إنجلترا – السابعة الإخبارية
في الوقت الذي يستعد فيه العالم للاحتفال بأعياد الميلاد، قرر المدير الفني الإسباني بيب غوارديولا منح لاعبي مانشستر سيتي فرصة نادرة للابتعاد مؤقتاً عن ضغوط كرة القدم، عبر إجازة قصيرة تمتد لثلاثة أيام. غير أن هذه الراحة، التي بدت للوهلة الأولى مكافأة مستحقة بعد جدول مزدحم، جاءت محمّلة برسالة حازمة لا تقبل التأويل: أي لاعب يعود بوزن زائد، لن يكون ضمن حسابات مباراة الفريق المقبلة أمام نوتنغهام فورست في الدوري الإنجليزي الممتاز.
غوارديولا، المعروف بصرامته الشديدة فيما يتعلق بالانضباط البدني والغذائي، لم يُخفِ موقفه من مسألة الوزن، مؤكداً أن كل لاعب لديه رقم محدد وموثق، وسيخضع للفحص فور العودة من الإجازة. وأوضح المدرب الإسباني أن الإجازة لا تعني الانفلات، بل هي مساحة للاستشفاء الذهني والجسدي، بشرط الالتزام بالحدود التي يضعها الجهاز الفني.
وقال غوارديولا في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً: “يمكنهم تناول الطعام والاستمتاع بوقتهم، لكنني أريد السيطرة على الأمر. عندما يعودون يوم الخميس، سأكون هناك لأرى كيف عادوا. أي لاعب يصل بزيادة غير مقبولة في الوزن، سيبقى في مانشستر ولن يسافر معنا”. بهذه الكلمات، رسم المدرب خطاً فاصلاً بين الراحة المهنية والتراخي غير المقبول.

الانضباط كجزء من هوية مانشستر سيتي
لم يأتِ هذا الموقف من فراغ، فغوارديولا بنى على مدار سنوات هوية صارمة لفريقه، تقوم على الاحتراف الكامل داخل وخارج الملعب. النجاح الذي حققه مانشستر سيتي محلياً وقارياً لم يكن وليد الموهبة وحدها، بل نتيجة منظومة دقيقة تشمل التغذية، والاستشفاء، والمتابعة اليومية لكل تفصيلة تخص اللاعبين.
المدرب الإسباني يدرك أن فترة الأعياد غالباً ما تكون فخاً للرياضيين، خاصة في ظل وفرة الطعام وقلة الالتزامات التدريبية. لذلك، جاء تحذيره كرسالة وقائية قبل أن تتحول الكيلوغرامات الزائدة إلى مشكلة فنية داخل الملعب، تؤثر على الجاهزية البدنية وسرعة الأداء.
تجربة سابقة لا تُنسى
وليست هذه المرة الأولى التي يربط فيها غوارديولا الوزن بالمشاركة، إذ سبق له أن وجّه انتقادات علنية للاعب الوسط الإنجليزي كالفن فيليبس بعد عودته من كأس العالم 2022 بوزن زائد، وهي واقعة أثارت حينها جدلاً إعلامياً واسعاً، لكنها عكست بوضوح فلسفة المدرب القائمة على أن الاحتراف لا يتوقف عند صافرة نهاية المباراة.
تلك التجربة، بحسب متابعين، كانت درساً لبقية اللاعبين، ورسّخت قناعة بأن غوارديولا لا يتسامح مع أي خلل في الانضباط، مهما كان اسم اللاعب أو مكانته داخل الفريق.
بين الراحة والجاهزية
ورغم نبرته الصارمة، شدد غوارديولا على أهمية الراحة النفسية، معترفاً بأن جدول المباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز بات مرهقاً إلى حد كبير. وأوضح أنه تعلم منذ وصوله إلى إنجلترا أن منح اللاعبين أيام راحة مدروسة ينعكس إيجاباً على أدائهم، شرط أن يعودوا بذهنية وجسد جاهزين للمنافسة.
وقال: “اللاعبون بحاجة أحياناً لتصفية أذهانهم. كرة القدم اليوم لا تتوقف، والمباريات متلاحقة، لذلك أحاول قدر الإمكان منحهم مساحة للراحة، لكن ضمن إطار واضح من المسؤولية”.

مباراة فورست اختبار مبكر
تأتي هذه التصريحات في توقيت حساس، إذ يستعد مانشستر سيتي لمواجهة نوتنغهام فورست في مباراة لا تحتمل المجازفة، سواء على مستوى النتائج أو الأداء. غوارديولا يريد فريقاً جاهزاً بنسبة مئة في المئة، خاصة أن أي تراجع بدني قد ينعكس مباشرة على نسق اللعب العالي الذي يعتمد عليه.
وبين إجازة قصيرة وتحذير صارم، يوجّه المدرب الإسباني رسالة واضحة: الاحتراف الحقيقي لا يعرف عطلات مفتوحة، والالتزام يبدأ من أدق التفاصيل. في مانشستر سيتي، الوزن ليس رقماً على الميزان فقط، بل معياراً للجاهزية، والانضباط، والحق في ارتداء القميص يوم المباراة.
