القاهرة – السابعة الاخبارية
نانسي عجرم، في لقاء تلفزيوني حمل الكثير من الشفافية والدفء الإنساني، حلّت النجمة اللبنانية نانسي عجرم ضيفة على برنامج “معكم” مع الإعلامية منى الشاذلي عبر قناة ON، حيث فتحت قلبها للكاميرا وللمشاهدين، وروت محطات فارقة من بداياتها الفنية، مرورًا بالصعوبات التي واجهتها، وصولًا إلى مكانتها اليوم كأيقونة من أيقونات الغناء العربي.
لم يخلُ اللقاء من المشاعر والابتسامات والتأملات العميقة، خاصة حين تحدثت عن علاقتها بمصر، وعن مراحل العمر التي شكّلت فلسفتها الجديدة.
نانسي عجرم تكشف معركة الوقت بين النجومية والأمومة
بدأت نانسي الحديث عن حياتها اليومية التي تبدو مزدحمة حدّ الامتلاء، فهي فنانة مطلوبة على الدوام، وأم لثلاث فتيات يعشن مراحل عمرية دقيقة تتطلب متابعة مستمرة.
قالت بصراحتها المعهودة: “وقتي قليل جدًا… لديّ عائلتي وزوجي وبناتي الثلاث، كما لديّ فني وجمهوري الذي أحبه ويحبني. أحاول دائمًا الظهور أمامهم بأفضل صورة، وفي الوقت نفسه تبقى عائلتي أولويتي الأولى.”
هذه الجملة وحدها كانت كافية لتكشف الصراع الداخلي بين الالتزام العائلي والالتزام الفني، وكيف تحاول نانسي أن توازن بين عالمين لا يتوقفان عن الحركة. وبالرغم من إرهاق الوقت، بدت نانسي مقتنعة بأن الأمومة تضيف إلى فنّها الكثير من العمق والإنسانية، وأن وجود بناتها ينعكس عليها في كل خطوة.

التحوّل الكبير: ما الذي تغيّر بعد الأربعين؟
عرضت منى الشاذلي خلال اللقاء بوستر ألبومها الأخير “Nancy 11″، والذي ظهرت فيه نانسي بشخصيتين. هذا التفصيل البصري دفع الفنانة للحديث عن التحول الداخلي الذي تعيشه اليوم.
قالت إن تصميم البوستر لم يكن مجرد فكرة جمالية، بل ترجمة لحالة جديدة تعيشها: حالة دعم للذات، وفخر بما حققته، وتخفيف للضغط الذي كانت تفرضه على نفسها سابقًا.
وأضافت نانسي أن دخولها سن الأربعين قبل عامين كان محطة مراجعة مهمة، جعلتها تعيد ترتيب علاقتها بذاتها وتقبل مسيرتها بحب وامتنان.
وقالت: “العمر بالنسبة إليّ طاقة وروح. ما زلت أحتفظ بمرحي الداخلي، وبالطفلة اللي جوايا.”
ولعلّ هذا التصالح مع النفس هو ما منح نانسي هدوءها ووضوحها في اللقاء، وكأنها تعلن بداية فصل جديد من حياتها، أكثر نضجًا ووعيًا وسكينة.
“هذه حياتي ولا خيار آخر”… فلسفة نانسي الجديدة
واحدة من الجمل التي توقّف الجمهور عندها كثيرًا كانت حين قالت نانسي:
“هذه حياتي، ولا خيار آخر… حياتي جميلة، والله منحني الكثير من النعم وأنا أقدّرها.”
تحدثت عن الامتنان كطريقة حياة، وعن قدرتها على الاستيقاظ كل صباح بإحساس بالرضا، رغم الضغوط والتحديات.
أوضحت أن كل تجربة خاضتها، وكل لقاء جمعها بالناس، كان درسًا أضاف لها شيئًا.
