الشارقة – السابعة الاخبارية
معرض الشارقة الدولي للكتاب، أكد خبراء ومختصون في قطاع المكتبات والمعلومات أن المعرفة ليست رفاهية، بل هي ركيزة أساسية في بناء وعي الإنسان وتقدم المجتمعات. وأشاروا إلى أن ترسيخ ثقافة المعرفة وتمكين الأفراد من الوصول إليها يعد الخطوة الأولى نحو صناعة القرار الرشيد وتحقيق التنمية المستدامة من خلال المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية تحت عنوان «المعرفة قوة: نحو مجتمع معلوماتي متكامل»، نظمتها جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات ضمن فعاليات اليوم الافتتاحي للدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، المقام في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار «بينك وبين الكتاب».
شارك في الجلسة كلٌّ من الدكتورة فاطمة علي المعمري، مدير إدارة التراث الثقافي المكلف في وزارة الثقافة، وفهد علي المعمري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات وباحث في التراث الشعبي، وأدارها الدكتور عماد جاب الله.
معرض الشارقة الدولي للكتاب: دور وزارة الثقافة في تمكين المعرفة
تحدثت الدكتورة فاطمة المعمري عن الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة الثقافة في دعم الوصول إلى المعرفة وتوسيع نطاقها، مؤكدة أن المعرفة تشكل جزءاً أساسياً من جميع برامج ومبادرات الوزارة، لما لها من أثر في تشكيل وعي الفرد وتعزيز انتمائه وهويته الثقافية.

وأوضحت المعمري أن الوزارة تعمل على تمكين المجتمع المعرفي عبر المكتبات العامة ومكتبات الأطفال والمراكز الإبداعية، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة الشهر الوطني للقراءة، ومنح الجوائز التي تقدم للموهوبين والمتطلعين إلى المعرفة، فضلاً عن جهودها في توثيق التراث الإماراتي ودعم مشاركة الدولة في المحافل الدولية، ومنها الملفات الخاصة بالتسجيل في قوائم منظمة اليونسكو.
وأشارت المعمري إلى أن التحديات الكبرى لبناء مجتمع معرفي متكامل لا تقتصر على سهولة الوصول إلى المعلومات في العصر الرقمي، بل تشمل أيضًا التمييز بين المعرفة الحقيقية والمضللة، خصوصاً المعلومات المتعلقة بالهوية الوطنية والثقافة المحلية. وقد أكدت أن مواجهة هذه التحديات تتطلب توجيه الأجيال الجديدة نحو التفكير النقدي والوعي المعلوماتي.
معرض الشارقة: الجذر اللغوي للمعرفة وأهميتها في التعليم
من جانبه، استعرض فهد علي المعمري الجذر اللغوي لكلمة “المعرفة”، موضحًا أن الإنسان مهيأ بطبيعته لاكتسابها، مستشهداً بأن أول أمر بالقراءة جاء في القرآن الكريم، ما يعكس مكانة المعرفة في تكوين الإنسان منذ نشأته. وأضاف أن دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد آمنت بأن التعليم الإلزامي هو حجر الأساس لبناء مجتمع معرفي مزدهر.
وأشار المعمري إلى أن علم المكتبات يشكل محوراً رئيسياً في بناء مجتمع معلوماتي منظم، داعياً إلى الاستثمار في تدريب أمناء المكتبات وتطوير مهاراتهم في التوثيق والحفظ وتوفير المعلومات. وأكد أن دور أمين المكتبة يتجاوز الجانب التقني، فهو صاحب رسالة معرفية تهدف إلى تمكين المجتمع من الوصول إلى مصادر العلم والثقافة.
معرض الشارقة: جهود وطنية لتعزيز الوعي المعلوماتي
وأوضح المعمري أن جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات نظمت خلال العام الجاري أكثر من 600 ورشة متخصصة، بمشاركة أكثر من ألف خبير وألف مكتبة عامة وخاصة، بهدف تعزيز ثقافة القراءة والمعلومات وبناء مجتمع معرفي مستدام. وبيّن أن هذه المبادرات تسهم بشكل كبير في تمكين الأفراد من الاطلاع على مصادر المعرفة المختلفة، وتطوير مهارات التفكير النقدي لديهم.
وأشار إلى أن بناء مجتمع معلوماتي متكامل لا يقتصر على المكتبات والأنشطة التعليمية، بل يتطلب أيضًا التعاون بين المؤسسات الثقافية والحكومية والمجتمعية لتوفير بيئة معرفية شاملة تشجع الأفراد على التعلم والابتكار.
معرض الشارقة: المكتبة الحديثة محور التمكين المعرفي
وأكد المعمري أن المكتبة الحديثة ليست مجرد مكان لتخزين الكتب والمراجع، بل هي مركز معلوماتي يقدم المعرفة بشكل منظم وموثوق. ومن هنا، جاء التركيز على دور أمناء المكتبات في تقديم الإرشاد المعرفي للمستخدمين، والمساعدة في الوصول إلى المعلومات الدقيقة والموثوقة. وأضاف أن تطوير المكتبات العامة والمراكز الإبداعية للأطفال والمراهقين يسهم في بناء قاعدة معرفية قوية للأجيال القادمة، ويعزز شعورهم بالانتماء الثقافي والوطني.
وأشار إلى أن التحدي الحقيقي في العصر الرقمي يتمثل في التعامل مع الكم الهائل من المعلومات المتاحة، موضحًا أن المعرفة الحقيقية لا تقتصر على الوصول إلى البيانات، بل تتطلب التحليل والفهم والقدرة على التمييز بين المصادر الموثوقة والمضللة.
معرض الشارقة: الحدث الثقافي الأكبر على مستوى العالم
يواصل معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية ترسيخ مكانته كأحد أكبر الأحداث الثقافية في العالم، إذ يجمع أكثر من 2,350 دار نشر من 118 دولة، منها 1,224 دار نشر عربية و1,126 داراً أجنبية، ويستضيف أكثر من 250 مبدعاً ومفكراً من 66 دولة، يقدمون أكثر من 1,200 فعالية ثقافية وفكرية متنوعة.
ويشكل المعرض منصة رئيسية لتبادل المعرفة والخبرات بين المثقفين والباحثين والقراء، ويساهم في تعزيز ثقافة القراءة والمعلومات على مستوى المنطقة والعالم. كما يوفر فرصاً للتفاعل المباشر مع المؤلفين والمبدعين، ويتيح للجمهور الاطلاع على أحدث الإصدارات والمبادرات الثقافية.

معرض الشارقة: نحو مجتمع معلوماتي متكامل
ختامًا، يجسد المعرض وأعمال جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات الجهود الوطنية الرامية إلى بناء مجتمع معرفي متكامل، يوازن بين التوجهات الثقافية المحلية والانفتاح على التجارب العالمية. ويظهر بوضوح أن المعرفة ليست رفاهية، بل عنصر أساسي في التنمية المستدامة وصناعة القرار الرشيد، وهي عامل رئيسي في تعزيز هوية الفرد وثقافته، وإرساء قاعدة صلبة لمستقبل مستدام يحقق الازدهار الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للدولة والمجتمع.
