة معجزة وشاملة وغير انتقائية وتتسم بالفرح الداخلي، والإيمان، والوجد، والتعاطف، والجوهر، والانفتاح.
جميعنا أختبر الخوف والقلق والفزع، وقد يتسرب إلى الوعي على شكل نوبات قلق واضحة أو فوبيا مرضية، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن مهدئ الفاليوم هو من أكثر الأدوية مبيعاً في أمريكا.
ومن طبيعة الخوف إنه يزداد ويتوسع ليشمل كل أنشطة الحياة ليصل بالشخص إلى مرحلة العجز الكاملة، كما حدث مع مريضة هاوكنز ” بيتي ” التي بدأ خوفها برهاب الجراثيم، وصارت تخشى كل أنواع الطعام والهواء، وتخاف أن تُعرض بشرتها لأشعة الشمس، وكانت ترتدي قفازات طيلة الوقت، وطلبت أن تتم معالجتها عبر الهاتف خوفاً من أن تضطر للخروج إلى الشارع، فقال دكتور هاوكنز ” لا يمكنني القيام بأي شيء فعلاً، وكل ماتبقى لدي أن أقوم به هو أن أقدم لها الحب “.
العديد من الناس عولجوا من خلال هذا النوع من الحب، ففي التاريخ الحديث على سبيل المثال يعود الفضل للأم تريزا في علاج الكثير من الناس من خلال آليات الحب غير المشروط والحضور المستنير، فمستويات الوعي المرتفعة لدى المتنورين قادرة على علاج الآخرين وشفائهم.
ويمكننا أن نتخذ مجموعة من الإجراءات الوقائية لكن بدافع الحب وليس الخوف، فمثلاً ألا يمكننا أن نخدم الآخرين في حياتنا بدافع الحب بدلاً من الخوف من خسارتهم ؟ .. ألا يمكننا التعامل بلطف مع الغرباء من باب إننا نهتم بهم لأنهم إخواننا البشر بدلاً من خوفنا أن نخسر وجودهم الذي قد يغذي ” أنا الإيجو ” بداخلنا؟ ..
ألا يمكننا أن نؤدي عملنا بصورة جيدة لأننا نهتم حقاً بالمستفيدين من خدماتنا بدلاً من الخوف من خسارة وظيفتنا ؟ ..أليس اهتمامنا بأخواننا في الإنسانية من باب التعاطف معهم أكثر فعالية من محبتهم.. خوفاً من عقوبة الإله إذا لم نفعل؟
*************
– لكتابة مقال خاص عن اسم مؤسستك أو شركتك يمكنك المراسلة عبر البريد الإلكتروني التالي: