أبوظبي – السابعة الاخبارية
مروة ناجي، في لحظة فنية فارقة، تشهد الدورة الثالثة والثلاثون من مهرجان الموسيقى العربية تحولًا نوعيًا في مسيرته الطويلة، إذ تُقام لأول مرة خارج مصر، وتحديدًا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث تشارك الفنانة مروة ناجي في ليلة فنية استثنائية تُهديها إلى روح سيدة الطرب العربي “وردة الجزائرية“. ويُعد هذا الحدث المرتقب نقلة متميزة في مشوار المهرجان الذي لطالما شكّل جسرًا بين الماضي العريق والمستقبل الواعد للموسيقى العربية.
مروة ناجي في مهرجان الموسيقى العربية 33: من القاهرة إلى أبوظبي
لطالما ارتبط مهرجان الموسيقى العربية باسم دار الأوبرا المصرية، إذ كان مسرحها العريق بالقاهرة هو الحاضن الأول لهذا الحدث منذ انطلاقه في أوائل التسعينيات. إلا أن الدورة الحالية تأتي بتجربة غير مسبوقة، من خلال تنظيم جزء من الفعاليات في أبوظبي بالتعاون مع المركز الثقافي التابع لدائرة الثقافة والسياحة الإماراتية، وبالشراكة مع شركتي الإنتاج الفني “Takwene Production” و”Famg”، وهو ما يعكس التوجه نحو توسيع نطاق المهرجان عربيًا، وإتاحة مساحة أوسع للمواهب والرموز الفنية في المنطقة.
مروة ناجي تحيي “ليلة وردة الجزائرية” في أبوظبي
تطل الفنانة المصرية مروة ناجي على جمهور أبوظبي مساء 25 أكتوبر 2025، من على خشبة مسرح المجمع الثقافي، لتُقدم أمسية غنائية تحمل عنوان “ليلة وردة الجزائرية”، تكريمًا لمسيرة الفنانة الراحلة التي خلّدت اسمها في ذاكرة الطرب العربي برصيد هائل من الأغنيات الخالدة.
وتُقام هذه الليلة بقيادة المايسترو أحمد عامر، وتُعد محطة فنية مميزة في مسيرة مروة ناجي، إذ ستُقدم من خلالها باقة مختارة من أعمال وردة التي تمثل ذروة الإبداع في الموسيقى العربية، وسط أجواء موسيقية راقية تستدعي الحنين وتحتفي بالتراث الأصيل.
وتأتي مشاركة مروة ناجي في أبوظبي تأكيدًا على قدرتها الفنية الرفيعة التي تمكّنها من إحياء تراث عملاق مثل وردة، ليس فقط بالغناء، بل بالتعبير الصادق عن روح الأغنية الكلاسيكية التي تجمع بين الشجن والبهاء.
عودة إلى القاهرة: مروة ناجي تُشارك في “ليلة وردة والعندليب”
قبل سفرها إلى أبوظبي، تُشارك مروة ناجي في إحياء حفل فني آخر يوم 23 أكتوبر على مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، ضمن فعاليات المهرجان داخل القاهرة. ويُشاركها هذا الحفل النجم القدير محمد ثروت، ويأتي بعنوان “ليلة وردة والعندليب”، تكريمًا لرمزين من رموز الفن العربي، هما عبد الحليم حافظ ووردة الجزائرية.
يقود الحفل المايسترو الدكتور علاء عبد السلام، ويضم البرنامج الغنائي مجموعة من أشهر أغنيات عبد الحليم ووردة، التي شكّلت وجدان الشعوب العربية لعقود، وعبرت عن قصص الحب، والفقد، والشوق، والوفاء، بلغة موسيقية خالدة.
ويُعد هذا الحفل امتدادًا لمشروع فني يتبناه المهرجان منذ سنوات، يتمثل في إحياء الليالي الغنائية المخصصة لتكريم رموز الفن العربي، من خلال إعادة تقديم أعمالهم بأصوات الجيل الجديد، مع الحفاظ على روحها الأصلية.
تكريم رموز الفن العربي في افتتاح المهرجان
شهدت ليلة الافتتاح في القاهرة حدثًا فنيًا مؤثرًا، إذ تم تكريم 11 شخصية فنية ساهمت بشكل فعّال في دعم وتطوير المشهد الموسيقي العربي، سواء من خلال الغناء، أو التأليف، أو التوزيع الموسيقي، أو البحث الأكاديمي.
