مصر – السابعة الإخبارية
نبيلة عبيد.. أطلقت الفنانة المصرية القديرة نبيلة عبيد نداءً إنسانيًا وفنيًا في آنٍ واحد، موجّهة إلى الجهات المعنية، للتدخل من أجل حماية شقتها التي تقيم فيها بنظام الإيجار القديم، والتي تعتبرها أكثر من مجرد مسكن؛ بل “أرشيفًا حيًا” لمسيرتها الطويلة في عالم السينما، وذاكرة شخصية ووطنية توثق نصف قرن من العطاء الفني.
جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية للفنانة في برنامج “الستات” على قناة النهار، حيث أعربت عن انزعاجها الشديد من التعديلات الأخيرة على قانون الإيجار القديم، مؤكدة أن الشقة الواقعة في شارع جامعة الدول العربية باتت مهددة، ما يضع “تاريخها الفني بأكمله في مهب الريح”، حسب تعبيرها.

نبيلة عبيد: شقة شاهد على حياة فنية استثنائية
لم تكن كلمات نبيلة عبيد عاطفية فقط، بل خرجت من قلب فنانة أفنت عمرها في خدمة السينما المصرية، وقدمت خلالها عشرات الأدوار التي طبعت في وجدان الجمهور العربي. الشقة التي تسكنها منذ عقود، والتي ورثتها عن والدتها، تمثل بالنسبة لها “حافظة ذكريات” و”خزينة فنية” تضم أرشيفًا نادرًا من الجوائز والمقتنيات، وملابس الشخصيات التي أدتها، بالإضافة إلى مجلات وصور تجمعها بكبار النجوم.
قالت عبيد: “هذا المكان ليس مجرد جدران وأسقف، إنه متحف مصغر يحتوي على تاريخي، وكل من أحبّني فنيًا سيجد فيه شيئًا منه”. وأضافت بأسى: “حين أرحل، من سيحافظ على الصور والمجلات؟ هل ستنتهي في سور الأزبكية تُباع بالكيلو؟”
تعديلات القانون.. تهديد لذكريات الملايين
يتزامن قلق نبيلة عبيد مع بدء الحكومة المصرية مناقشة تعديلات جذرية على قانون الإيجار القديم، الذي وُضع قبل أكثر من 75 عامًا. ويستند مشروع القانون إلى حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية، ما يمهّد لإنهاء عقود الإيجار القديمة تدريجيًا.
ويضع القانون المقترح حدًا أدنى للإيجارات الجديدة يبدأ من 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى، مع زيادات سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات. وعلى الرغم من وعود الحكومة بعدم المساس بالفئات الهشة، فإن التعديلات أثارت مخاوف واسعة من أن تؤدي إلى نزاعات اجتماعية واقتصادية، خصوصًا أن نحو 6 ملايين مواطن يعيشون في عقارات خاضعة لهذا النظام.
في هذا السياق، تبدو قضية نبيلة عبيد نموذجًا مصغرًا لصراع أكبر بين الحفاظ على حقوق المالكين، وضمان استقرار المستأجرين، خاصة من كبار السن أو من يمثلون قيمة معنوية ووطنية لا تُقدر بثمن.

لا تمانع في الزيادة.. لكن لا للترحيل
نبيلة عبيد أوضحت أنها لا ترفض زيادة الإيجار إذا كان ذلك في إطار معقول، لكنها تشعر بالخوف من أن تفقد هذا المكان الذي احتضنها طوال حياتها، خصوصًا أن ملاك العقار – حسب قولها – لم يعرضوا عليها يومًا فكرة شراء الشقة، بسبب انقسام الملكية بين الورثة، وعدم وجود جهة واضحة يمكن التفاوض معها.
كما شددت على رغبتها في تحويل الشقة إلى متحف فني يُفتح للجمهور بعد وفاتها، يوثّق مراحل تطورها كممثلة وصدى أعمالها الفنية لدى الناس. وقالت: “لا أريد شيئًا لنفسي، أريد فقط أن أترك أثراً.. متحفًا يحكي حكاية نبيلة عبيد، كما تركت أفلامي أثراً في الناس”.
مسيرة فنية لا تنسى
تنتمي نبيلة عبيد إلى الجيل الذهبي للسينما المصرية. بدأت مشوارها في ستينيات القرن الماضي، وانطلقت بقوة من خلال فيلم “رابعة العدوية” عام 1963، ثم أصبحت نجمة شباك في السبعينيات والثمانينيات، وقدمت مجموعة من الأفلام التي ناقشت قضايا مجتمعية وسياسية مثل “كشف المستور”، “الراقصة والسياسي”، “المرأة والساطور”، و”اغتيال مدرسة”.
ومع بداية الألفية الثالثة، انتقلت بثقلها الفني إلى الدراما التلفزيونية، وقدمت أعمالاً لافتة مثل “العمة نور” و”كيد النساء 2″، وكان آخر ظهور فني لها عام 2020 من خلال مسلسل “سكر زيادة”، الذي جمعها بزميلتها نادية الجندي.
نداء للجهات المعنية
في ظل تصاعد الجدل حول قانون الإيجار القديم، وجّهت نبيلة عبيد نداءً عاجلاً للوزارات والجهات الثقافية المعنية، وعلى رأسها وزارة الثقافة، للمساهمة في إيجاد حل يضمن استمرار هذا “الكيان الرمزي” الذي لا يمثل فقط تاريخ فنانة، بل جزءًا من الذاكرة الفنية لمصر كلها.
واختتمت مداخلتها بقولها: “من حقي أعيش بكرامة، ومن حق تاريخي أن يُحترم. الشقة دي مش ملكي.. لكنها ملك الجمهور اللي أحب أفلامي، وملك الفن اللي خدمتُه طول عمري”.
👻👻👻اعجوبه من عجائب الزمن شقه ايجار قديم نبيله عبيد pic.twitter.com/8oL6T8AeQL
— ☄️خربشة السابع عشر☄️🌐(عفريته هانم سابقا) (@MNnmmjj67824) July 5, 2025