القاهرة – السابعة الاخبارية
نجاة الصغيرة، عودة جديدة تحمل الكثير من الشجن والدهشة، فقد ظهرت الفنانة نجاة الصغيرة لأول مرة منذ فترة طويلة في زيارة رسمية للعاصمة الإدارية الجديدة، لتعيد معها وهج حقبة كاملة من زمن الفن الأصيل.
هذا الظهور الذي خطف الأنظار جاء وسط اهتمام كبير من الوسط الإعلامي والجمهور، بعدما استقبلها الكاتب الصحفي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، داخل مقر الهيئة، في لحظة احتفاء برمز من أكبر رموز الغناء العربي عبر تاريخه الممتد.
نجاة الصغيرة وزيارة تحمل رمزية خاصة للفن المصري
استقبال نجاة الصغيرة داخل مقر الهيئة الوطنية للإعلام لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل خطوة تعبّر عن تقدير مؤسسات الدولة لرموز الفن الذين أسهموا في تشكيل الوجدان العربي. اللقاء جاء في إطار سياسة جديدة تهدف لإبراز قيمة الكبار والاحتفاء بتاريخهم الفني، خاصة في لحظة ثقافية يشهد فيها المشهد تحولات واسعة، ويبحث الجمهور دائمًا عن جذوره الفنية التي ترتبط باسم نجاة وغيرها من أساطين الغناء العربي.
جولة نجاة الصغيرة داخل مدينة الثقافة والفنون
وقبل وصولها إلى مقر الهيئة، بدأت الفنانة جولتها داخل دار الأوبرا بمدينة الثقافة والفنون، برفقة المهندس خالد عباس رئيس شركة العاصمة، والكاتب أحمد المسلماني، واللواء دكتور أسامة عبد العزيز مدير المدينة.
الجولة شملت المسرح الكبير، الذي يُعد أحد أهم معالم النشاط الفني في العاصمة الجديدة، وحمل الزيارة معنى خاصًا بالنظر إلى تاريخ نجاة الطويل مع المسارح الكبرى في مصر والعالم العربي.
زيارتها لهذا الصرح أعاد ذاكرة جمهورها إلى ليالٍ غنائية لا تُنسى، حين كان المسرح هو بيتها الأول ومساحتها المفضّلة لبث المشاعر والقصائد.

المسرح الكبير يستعيد وهجه أمام الأسطورة
وقوف نجاة الصغيرة داخل المسرح الكبير حمل أبعادًا رمزية؛ فهنا تتقاطع ذاكرة الفن مع حاضر الثقافة المصرية، وهنا يقف صوت الزمن الجميل بملامحه المعروفة وسط مسرح يمثل المستقبل.
حضورها داخل المكان جسّد لقاء بين الإرث والتجديد، بين التاريخ الذي صنعته نجاة بعنوانين مثل أيوب المصري، وعيون القلب، و أسألك الرحيلا، وبين رؤية الدولة لصناعة فن حديث يقف على أكتاف التراث دون أن ينفصل عنه.
تصوير لحظة نادرة في الذاكرة العربية
الصور التي خرجت من هذه الزيارة لم تكن عادية بالنسبة للجمهور؛ فظهور نجاة الصغيرة، التي فضّلت لسنوات الابتعاد عن الأضواء، اعتبره الجمهور حدثًا استثنائيًا يعيد تفاصيل زمن كامل. جمهورها، الذي لم ينسَ صوتها ولا ملامحها، استقبل ظهورها بموجة من الحنين. هذا الظهور، الذي جاء في إطار رسمي، فتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة مجرد زيارة رمزية أم مقدمة لعودة مرتبطة بمشروعات فنية أو وثائقية أو احتفاء رسمي بتاريخها.
نجاة الصغيرة.. رحلة فنية لا تشبه غيرها
تاريخ نجاة الصغيرة الفني قائم على ملامح من التفرد. منذ انطلاقتها في خمسينيات القرن الماضي، شقت طريقًا مختلفًا بصوت شديد النقاء، وإحساس عميق جعل كبار الملحنين والشعراء يتسابقون للعمل معها. عبد الرحمن الأبنودي، كمال الطويل، محمد الموجي، بليغ حمدي، وحتى الشيخ زكريا أحمد، جميعهم وقعوا أعمالًا صنعت جزءًا من ذاكرة الغناء العربي، وهي أعمال لا تزال حيّة في الأذهان إلى اليوم.
