مصر – السابعة الإخبارية
مها الصغير.. لم تمرّ أيام على اعتراف الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة فنية للفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لاش نيلسون، حتى طفت على السطح أزمة جديدة تفجّر الجدل مجددًا حول احترام حقوق الملكية الفكرية في الوسط الإعلامي والفني.
هذه المرة، جاء الاتهام من فنان تشكيلي فرنسي معروف بلقب “سيتي” (Cité)، الذي اتهم الصغير بانتحال عدد من أعماله الفنية وعرضها على أنها من إبداعها، خلال ظهورها في أحد البرامج التلفزيونية المصرية الشهيرة.

مها الصغير: ظهور إعلامي يتحوّل إلى أزمة دولية
خلال إحدى الحلقات الأخيرة من برنامج الإعلامية منى الشاذلي، ظهرت مها الصغير لتتحدث عن أعمالها الفنية، وتستعرض لوحات فنية زعمت أنها رسمتها بنفسها، ضمن حديث عن “قوة التعبير البصري والنضال الإنساني من خلال الفن”.
لكن المفاجأة التي صدمت فنانين وجمهور الفن التشكيلي، جاءت بعد ساعات، حين بدأت صور اللوحات تنتشر على الإنترنت، ويقارنها متابعون بأعمال منشورة على حسابات لفنانين أجانب.
وأبرز ما تم تداوله كانت لوحة شهيرة بعنوان “صنعتُ لنفسي أجنحة” التي رسمتها الفنانة الدنماركية نيلسون عام 2019، وظهرت على شاشة البرنامج دون أي إشارة إلى الفنانة الأصلية، بل نُسبت لمها الصغير صراحة.
وسرعان ما ردّت نيلسون على الحادثة بمنشور على “إنستغرام”، وصفت فيه الأمر بـ”عملية سطو علني على العمل الفني”، مشددة على أن ما حدث يخرق اتفاقية برن الدولية لحماية حقوق المؤلف، ويُعد انتهاكًا صريحًا للقوانين المصرية والدولية على حد سواء.

فنان فرنسي ينضم إلى قائمة المُتهمين لمها الصغير
لم تتوقف ردود الفعل عند هذا الحد، حيث فجّر الفنان التشكيلي الفرنسي المعروف باسم “Cité” قنبلة جديدة، حين نشر منشورًا غاضبًا على حسابه الرسمي، قال فيه إنه تلقى عشرات الرسائل من متابعين مصريين يخبرونه بأن مها الصغير عرضت لوحاته على التلفزيون وزعمت أنها رسمتها.
وأوضح الفنان الفرنسي أن اللوحات التي ظهرت على الشاشة تحمل توقيعه الأصلي، بل ويظهر خلفها الاستوديو القديم الخاص به، ما يجعل عملية الانتحال واضحة وموثقة بالصوت والصورة.
وقال في منشوره: “الأسوأ من ذلك، أن اللوحات المعروضة مثل (دواركا) و(كيغالي) و(بوشيدو)، التي أبدعتها منذ عام 2017، ظهرت بالكامل على الشاشة، دون أي ذكر لاسمي أو احترامي كفنان. لقد شعرت بالإهانة.”
وأضاف:”في عام 2025، وفي زمن يمكن لأي شخص التحقق من أصل أي عمل خلال ثوانٍ على الإنترنت، من المذهل أن نرى هذا النوع من الاحتيال الثقافي يحدث علنًا وبدون خجل.”
واختتم الفنان منشوره بالإشارة إلى أنه لم يتلقَ أي اعتذار حتى الآن، لا من المذيعة ولا من القناة، ولا من مها الصغير نفسها، مشيرًا إلى أنه يحتفظ بحقه القانوني. اعتراف رسمي من مها الصغير.. ولكن هل يكفي؟
في خضم موجة الغضب، نشرت مها الصغير مساء الأحد بيانًا مقتضبًا على حسابها في “فيسبوك”، بدأت فيه بقولها: “أنا غلطت”.
وأضافت أنها تتحمل كامل المسؤولية عن خطئها في “نسبة أعمال فنية ليست لها”، موجهة اعتذارها للفنانة ليزا لاش نيلسون، ولجمهور الفن، وللمؤسسة الإعلامية التي ظهرت من خلالها، مؤكدة أن ما مرت به من ظروف شخصية صعبة “لا يبرر” الخطأ الذي ارتكبته.
واختتمت البيان بقولها: “أنا آسفة وزعلانة من نفسي”.
لكن الاعتذار، رغم أهميته، لم يكن كافيًا لتهدئة موجة الانتقادات المتصاعدة، خصوصًا بعد الكشف عن وقائع أخرى محتملة لانتحال أعمال فنية لفنانين آخرين، ما جعل البعض يصف الأمر بـ”فضيحة فنية غير مسبوقة” في الإعلام المصري.

القانون لا يرحم.. هل تتحرك الجهات الرسمية؟
من منظور قانوني، يُعد ما قامت به مها الصغير انتهاكًا واضحًا لقوانين حماية الملكية الفكرية، سواء المصرية أو الدولية، وقد تقع تحت طائلة العقوبات القانونية في حال تقدم أصحاب الحقوق الأصليين بشكاوى رسمية أو دعاوى قضائية.
وتنص القوانين المصرية، بموجب قانون حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، على أن نسب عمل فني إلى النفس دون إذن أو حقوق يعد جنحة يعاقب عليها القانون، وتصل العقوبات إلى الحبس أو الغرامة أو كليهما.
كما أن اتفاقية برن الدولية، التي وقعت عليها مصر، تلزم الدول الأعضاء بحماية حقوق المؤلف والاعتراف بها عبر الحدود، ما قد يفتح المجال أمام دعاوى دولية إذا استمرت القضية في التصاعد.
خاتمة: الفن ليس للسرقة.. بل للإبداع والاحترام
ما حدث مع مها الصغير يكشف عن ثغرة كبيرة في التعامل مع الفن وحقوق الفنانين في المشهد الإعلامي العربي. في عصر تنتقل فيه المعلومات والبيانات بسرعة البرق، لم يعد من السهل الادعاء أو تزوير الأعمال دون أن تُكشف الحقيقة.
مها الصغير سارقة صور لوحات من على النت و بتقول لمنى الشاذلى إنها لوحاتها♦️ pic.twitter.com/aV5OYSbu1m
— Khaled Elbana (@ElbanaKhaled) July 6, 2025