الكويت – السابعة الاخبارية
ممرضة مصرية، في مشهد يختزل عمق الإنسانية ونبل مهنة التمريض، خطفت ممرضة مصرية تدعى رضا محمد قلوب الكويتيين والعرب على حد سواء، بعدما نجحت في إنقاذ حياة رجل كويتي سبعيني تعرض لأزمة قلبية مفاجئة داخل مجمع “360 مول” بمنطقة الزهراء في الكويت.
الواقعة التي كادت أن تُكتب نهاية حزينة، تحوّلت بلحظة إلى قصة ملهمة، بعدما سارعت رضا، المقيمة في الكويت منذ سنوات، إلى تقديم الإسعافات الأولية للمسن، متحدية إعلان فريق الطوارئ عن وفاته، لتتمكن بفضل خبرتها وتفانيها من إعادة النبض إلى قلبه، في واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا وانتشارًا على مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت.
ممرضة مصرية.. المشهد من البداية أزمة قلبية في مكان عام
في ظهيرة يوم مزدحم داخل “360 مول”، وبينما كان الزوار يتنقلون بين المتاجر والمطاعم، سقط رجل كويتي يبلغ من العمر 70 عامًا مغشيًا عليه فجأة على الأرض. دبّ الذعر في المكان، وتجمّع عدد من المتسوقين حوله، ليُبلغ فريق الطوارئ والإسعاف في الحال.
وصل المسعفون إلى الموقع بسرعة وبدأوا بإجراءات إنعاش القلب، لكن بعد دقائق من المحاولات غير المثمرة، أعلنوا أن الرجل قد فارق الحياة، وتمت تغطيته استعدادًا لنقله.
لكن ما لم يكن بالحسبان هو وجود رضا محمد، وهي ممرضة مصرية تعمل في أحد المستشفيات الكويتية، وتواجدت في “المول” صدفةً لقضاء بعض الحاجيات.
رضا تتحدى “إعلان الوفاة”
لم تكن رضا ترتدي زيها التمريضي، ولم تكن في موقع عمل رسمي، لكنها كانت ممرضة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فبمجرد أن لاحظت ما يجري، وتأكدت من أن الرجل فقد وعيه تمامًا، اقتربت بهدوء وطلبت من الموجودين السماح لها بالمحاولة.
ورغم أن الفريق الطبي اعتبر الأمر منتهيًا، إلا أنها بدأت فورًا تنفيذ بروتوكول الإنعاش القلبي الرئوي (CPR)، مستخدمة خبرتها ومهاراتها الميدانية التي صقلتها سنوات من العمل في رعاية المرضى والحالات الطارئة.
وبعد دقائق من الضغطات والإجراءات الدقيقة، عاد النبض تدريجيًا للرجل، وسط ذهول كل من كان في المكان، من مسعفين وعابرين.
لحظة تحول: من “متوفى” إلى “حي يُرزق”
عادت الحياة إلى جسد المسن الكويتي، وبدأ التنفس يعود تدريجيًا إلى حالته الطبيعية، قبل أن يُنقل على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات القريبة لاستكمال الرعاية.
ووثق أحد المتواجدين في “المول” الحادثة بفيديو قصير يُظهر رضا وهي تؤدي عملية الإنعاش القلبي، وسط نظرات القلق والذهول من الجميع. وسرعان ما انتشر المقطع عبر مختلف منصات التواصل، ليحظى بآلاف المشاركات والتعليقات والإشادات.
رضا محمد.. بطلة بزيّ مدني
ما قامت به رضا محمد لم يكن مجرد تصرف طبي فني، بل موقف إنساني من الدرجة الأولى، نابع من إحساس داخلي بالمسؤولية والرغبة في إنقاذ حياة إنسان، حتى وإن كانت النتيجة المتوقعة قد حُسمت مسبقًا من وجهة نظر الفرق الطبية.
وبعد ساعات من انتشار القصة، بدأ اسم رضا يتصدر الترند الكويتي، ولقبها الجمهور بـ”البطلة”، وانهالت عليها عبارات الشكر والدعاء والتقدير من مختلف فئات المجتمع الكويتي، مواطنين ومقيمين.
تكريم رسمي من وزير الصحة الكويتي
لم يمر الموقف مرور الكرام على المستوى الرسمي، إذ بادر وزير الصحة الكويتي إلى تكريم الممرضة المصرية، ومنحها شهادة تقدير خلال حفل مصغر حضره عدد من المسؤولين في الوزارة، في لفتة تعكس احترام الدولة لكل من يبذل جهدًا حقيقيًا في خدمة الإنسان، مهما كانت جنسيته أو موقعه.