ومن أبرز المكرّمين في هذه الدورة:
- الدكتور هشام شرف من الأردن
- اسم الفنانة المغربية الراحلة نعيمة سميح
- اسم الشاعر السوداني الهادي آدم
- العازف المصري القدير إبراهيم فتحي
- الدكتورة شيرين عبد اللطيف
- المايسترو حسن فكري
- الشاعر وائل هلال
- الملحن خالد عز
- المطرب محمد الحلو
- المطربة آمال ماهر
وقد عبّر المكرّمون عن سعادتهم بهذا التقدير الذي يُعد بمثابة تتويج لمسيرتهم الطويلة في خدمة الموسيقى العربية.
أم كلثوم.. “شخصية المهرجان” لهذا العام
احتفى المهرجان هذا العام بكوكب الشرق أم كلثوم، عبر عرض فيلم وثائقي خاص عنها في ليلة الافتتاح، أخرجه سامر ماضي، يُسلط الضوء على مسيرتها الفنية، ومكانتها الاستثنائية في قلوب الجماهير، بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.
وتناول الفيلم مسيرتها من النشأة إلى النجومية، مرورًا بمحطاتها الفنية والسياسية والموسيقية، وتأثيرها على الثقافة العربية، وكيف أصبحت صوت الأمة في أوقات الأمل والانكسار.
وجاء اختيار أم كلثوم “شخصية المهرجان” كتحية خاصة لسيدة ظلت حتى اليوم مصدر إلهام للأجيال، ومرجعًا في الأداء الموسيقي والتعبيري.
آمال ماهر تُغني في الافتتاح بعد غياب
اختُتم حفل الافتتاح بأمسية غنائية أحيتها النجمة آمال ماهر، في أول ظهور فني كبير لها بعد فترة غياب عن الساحة. وقدمت آمال مجموعة من أغانيها إلى جانب روائع من التراث، بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو تامر فيضي.
وأشعلت آمال المسرح بصوتها القوي وأدائها المتزن، وسط تفاعل كبير من الجمهور، الذي رحب بعودتها، وصفق لها بحرارة.
الموسيقى العربية تتجدد في أبوظبي
الانتقال بجزء من فعاليات المهرجان إلى العاصمة الإماراتية يُمثّل خطوة استراتيجية على طريق الانفتاح الثقافي، وإعادة تصدير الموسيقى العربية الكلاسيكية إلى جمهور جديد متنوع في الخليج، في ظل إقبال متزايد على الفعاليات الثقافية والفنية ذات الطابع التراثي.
كما يعكس هذا التحرك قدرة دار الأوبرا المصرية على مدّ جسور التعاون الفني خارج حدود الدولة، بما يدعم الدور الريادي لمصر في إنتاج وترويج الموسيقى العربية.
رسائل فنية وراء “ليالي وردة”
اختيار اسم الفنانة الراحلة وردة الجزائرية ليكون عنوانًا لليلتين غنائيتين في القاهرة وأبوظبي ليس اختيارًا عشوائيًا، بل يحمل رسالة فنية وإنسانية عميقة. فصوت وردة لا يزال حاضرًا في القلوب، وأغانيها تمثل ذاكرة مشتركة لكل عشّاق الطرب، من المحيط إلى الخليج.
وتُعتبر مروة ناجي واحدة من القلائل القادرات على استحضار روح وردة بأسلوبها الخاص، فهي لا تقلّد، بل تُعيد تقديم الأغنية بإحساسها الشخصي، وموهبتها التي صقلها العمل المسرحي والغنائي خلال السنوات الماضية.
مستقبل المهرجان: نحو التوسع العربي
من الواضح أن إدارة مهرجان الموسيقى العربية تُراهن على استثمار النجاحات المتتالية من أجل توسيع نطاقه عربيًا، وهو توجه يُضاف إلى خطوات سابقة تمثلت في تنظيم فعاليات مماثلة في مدن مثل الإسكندرية، ودمنهور، وطنطا، لكن الامتداد إلى الخليج العربي يُعد بمثابة مرحلة جديدة من الانتشار.
ومن المتوقع أن تشهد الدورات المقبلة حضورًا أوسع لفنانين عرب من مختلف الدول، إلى جانب إحياء الليالي المخصصة لتكريم رموز من خارج مصر، بما يمنح المهرجان صبغة إقليمية تعزز من تأثيره الثقافي والفني.
الختام: مروة ناجي تواصل رسالتها الفنية
مرة بعد أخرى، تُثبت مروة ناجي أنها ليست مجرد مطربة صاحبة صوت قوي، بل فنانة تحمل رسالة واضحة في إحياء التراث، وتقديم الأغنية العربية كما يجب أن تُقدم: بإحساس عميق، وصوت يحمل البهجة تارة، والدمعة تارة أخرى.
في “ليلة وردة الجزائرية”، و”ليلة وردة والعندليب”، لا تحتفي مروة فقط برموز الطرب، بل تُقدم أيضًا درسًا في الوفاء للأصالة، وفي الوقت نفسه، تكتب فصلاً جديدًا من مسيرتها التي تت