قالت بتفصيل مؤثر:
“كل الأشخاص اللي التقيت فيهم علّموني. في ناس علّموني شو لازم أعمل، وناس علّموني شو ما لازم أعمل. وفي النهاية الإنسان يختار… وأنا اخترت اللي يناسب حياتي وطريقة تفكيري.”
بدت كلماتها مفعمة بالتجربة، وكأنها تلخص رحلة مليئة بالدروس، خاضتها على المسرح وخارجه.
محطات الطفولة… والدٌ آمن بالموهبة قبل العالم
استعادت نانسي طفولتها بحنين واضح، وروت كيف لعب والدها دورًا أساسيًا في دعمها منذ اللحظة الأولى.
قالت إن والدها كان يلتقط صورها ويعلّقها أمام المدرسة إعلانًا عن حفلاتها، رغم اعتراض المدير على ذلك.
وتابعت:
“المدير كان يقلّو إن عليي ركز بالدراسة، بس بابا ما توقف. كان مؤمن بموهبتي، وكان يشوف فيي الفنانة قبل ما العالم كله يشوف.”
هذه القصة فتحت بابًا جديدًا في الحديث عن بداياتها، وعن حجم التحديات التي واجهتها عندما كانت طفلة تقف على المسرح قبل أن تحفظ الأبجدية كاملة.
“أنا مصري”… أغنية قلب قبل أن تكون أغنية جمهور
من المحطات التي أكدت فيها نانسي ارتباطها بمصر، حديثها عن أول حفلة جماهيرية لها في القاهرة، والتي شكّلت نقطة تحول حقيقية في مسيرتها.
قالت إنها بعد تلك الليلة شعرت برغبة كبيرة في تقديم أغنية مهداة لمصر وشعبها.
وهكذا ولدت أغنية “أنا مصري” التي ما تزال تحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور.
وأضافت بتأثر واضح:
“أتمنى أن أقضي وقتًا أطول في مصر… بحب شوارعها وناسها ومعالمها. بحس بانتماء حقيقي لها.”
هذا الانتماء بدا عميقًا لدرجة أن نانسي تحدّثت عنه كحقيقة شعورية لا مجرد علاقة فنية.
الانتقادات الأولى… ونجاح يثبت نفسه
تحدثت نانسي بصراحة عن الانتقادات القاسية التي واجهتها في بداياتها، وكيف شكّك البعض في قدرتها على الاستمرارية.
قالت:
“قالوا موجة وهتنتهي… أو موضة وهتختفي. بس أنا كان عندي إصرار من وأنا صغيرة. والنجاح اللي حققته ما كان صدفة.”
أكدت أنها عانت في مراحل سابقة من ضغط كبير كانت تفرضه على نفسها، لكنها اليوم تنظر إلى مسيرتها بعين الرضا، لأنها تدرك أن كل خطوة فيها كانت نابعة من مجهود وإصرار حقيقيين.
وأضافت:
“اليوم أنا أتفهّم الضعف الإنساني… وأحتفل بنجاحاتي. العمر بالنسبة إلي روح مش رقم.”

نانسي اليوم… امرأة ناضجة، طفلة من الداخل، وفنانة لا تزال في قمة العطاء
من خلال هذا اللقاء، بدا واضحًا أن نانسي عجرم تعيش مرحلة توازن نادرة بين النضج الفني والراحة الداخلية.
فهي اليوم أكثر جرأة في الاعتراف بمخاوفها وسعادتها، وأكثر وضوحًا في رؤيتها لحياتها، وأكثر امتنانًا لكل ما وصلت إليه.
تجربتها لم تعد مجرد سلسلة نجاحات فنية، بل رحلة إنسانية كاملة، تولد فيها النجمة والمرأة والأم من جديد مع كل مساء وقفة وتأمل.
وبينما تواصل نانسي تقديم أعمال جديدة وتطوير مسيرتها، يبدو أنها تتبنى فلسفة حياة أكثر بساطة وعمقًا:
“افرح بما لديك… واحتضن نفسك… لأن الحياة، بكل ما فيها، تستحق أن تُعاش.”
