مصر – السابعة الإخبارية
مها الصغير.. في مشهد غير معتاد داخل الأوساط الفنية والثقافية، تفجرت مؤخرًا أزمة دولية ذات طابع فني وأخلاقي، بعدما اتهمت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لاش نيلسون، الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة ملكيتها الفكرية، ونسب إحدى لوحاتها إليها علنًا خلال ظهورها في برنامج «معكم منى الشاذلي»، وهو ما أشعل ردود فعل واسعة داخل وخارج مصر.
تعود فصول القضية إلى حلقة عُرضت ضمن البرنامج الشهير، ظهرت خلالها مها الصغير – المعروفة كمقدمة برامج ومصممة أزياء – وهي تستعرض لوحات فنية زعمت أنها من إنجازها الشخصي، من بينها لوحة بعنوان “صنعتُ لنفسي أجنحة” التي تعود في الأصل إلى نيلسون، وقد أنجزتها عام 2019.

مها الصغير: «سرقة علنية على الهواء»
ليزا لاش نيلسون لم تلتزم الصمت طويلًا، فقد نشرت في 12 يونيو منشورًا عبر صفحتها على فيسبوك جاء فيه: «من الرائع أن ترى عملك يُعرض على شاشة تلفزيونية في بلد كبير مثل مصر، لكن سيكون من الأفضل لو تم ذِكر اسمك». وتساءلت في المنشور عن دلالة هذا السلوك، مطالبة من أصدقائها الملمين بالعربية مساعدتها لفهم محتوى ما قيل في البرنامج بشأن اللوحة.
اللافت أن الفنانة لم تتهم مها الصغير مباشرة فقط، بل أوضحت أن ثلاثة فنانين آخرين وقعوا ضحية السطو على أعمالهم في نفس الحلقة. وقالت إن استخدام صورة عمل فني للترويج لنفسك، مع ادعاء أنه من إنتاجك، يدخل في نطاق «جريمة» بموجب القانون المصري والدولي، واتفاقية برن لحماية حقوق المؤلف.
رد منى الشاذلي: احترام للمبدعين
مع تزايد حدة التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، جاء الرد الرسمي من الإعلامية منى الشاذلي سريعًا، إذ نشرت عبر حسابها على إنستغرام صورة اللوحة المعنية، وأرفقتها بتعليق يقر بأحقية ليزا نيلسون في ملكيتها الفكرية. وكتبت: «نحترم المبدعين الحقيقيين ونقدّر إبداعاتهم الأصلية في كل المجالات».
هذا الرد اعتُبر من قبل كثيرين خطوة مهمة في احتواء الأزمة وتأكيدًا على التزام البرنامج بمبادئ احترام الإبداع والملكية الفكرية، إلا أنه لم يمنع استمرار تصاعد التفاعل، خصوصًا مع غياب أي تعليق أو توضيح مباشر من مها الصغير حتى لحظة إعداد المقال.
من هي ليزا لاش نيلسون؟
وُلدت نيلسون عام 1974 في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، وهي حاصلة على ماجستير في تصميم الأزياء، بدأت حياتها المهنية في تصميم المجوهرات، قبل أن تتحول إلى الفن البصري عام 2012، وتبدأ رحلة الرسم التي وصفتها بأنها «منفذ للتعبير الذاتي العميق».
تركز أعمال نيلسون على تجارب النساء والفتيات في مراحل النمو والتأملات النفسية، وتتميز لوحاتها باستخدام الألوان الزيتية وإظهار مشاعر مثل الحيرة والصراع الداخلي والبحث عن الذات. وقد صرحت مرارًا بأن فنها هو انعكاس لملاحظاتها اليومية وتجاربها الإنسانية.
تضامن مصري ورسائل اعتذار
في منشور لاحق، عبّرت الفنانة الدنماركية عن اندهاشها من حجم التعاطف المصري الذي تلقتْه عقب الأزمة. وقالت إنها لم تكن تتوقع كل هذا الدعم من الجمهور المصري، الذي أرسل آلاف الرسائل والتعليقات يعتذر فيها عن تصرف مها الصغير، مؤكدين أن ما حدث لا يُمثل قيم الفن أو المجتمع المصري.
كما كشفت أن العديد من الصحفيين المصريين تواصلوا معها لإجراء مقابلات، بل حتى بعض المحامين عرضوا الترافع عنها قانونيًا، مما جعلها تفكر جديًا في تحريك دعوى قضائية، على الرغم من أنها لم تحسم موقفها النهائي بعد.
وفي ختام منشورها، وجهت نيلسون رسالة مباشرة إلى منى الشاذلي: «شكرًا لكِ على الاعتذار العلني.. لكن هل من الممكن أن تفعلي الشيء نفسه تجاه الفنانين الثلاثة الآخرين الذين سُرقت أعمالهم أيضًا؟».
الرسالة الأهم: احترام الفن
بعيدًا عن تفاصيل الأزمة، حملت الحادثة رسالة قوية حول أهمية احترام حقوق الفنانين، وضرورة تحري الدقة والشفافية عند عرض الأعمال الفنية في البرامج أو عبر الإنترنت. في زمن أصبح فيه تداول الصور واللوحات أمرًا سهلًا، إلا أن الحقوق المعنوية والفكرية لا تزال قائمة، ويجب عدم تجاهلها أو استخدامها لأغراض تجارية دون إذن.
الواقعة فتحت أيضًا بابًا للنقاش حول مسؤولية القنوات الإعلامية ومقدمي البرامج في التدقيق بمحتواهم وتوثيقه، وعدم الاكتفاء بما يُقال أمام الكاميرا، خصوصًا عندما يكون الأمر متعلقًا بالإبداع، وهو أصدق ما يعكس هوية الإنسان والشعوب.

لا تعليق من مها الصغير حتى الآن
وفي حين اعتذرت منى الشاذلي، وأُزيلت المقاطع التي عرضت خلالها اللوحة من المنصات الرقمية، لا تزال مها الصغير ملتزمة الصمت، وهو ما يزيد من الضغط الجماهيري عليها لتقديم توضيح أو اعتذار، قد يُخفف من حدة الغضب ويوضح حقيقة ما حدث داخل كواليس البرنامج.
وفي انتظار تطورات القضية، تبقى “صنعت لنفسي أجنحة” أكثر من مجرد لوحة، بل رمزًا لمعركة متجددة من أجل حماية الفن من السطو، والاعتراف بالحق قبل أي شيء آخر.
منى الشاذلي و بعد الفضيحة الفنية الي حصلت في حلقتها مع مها الصغير نزلت اللوحة مع اسم الفنانة الدنماركية الحقيقة الي رسمتها.. الأستاذة مها لازم تتعالج في اقرب وقت!! انتي بتكذبي طول السنين دي؟!؟ و على مين و ليه؟!؟ pic.twitter.com/nG2Fs5gL6k
— AlSha3er (@lepoetepharaon) July 7, 2025