الإمارات – السابعة الاخبارية
منصة X، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة في عالم التواصل الاجتماعي، أعلنت منصة X، المعروفة سابقًا باسم تويتر، عن إطلاق سوق إلكتروني جديد مخصص لبيع الأسماء المستعارة غير النشطة، ما يتيح للمستخدمين فرصة اقتناء أسماء نادرة بمبالغ قد تصل إلى ملايين الدولارات.
وتأتي هذه المبادرة ضمن خطة المنصة لتطوير نموذج أعمالها وتنويع مصادر دخلها في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها صناعة التكنولوجيا.
الهوية الرقمية تتحول إلى سلعة استثمارية
تسعى منصة X من خلال هذه الخطوة إلى تحويل الأسماء الرقمية إلى أصول استثمارية ذات قيمة حقيقية في السوق، بحيث يصبح اسم المستخدم المميز أو القصير أشبه بعقار رقمي يمكن تداوله أو الاستثمار فيه. هذه الرؤية الجديدة تعكس اتجاهًا متصاعدًا نحو إعادة تعريف مفهوم الهوية على الإنترنت، حيث لم تعد مجرد وسيلة للتعريف، بل باتت رمزًا للمكانة الاجتماعية والقدرة الاقتصادية وحتى التأثير الثقافي.
منصة X تطلق نظام المزاد الإلكتروني ومرحلة التشغيل التجريبي
أطلقت X السوق الجديدة في مرحلة تجريبية أولى موجهة خصيصًا لمشتركي خدمة Premium X، الذين أصبح بإمكانهم الانضمام إلى قائمة انتظار خاصة لفعاليات بيع الأسماء أو تقديم طلبات لحجز أسماء بعينها. النظام يعتمد على المزايدة المفتوحة، ما يعني أن الأسعار ستتحدد وفقًا لحجم الطلب ومدى ندرة الاسم المرغوب فيه.
وتتيح المنصة في هذه المرحلة لمستخدمي Premium+ التقدم بطلبات أولوية دون رسوم إضافية، بينما يمكن للمشتركين في الخطط العادية شراء الأسماء المؤهلة مباشرة مقابل رسوم محددة مسبقًا.
سوق جديدة توازي الأصول الرقمية
تُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية X لتوسيع نطاق اقتصادها الداخلي، خصوصًا بعد انخفاض إيرادات الإعلانات خلال السنوات الماضية. فالمنصة، التي تجاوز عدد مستخدميها النشطين 550 مليون مستخدم مطلع عام 2025، بدأت تبحث عن نماذج بديلة تحقق الاستدامة المالية دون الاعتماد الكلي على المعلنين.
ويعتبر سوق الأسماء المستعارة الجديد انعكاسًا لتوجه متنامٍ في عالم التقنية يُعرف باسم “العقارات الرقمية”، حيث تُباع العناصر الرقمية النادرة — مثل أسماء المستخدمين أو النطاقات الإلكترونية — بأسعار ضخمة تعكس قيمتها السوقية وشعبيتها على الإنترنت.
أسعار خيالية تتخطى حاجز المليون
بحسب ما نقله موقع TechCrunch، من المتوقع أن تتراوح أسعار الأسماء النادرة في السوق الجديدة بين 2500 دولار أمريكي وأكثر من مليون دولار، تبعًا لعوامل متعددة أبرزها قصر الاسم وعدد أحرفه وشعبيته في الأوساط التقنية والثقافية.
الأسماء المكونة من حرف واحد أو حرفين مثل “@A” أو “@X” أو حتى الأسماء المرتبطة بعلامات تجارية معروفة قد تشهد منافسة شرسة ومبالغ فلكية. ويُنتظر أن تشهد السوق إقبالًا كبيرًا من الشركات والأفراد الراغبين في تعزيز وجودهم الرقمي أو الاستثمار في أصول يمكن أن تتضاعف قيمتها بمرور الوقت.
شفافية وقيود قانونية جديدة
أكدت إدارة X أن السوق ستعمل وفق نظام قانوني واضح يضمن حقوق البائعين والمشترين على حد سواء، مشيرة إلى أن الأسماء المعروضة للبيع ستكون مقتصرة على الحسابات غير النشطة لفترات طويلة، وذلك بعد التأكد من عدم وجود مطالبات قانونية أو استخدام سابق يعيق عملية البيع.
كما أشارت المنصة إلى أنها تسعى لتحقيق توازن بين تطوير السوق الجديدة وحماية الهوية الرقمية للمستخدمين الحاليين، حيث لن يُسمح ببيع الأسماء النشطة أو المستخدمة مؤخرًا لتجنب أي تعارض أو انتحال.