اعتزال طويل وعودة خفيفة بصوتها في 2017
ورغم اعتزالها الغناء رسميًا في عام 2002، إلا أن صوتها عاد للحياة في 2017 عبر أغنية كل الكلام التي قدمتها كتحية لجمهورها. ورغم أن ظهورها العلني ظل نادرًا، إلا أن جمهورها كان دائم البحث عن أخبارها، خاصة بعد أن أصبح حضورها جزءًا من الذاكرة المشتركة لثلاثة أجيال.
لحظة مؤثرة في حفل الجوي أووردز بالرياض
في يناير 2024 عادت نجاة الصغيرة للظهور على المسرح العربي من خلال مشاركتها المؤثرة في حفل جوي أووردز بمدينة الرياض، حيث أدَّت مقطعًا من أغنيتها الشهيرة عيون القلب وسط تفاعل واسع من الحاضرين، في لحظة شعورية رفيعة أعادت الجمهور إلى جماليات صوت لا يتكرر. هذا الظهور حظي باهتمام عربي كبير، وأعاد اسمها إلى العناوين مجددًا.
نجاة الصغيرة.. آخر من بقي من جيل عمالقة الطرب
تحمل نجاة الصغيرة اليوم قيمة تاريخية خاصة، فهي آخر من بقي حيًّا من مطربي نشيد الوطن الأكبر، وأيضًا آخر المطربين الذين تعاونوا مع الشيخ زكريا أحمد، ما يجعل ظهورها في كل مرة حدثًا يعيد للأذهان حجم الإرث الفني الممتد الذي تحمله. وقد حافظت نجاة طوال مسيرتها على مسافة كبيرة من الضوضاء الإعلامية، مفضّلة أن يبقى فنها هو الصوت الذي يتحدث عنها.

تكريم معنوي لرمز لا يغيب
زيارة نجاة الصغيرة لمقر الهيئة الوطنية للإعلام لم تكن مجرد لقاء، بل تحمل رسالة تقدير لرمز فني قدم ما يفوق ستة عقود من الفن الراقي. هذا التكريم المعنوي يفتح الباب أمام مبادرات مستقبلية لتوثيق تجربتها، وإعادة عرض أعمالها بصيغ حديثة تليق بتراثها وتصل إلى الأجيال الجديدة التي ربما لم تعش فترة ازدهارها الفني لكنها تعي قيمة الصوت الذي شكّل جزءًا من جماليات الغناء العربي.
عودة تتجاوز الزيارة الرسمية
ورغم أن الزيارة كانت بروتوكولية في ظاهرها، إلا أن ظهور نجاة الصغيرة حمل في داخله أبعادًا عاطفية وثقافية أعمق. عودتها إلى مسرح كبير داخل مدينة الثقافة، ثم استقبالها داخل الهيئة الوطنية للإعلام، أشارا إلى رغبة رسمية في تقدير الإرث الفني المصري، ورغبة جماهيرية في رؤية من تبقى من أساطين الغناء الحقيقي. هذه العودة، حتى لو كانت قصيرة، أثبتت أن حضور نجاة لا يزال قادرًا على التأثير وإعادة صياغة مشهد كامل من الشجن والحنين والجمال.
خاتمة… ظهور يعيد للقلب أغانيه القديمة
في النهاية، يبقى ظهور نجاة الصغيرة أكثر من حدث إعلامي؛ إنه لحظة تستعيد فيها ذاكرة الفن العربي جزءًا من نفسها. فالمطربة التي حملت صوتًا لا يُشبه سواه ما زالت قادرة على لمس القلوب بمجرد وجودها، دون أن تغني، ودون أن تتكلم إلا قليلًا. وها هو حضورها الأخير يذكّر الجميع بأن نجاة الصغيرة ليست مجرد صفحة من الماضي، بل جزء من وجدان حيّ لا يزال يضيء كلما ظهرت، ويعيد تعريف معنى الفن الأصيل في زمن سريع التغيّر.
