القاهرة – السابعة الاخبارية
نبيلة عبيد، في خطوة غير متوقعة لكنها مليئة بالعاطفة، وجهت الفنانة القديرة نبيلة عبيد نداءً مؤثرًا للسلطات المصرية، ناشدت فيه تحويل شقتها التي تقيم فيها إلى “مزار فني” يحمل ذكريات مسيرتها الفنية الطويلة. وتعتبر الشقة بالنسبة لعبيد، أكثر من مجرد مكان للعيش؛ هي مرآة لتاريخ فني طويل وحافل، شهد العديد من اللحظات المهمة في حياتها المهنية والشخصية. فقد كانت هذه الشقة بمثابة «خزانة أسرار» تحتوي على العديد من المقتنيات التي تحكي قصة رحلة فنية، تراوحت بين الأفلام المميزة والشخصيات التي لعبتها عبر سنوات طويلة.
نبيلة عبيد توجه نداءٌ صادق للحفاظ على الذكريات الفنية
في مداخلتها الهاتفية مع برنامج “الستات”، الذي تقدمه الإعلاميتان سهير جودة و مفيدة شيحة عبر فضائية “النهار”، تطرقت عبيد إلى جانب من حياتها الشخصية والفنية، حيث أكدت على رغبتها في أن تظل شقتها مرجعية فنية تُخلّد تاريخها. قالت: “عاوزة أسيب أثر كويس بعد وفاتي، زي ما تركت أثر كويس من بداياتي في السينما”. وأضافت أن الشقة تضم العديد من المقتنيات التي تُعبّر عن مشوارها الفني، مثل الملابس التي ارتدتها في شخصياتها الشهيرة التي جسدتها في أفلام مثل “رابعة العدوية” و “الراقصة والسياسي”.
مقتنيات قيمة تحمل بين طياتها الكثير من الذكريات
على الرغم من أن نبيلة عبيد لم تتحدث عن رغبتها في بيع الشقة أو مغادرتها، إلا أن فكرتها عن تحويلها إلى “مزار فني” تُمثل بالنسبة لها الوسيلة الأمثل للحفاظ على تاريخها. الشقة، كما قالت، تحتوي على صور نادرة تجمعها مع كبار الفنانين المصريين والعرب، بالإضافة إلى مقالات صحفية ومجلات تتضمن لقاءات لها، توثق لحظات مهمة من حياتها. وكان هذا بمثابة الجسر الذي يربط ماضيها بحاضرها، حيث كانت دائمًا مكانًا يرتبط بالذكريات والإنجازات.
الذكريات الشخصية والتضحية من أجل الفن
لكن اللافت في مداخلتها هو الحديث عن حياتها الشخصية وتضحيها الكبيرة من أجل الفن. أكدت عبيد أنها لم تتزوج ولم تنجب أولادًا، ما يجعلها تشعر بالقلق حيال مصير مقتنياتها بعد وفاتها. وقالت بلهجة مليئة بالحزن والقلق: “أنا لم أتزوج وضحيت بعمري كله عشان الفن، مين هيحتفظ بالصور والمجلات دي بعد وفاتي؟ بكرة ألاقيها بتتباع في سور الأزبكية؟!”. هذه الكلمات عبرت عن القلق الذي تشعر به الفنانة الكبيرة حول ضياع إرثها الفني بعد وفاتها، حيث لا يوجد لها ورثة يرثون هذا التاريخ.
لقد عاشت نبيلة عبيد طوال حياتها مع والدتها التي كانت شريكة حياتها ورفيقتها في كل مراحل حياتها، مما جعل الشقة التي تقيم فيها مليئة بذكريات لا تقدر بثمن. وأشارت في حديثها إلى أن “أمي كانت شريكة حياتي، أنا لم أتزوج ولا خلفت، لكن أمي التي عاشت معي وعاصرتني في هذه الشقة، هي التي قابلت كل الفنانين والنجوم والمخرجين”. هذه الكلمات تعكس مدى التعلق العاطفي الذي تشعر به عبيد بمكان إقامتها، وهي بالتأكيد جزء من روحها ومسيرتها.
قانون الإيجار القديم: هل يتغير الوضع؟
في معرض حديثها، تطرقت عبيد أيضًا إلى التعديلات التي تم إقرارها مؤخرًا على قانون الإيجار القديم في مصر، مشيرة إلى أن هذه التعديلات قد تؤثر على وضعها القانوني في الشقة التي تقيم فيها. عبيد أوضحت أنها لا تمانع زيادة قيمة الإيجار، لكنها كانت تفتقر إلى معلومات حول إمكانية شراء الشقة من مالكيها. وأكدت أنه لم يُطرح عليها من قبل فكرة شراء الشقة، وأنها لا تعلم ما إذا كانت العمارة ستظل تحت سيطرة الملاك الحاليين أو ستنتقل للورثة.
وقالت عبيد: “هم مقسمين العمارة على الورثة، ولم يخطر على بالهم ولا فاتحوني في موضوع البيع”. هنا، عبرت عن انعدام قدرتها على التحكم في مصير شقتها بعد التعديلات القانونية التي قد تؤثر على النظام الحالي للإيجار، مما زاد من شعورها بالقلق بشأن مستقبل المكان الذي شهد كل محطات حياتها.
الفن والمكان: علاقة لا تنفصم
تحولت شقة الفنانة نبيلة عبيد، عبر سنوات طويلة، إلى مكان مقدس يحمل الكثير من الذكريات والمشاعر المرتبطة بالفن والحياة الشخصية. هذه الشقة، كما أكدت عبيد، ليست مجرد جدران وأثاث؛ بل هي شاهد على مسيرة فنية رائعة، حيث شهدت تحولات كبيرة في حياتها وحياة الكثير من الفنانين والمبدعين الذين كانوا يزورونها. بل إن عبيد ترى أن الشقة هي جسر يربط ماضيها الفني بحاضرها، وهو المكان الذي لا يمكن أن تراه ينتهي أو يُنسى بسهولة.
مستقبل المقتنيات الفنية بعد وفاتها
أحد أكثر الموضوعات حساسية في حديث عبيد كان مستقبل المقتنيات الفنية التي تحمل تاريخها. فقد أكدت أنها تخشى أن تُباع تلك الصور والمجلات التي تحتوي على لقاءات ومقاطع صحفية كانت تمثل جزءًا من تاريخ الفن المصري. وكما قالت في حديثها: “أنا كل حاجة حلوة عملتها في الشقة دي، ولما بفتح بالمفتاح وأخش بشم ريحة أمي”. هذا الشعور بالتعلق بالمكان وبالذكريات يجسد العلاقة الحميمة بين الفنان وموطنه الفني.
الخاتمة: نداء عبيد يبقى مسموعًا
نبيلة عبيد تترك وراءها أكثر من مجرد إرث فني، بل هي تجربة حياة مليئة بالحب والتضحية من أجل الفن. من خلال نداءها بتحويل شقتها إلى “مزار فني”، تعكس حرصها الشديد على الحفاظ على تاريخها الفني والاعتراف به كمحطة هامة في تاريخ السينما والمسرح المصري. وقد يكون هذا النداء بمثابة تحفيز للمجتمع الفني والثقافي المصري على ضرورة الحفاظ على التراث الفني ليظل شاهدًا حيًا على أعمال أعظم فناني هذا الجيل.