وأكد الوزير في كلمته أن “ما قامت به الممرضة رضا محمد يُعد نموذجًا يُحتذى به في مهنية التمريض وروح المبادرة”، مضيفًا أن “هذا التصرف يعبّر عن القيم الإنسانية والأخلاقية التي تجمع الشعوب وتتجاوز الحدود”.
إشادة مجتمعية واسعة
لم يقتصر الإعجاب بما قامت به رضا محمد على الأوساط الطبية أو الرسمية فقط، بل امتد إلى المجتمع الكويتي بكامله، خاصةً أن تصرفها يعكس قيمة التضامن والرحمة في لحظات مصيرية، بعيدًا عن الإجراءات البيروقراطية أو الحواجز المهنية.
وكتب أحد المغردين:
“تحية لكل من يعمل بصمت ويترك أثرًا لا يُنسى… رضا محمد لم تكن ممرضة فقط، بل كانت ملاكًا حقيقيًا أنقذ حياة إنسان”.
كما أطلق بعض رواد مواقع التواصل هاشتاغ #رضا_محمد، مطالبين بمنحها وسامًا رسميًا وتكريمًا على مستوى الدولة.
قصة إنسانية تتجاوز الحدود
لم تمضِ ساعات حتى انتقلت قصة رضا إلى الإعلام المصري أيضًا، حيث تداولت العديد من الصحف والمواقع خبر ما قامت به، وأشادت بالممرضة التي ترفع اسم مصر في الخارج بعمل نبيل ومهني.
وقال مصدر في نقابة التمريض المصرية إن النقابة بصدد التواصل مع رضا لتكريمها، مشيرًا إلى أن ما قامت به يعبّر عن الصورة الحقيقية للممرضات المصريات في الداخل والخارج.
أهمية التدخل السريع في حالات توقف القلب
ما حدث في مجمع “360 مول” يسلّط الضوء على أهمية الإنعاش القلبي الرئوي كمهارة منقذة للحياة، وقدرة الممرضين والممرضات على إحداث فرق حقيقي في الثواني الحرجة.
ففي حالات السكتة القلبية المفاجئة، يمكن أن تؤدي كل دقيقة تمر دون تدخل فعال إلى انخفاض فرصة النجاة بنسبة 10%. وهذا ما جعل تدخل رضا حاسمًا، حيث لم تعتمد على الأجهزة فقط، بل وظّفت تدريبها وخبرتها بطريقة صحيحة وسريعة.
الممرضون.. جنود مجهولون في المعركة من أجل الحياة
قصة رضا محمد تفتح باب الحديث مجددًا عن دور التمريض، الذي غالبًا ما يتم تجاهله أو التقليل من أهميته مقارنة بالأطباء أو الإداريين. ورغم أنهم الواجهة الأولى مع المرضى، إلا أن الممرضين كثيرًا ما يعملون في الظل دون ضوء يسلّط على تضحياتهم.
وفي هذا السياق، قال أحد المتخصصين:
“الممرض الجيد لا ينقذ حياة مريض فقط، بل يصنع فرقًا في حياة أسرة كاملة… وما قامت به رضا يستحق أن يُدرس في كليات التمريض.”
خاتمة: عندما تتكلم الإنسانية بأفعال لا أقوال
ما حدث في الكويت هو تذكير بأن الإنسانية لا تُقاس بالكلمات أو الشعارات، بل بالمواقف، خاصة تلك التي تظهر في وقت الأزمات.
رضا محمد لم تكن بطلة خارقة، لكنها كانت إنسانة تحمل إحساسًا عاليًا بالمسؤولية، ومهنية لا تعرف التردد، وإرادة لا تعرف اليأس. تدخلت حين تراجع الآخرون، وأعادت الأمل حين بدا كل شيء قد انتهى.
ومن رحم اللحظة، وُلدت قصة ستبقى عالقة في الأذهان، ليس فقط لإنقاذ روح، بل لأنها جسّدت صورة جميلة للتكامل الإنساني بين الشعوب، والقدرة على التغيير، حتى من خارج حدود الواجب.
هل ترغب أن أعدّ لك نسخة مختصرة أو صالحة للنشر في الصحف المطبوعة أو المواقع الإلكترونية؟