دمشق – السابعة الإخبارية
ديالا الوادي.. في واقعة صادمة هزّت الشارع السوري والأوساط الثقافية والفنية، قُتلت الفنانة السورية ذات الأصول البريطانية ديالا الوادي داخل منزلها في حي المالكي بالعاصمة دمشق، في حادثة وُصفت بأنها جريمة سطو مسلح نفذها مجهول حتى اللحظة.
وأفادت مصادر رسمية سورية وناشطون ميدانيون بأن الجريمة وقعت قبل أيام قليلة، داخل أحد أكثر الأحياء تحصينًا أمنيًا في العاصمة، وسط تساؤلات عن كيفية اختراق الحواجز الأمنية التي تحيط بالموقع، لا سيما أن حي المالكي يعد من المناطق المحمية أمنيًا، ويضم مقر إقامة الرئيس السوري المعزول بشار الأسد سابقًا.
ديالا الوادي.. تفاصيل الجريمة: خنق وسرقة في وضح النهار
وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الجاني اقتحم منزل الفنانة بعد أن تتبعها، وقام بخنقها حتى الموت، ثم استولى على مقتنياتها الشخصية من أموال ومجوهرات وفرّ هاربًا، دون أن ترصده الكاميرات أو الأجهزة الأمنية في المنطقة، ما أثار موجة من الغضب والذهول بين السكان.
الجريمة أثارت تساؤلات كبرى حول مدى فاعلية الأجهزة الأمنية في العاصمة، خاصة في منطقة تُعرف بكثافة الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش المنتشرة عند كل زاوية. واعتبر البعض أن الواقعة تكشف خللًا أمنيًا خطيرًا، خصوصًا في وقت يتصاعد فيه التوتر الداخلي، وتكثر حالات السطو والنهب تحت غطاء الفوضى والفساد.

من هي ديالا الوادي؟
ديالا الوادي، فنانة سورية تحمل الجنسية البريطانية، تنتمي إلى واحدة من أعرق العائلات الموسيقية في سوريا، فهي ابنة الموسيقار الراحل صلحي الوادي، أحد أبرز رواد الحركة الموسيقية الأكاديمية في العالم العربي، ومؤسس المعهد العالي للموسيقى، والأوركسترا السيمفونية السورية.
والدتها، سينثيا الوادي، عازفة كمان بريطانية، تعرفت على والد ديالا خلال دراستهما في الأكاديمية الملكية للموسيقى في لندن خلال خمسينيات القرن الماضي. وقد نشأت ديالا في بيئة ثقافية راقية، جمعت بين الفن الشرقي والغربي، ما منحها شخصية فنية متفردة منذ بداياتها.
التحقت ديالا بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وتخرجت في عام 1986 ضمن دفعة ضمّت نخبة من أعلام الدراما السورية، مثل: حاتم علي، غسان مسعود، دلع الرحبي، عارف الطويل، ماهر صليبي وآخرين، لكنها لم تسعَ يومًا للظهور الإعلامي المكثف، وفضّلت العمل في الخفاء أو ضمن مشاريع نوعية تُمثل قناعاتها الفنية.
فنانة بلا ضجيج.. وجريمة بلا تفسير
عُرفت ديالا الوادي بين الأوساط الفنية والثقافية بأسلوبها المتزن وابتعادها عن الصخب الإعلامي، حيث كانت حاضرة في بعض الأعمال المسرحية والدرامية، إلى جانب مشاركات فكرية وثقافية محدودة، وظلّت وفيّة لنمطها الهادئ، مما جعل خبر مقتلها مفاجئًا وصادمًا لكل من عرفها.
ولم تصدر حتى الآن أي تصريحات رسمية من وزارة الداخلية السورية أو النيابة العامة حول تفاصيل التحقيق أو هوية الجاني، فيما اكتفى الإعلام الرسمي بذكر “واقعة وفاة قيد التحقيق”، في وقت تطالب فيه منظمات حقوقية ومثقفون سوريون بالكشف العاجل عن الجاني ومحاسبته، ووضع حد لتصاعد الجرائم الغامضة في العاصمة.

استياء في حي المالكي.. وشكوك حول خلفيات الجريمة
حي المالكي ليس مجرد حي سكني؛ إنه أحد أبرز رموز النفوذ السياسي في دمشق، ويُعرف بوجود منازل كبار المسؤولين، والسفارات، ونقاط التفتيش الثابتة. لذا فإن وقوع جريمة قتل بشعة داخله يطرح تساؤلات عن مدى قدرة الجناة على التسلل إلى هذه المناطق دون رصد.
البعض لم يستبعد وجود دوافع تتجاوز السطو المادي، في حين رجّحت مصادر أخرى أن الجريمة قد تكون فعلًا جنائيًا بحتًا استهدف الضحية بسبب وضعها المادي الميسور، خاصة مع تسريب معلومات عن سرقة مجوهرات وأموال خلال تنفيذ الجريمة.
إرث فني.. وغياب مؤلم
برحيل ديالا الوادي، تفقد الساحة الثقافية السورية فنانة امتازت بالحضور الراقي والعمق الفكري، وظلت صوتًا هادئًا في زحام الضوضاء الفنية. وقد عبّر عدد من الفنانين والمثقفين عن حزنهم العميق لرحيلها، معتبرين أن ما حدث “ليس مجرد جريمة قتل، بل اغتيال لرمز ثقافي هادئ وسط ظروف معقدة تمر بها البلاد”.
وفي الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات، ينتظر الجميع إجابات واضحة: من قتل ديالا الوادي؟ ولماذا؟ وهل سيُحاسب الفاعل في بلد تكرّرت فيه الجرائم بلا محاسبة أو ردع؟
وفي الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات، ينتظر الجميع إجابات واضحة: من قتل ديالا الوادي؟ ولماذا؟ وهل سيُحاسب الفاعل في بلد تكرّرت فيه الجرائم بلا محاسبة أو ردع؟
