مصر – السابعة الإخبارية
استيقظ الوسط الفني وعالم الموضة في مصر والعالم العربي صباح اليوم، الإثنين، على خبر صادم ومحزن وفاة مصممة الأزياء المصرية جينا سلطان، التي غادرت الحياة بشكل مفاجئ، تاركة خلفها إرثًا من الإبداع وروحًا ملأى بالشغف.
أُعلن خبر وفاتها عبر صفحتها الرسمية على “فيس بوك”، مؤكّدين إقامة صلاة الجنازة بعد الظهر في مسجد الرحمن الرحيم بصلاح سالم، لتودعها محبيها وزميلاتها من العرائس والمصممات وأهل الفن بصمت موجوع.
من قاعة المحاضرات إلى منصات الأزياء
لم تكن جينا سلطان مجرّد مصممة أزياء، بل امرأة آمنت بأن الجمال رسالة، وبأن الفستان قد يحمل أكثر مما تراه العين. بدأت حياتها المهنية أستاذة في علم النفس بجامعة عين شمس، مسار أكاديمي مستقر ومحترم، لكنها لم تكتفِ بالنجاح التقليدي، بل قررت في لحظة شجاعة أن تتبع قلبها. تركت القاعات الجامعية لتصنع على الخيوط والأقمشة ما يشبه القصائد.
بدأت رحلتها في عالم الموضة عام 2003، ولكن انطلاقتها الفعلية جاءت عام 2008، عندما نظّمت أول عرض أزياء يحمل اسمها، معلنة ولادة اسم جديد سيصبح لاحقًا أحد أبرز الأصوات في عالم التصميم بمصر والعالم العربي.
امرأة ارتدت الجرأة وصممت للمجتمع لا للنخبة
عرفها الجميع بتصاميمها المختلفة، التي جمعت بين الجرأة والأناقة والهوية المصرية، وكانت صوتًا قويًا ضد النمطية. في زمنٍ سادت فيه الموضة المستوردة، كانت جينا تُصمم لكل امرأة مصرية، مهما كان وضعها الاجتماعي أو المادي، رافضة أن تحصر الجمال في طبقة واحدة.
وفي أكثر من لقاء، أكدت أنها ترى في كل عروس تختار من تصاميمها “ابنتها”، تعيش معها تفاصيل الحلم، وتمنحها جزءًا من قلبها في كل قطعة تخيطها بأناملها.
هجرة قسرية وعودة حالمة
غادرت جينا سلطان مصر عام 2011 عقب ثورة يناير والاضطرابات التي أعقبتها، في هجرة قسرية فرضها الخوف والقلق. لكن بمجرد سقوط حكم جماعة الإخوان، عادت إلى وطنها وهي تحمل الحنين والانتماء في حقيبتها، لتبدأ فصلًا جديدًا من الإبداع، وتشهد فترة تألق غير مسبوقة.
صعوبات لم توقفها… وأحلام لم تنتهِ
رغم النجاح، لم تكن الطريق مفروشة بالحرير. فقد واجهت جينا تحديات عدة، أبرزها قلة الخامات المحلية ونقص الكفاءات المدربة في مجال التصميم، إلا أنها لم تتوقف عن الإبداع. كانت دائمًا حاضرة في عروض الموضة الكبرى، وظهرت تصاميمها في مجلات عالمية، وأصبحت خيارًا مفضلًا لعشرات النجمات والعرائس.
ورثت عن والدها الطيار الراحل روح المغامرة والإقدام، واعتبرته دائمًا “بطلها الأول”، الذي ألهمها أن تطير حتى وإن لم تملك أجنحة.
جينا سلطان لم تكن مجرد اسم في عالم الأزياء، بل حالة فنية وإنسانية تركت بصمة مختلفة، ومثّلت نموذجًا للمرأة التي تختار شغفها على حساب الأمان، وتصنع من كل خيط حكاية، ومن كل فستان ذاكرة.