توجه استراتيجي لاقتصاد X الرقمي
تأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من التغييرات الجذرية التي تشهدها المنصة منذ استحواذ الملياردير إيلون ماسك عليها، إذ تسعى X إلى التحول من مجرد منصة تواصل اجتماعي إلى منظومة متكاملة تجمع بين الإعلام، والخدمات المالية، والتجارة الإلكترونية.
ويعتبر سوق الأسماء الجديد حلقة إضافية في هذا التحول، إذ يسعى إلى خلق نوع من “الاقتصاد الداخلي” الذي يعتمد على تفاعل المستخدمين في تبادل الأصول الرقمية، مثل المعرفات أو حتى مستقبلاً الرموز الفريدة (NFTs) أو الخدمات الخاصة بالتعريف الإلكتروني.
هوية رقمية بين X وWeb3
يلقي هذا المشروع الضوء على تقاطع واضح بين عالم X الحالي ومفاهيم الجيل الثالث للويب (Web3). فبينما لا تعتمد المنصة على نظام بلوكتشين لامركزي في الوقت الراهن، فإنها تتبنى أفكارًا مشابهة تقوم على مبدأ “ملكية المستخدم لهويته الرقمية”.
في هذا السياق، تشبه المبادرة الجديدة خدمات مثل نظام أسماء الإيثريوم (ENS) والنطاقات غير القابلة للإيقاف (Unstoppable Domains)، التي تمنح المستخدمين حرية امتلاك هويتهم الرقمية وربطها بمحافظهم المشفرة. ومع أن X لا تستخدم البلوكتشين فعليًا، فإنها تستلهم منه فكرة “القيمة الرقمية المملوكة”، ما يجعلها تقف في نقطة وسط بين الشبكات الاجتماعية التقليدية والاقتصاد اللامركزي الجديد.
مخاوف من احتكار الهوية الرقمية
رغم الإشادة التي نالتها المبادرة من بعض الخبراء التقنيين بوصفها خطوة مبتكرة، إلا أنها أثارت كذلك جدلًا حول فكرة احتكار الهويات الرقمية. فهناك من يرى أن بيع أسماء المستخدمين قد يخلق فجوة رقمية جديدة بين الأغنياء والفقراء على الإنترنت، حيث يصبح الحصول على اسم مميز امتيازًا ماليًا لا متاحًا للجميع.
كما حذر مختصون في أخلاقيات التكنولوجيا من احتمالية تحويل الهوية الرقمية إلى سلعة تُباع وتشترى، مما يحدّ من مبدأ المساواة الذي لطالما ميّز شبكات التواصل الاجتماعي في بداياتها.
خطوة نحو مستقبل الإنترنت المدفوع
يرى مراقبون أن ما تقوم به X يعكس تحوّلًا أعمق في بنية الإنترنت نفسه، إذ يتجه العالم نحو نموذج “الويب القائم على القيمة”، حيث يصبح كل شيء — من الاسم إلى الصورة إلى التغريدة — قابلًا للتداول المالي. هذه الفكرة قد تمثل الجسر الفعلي بين شبكات التواصل الاجتماعي القديمة ومنظومة Web3 القائمة على اللامركزية والملكية الفردية للبيانات.
وإذا نجحت المنصة في تنفيذ مشروعها بسلاسة، فقد نشهد مستقبلًا أسواقًا رقمية أخرى مخصصة للعناصر الافتراضية مثل الشعارات والمقاطع المميزة وحتى التفاعلات نفسها، ما يحول وسائل التواصل إلى اقتصاد رقمي مكتمل الأركان.
تؤكد مبادرة X الأخيرة أن الهوية الرقمية لم تعد مجرد اسم عابر على الشاشة، بل أصبحت رمزًا استثماريًا ذا قيمة اقتصادية ملموسة. وفي الوقت الذي تتجه فيه المنصات العالمية إلى إعادة تعريف علاقتها بالمستخدمين، يبدو أن X تسير بخطى واثقة نحو ترسيخ مفهوم “الملكية الرقمية”، حيث يصبح لكل مستخدم فرصة لتكوين ثروته من خلال اسمه.
وبينما ينتظر العالم نتائج المرحلة التجريبية للمزاد الإلكتروني، تبقى الأنظار متجهة إلى هذه التجربة التي قد تعيد رسم حدود العالم الرقمي كما نعرفه اليوم.