مصر – السابعة الإخبارية
خضعت الإعلامية والفنانة المصرية القديرة نجوى إبراهيم خلال الأيام الماضية لعملية جراحية دقيقة في أحد المستشفيات بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد تعرضها لحادث سير مروّع أثناء قضائها عطلتها السنوية هناك.
وأكدت الإعلامية، في تصريحات خاصة لوسائل إعلام مصرية، أن الحادث وقع نتيجة اصطدام سيارة بسيارتها بشكل مفاجئ، ما استدعى تدخلاً طبياً عاجلاً لإجراء عملية دقيقة، مشيرة إلى أن العملية تكللت بالنجاح وأن حالتها الصحية الآن مستقرة وتتحسن تدريجياً.
وقالت نجوى إبراهيم، التي تحظى بمحبة ملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي، إنها توجه الشكر للطواقم الطبية الأمريكيةالتي أشرفت على علاجها، مؤكدة أنها تلقت دعماً نفسياً كبيراً من عائلتها وأصدقائها وجمهورها، الذين لم يتوقفوا عن التواصل والدعاء لها منذ انتشار خبر الحادث.
وأضافت: “الحمد لله مرت الأزمة على خير، العملية كانت صعبة لكنني خرجت منها أقوى وأكثر امتناناً للحياة. دعوات الناس كانتسبباً في قوتي.”

مسيرة من العطاء والوعي الإنساني
تُعد نجوى إبراهيم، التي يُطلق عليها جمهورها لقب “ماما نجوى”، من أبرز رموز الإعلام المصري والعربي، حيث اشتهرت بأسلوبها الإنساني الهادئ وقدرتها على تقديم محتوى يجمع بين الفكر والقيم الاجتماعية.
بدأت مسيرتها في التلفزيون المصري في السبعينيات، وقدّمت عدداً من البرامج التي تركت أثراً كبيراً في الوعي الجمعي العربي، مثل “صباح الخير يا مصر”، و“فرح كليب”، و“بيت العائلة”، و“استديو 80”، و“نادي الأطفال”الذي أحبها من خلاله جيل كامل من الصغار الذين تربوا على نصائحها ومواقفها التربوية.
وعلى مدار عقود، استطاعت الإعلامية الكبيرة أن تحافظ على صورتها كرمز للأم المثقفة والقدوة الصالحة، سواء على الشاشة أو خارجها، من خلال مشاركتها المستمرة في البرامج الاجتماعية وحملات التوعية الخاصة بالأسرة والتربية والتعليم.
رسائل مؤثرة حول الأسرة والتربية
لم يكن حضور نجوى إبراهيم مقتصراً على الشاشة فقط، بل كانت ولا تزال صوتاً قوياً في الدفاع عن القيم الأسرية وحقوق الطفل.
ففي إحدى حلقات برنامجها الإذاعي الأخير، وجهت رسالة مؤثرة إلى الأزواج حول ضرورة تجنّب الخلافات أمام الأبناء، قائلة:
“الطفل بعد ما يتفرج على خناقاتكم بيبقى كيان محطم، وتظل هذه التجربة مؤثرة معه سنوات طويلة.”
ولاقت كلماتها صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشاد كثيرون بقدرتها على تبسيط المفاهيم النفسية والتربوية بلغة قريبة من الناس.
كما أثارت تصريحاتها الأخيرة حول دور رعاية المسنين نقاشاً كبيراً، بعدما قالت إن إرسال الوالدين إليها ليس بالضرورة تصرفاً سلبياً، موضحة أن “هناك حالات تحتاج إلى رعاية طبية متخصصة لا يستطيع الأبناء تقديمها بسبب ظروف العمل أو السفر”، معتبرة أن “المهم هو الحب والاهتمام، وليس فقط المكان الذي يعيش فيه الأهل.”
من الإعلام إلى السينما.. حضور استثنائي على الشاشة
ورغم شهرتها الواسعة كمذيعة، فإن نجوى إبراهيم حققت نجاحاً كبيراً في عالم التمثيل أيضاً، إذ قدّمت مجموعة من الأعمال السينمائية والدرامية التي لا تزال راسخة في الذاكرة الفنية، منها أفلام “الأرض” مع يوسف شاهين، و“العصفور”، و“فجر الإسلام”، و“الرجل الذي فقد ظله”، و“الكدابين الثلاثة”.
وبفضل موهبتها الطبيعية وأسلوبها الرقيق، استطاعت أن تنتقل بسلاسة بين التقديم والتمثيل، محتفظة بمكانة مميزة جعلتها من القلائل الذين جمعوا بين الحضور الإعلامي والفني دون أن يفقدوا مصداقيتهم.

جذور إنسانية ومسيرة عائلية
وُلدت نجوى إبراهيم في 28 أبريل 1946 بالقاهرة، وتخرجت في مدرسة مصر الجديدة الثانوية للبنات، قبل أن تبدأ مشوارها المهني في التلفزيون المصري.
تزوجت عام 1965 من مروان كنفاني، شقيق الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، وأنجبت منه ولدين، وظلت تحافظ على علاقة طيبة بأسرة كنفاني حتى بعد الانفصال.
وتقول نجوى دائماً إن ارتباطها بتلك العائلة الأدبية والفكرية شكّل جزءاً من وعيها الإنساني والثقافي، إذ تعلمت من غسان كنفاني أن “الفن مسؤولية قبل أن يكون شهرة”.
عودة مرتقبة إلى الشاشة
رغم الأزمة الصحية التي مرت بها، أكدت مصادر مقربة من الإعلامية الكبيرة أنها تعتزم العودة إلى القاهرة خلال الأسابيع المقبلة، بعد استكمال فترة النقاهة في الولايات المتحدة.
كما كشفت مصادر داخل الهيئة الوطنية للإعلام أن هناك مفاوضات لإعادتها إلى الشاشة ضمن برنامج اجتماعي جديد مخصص للأسرة والطفل، يجري الإعداد له ليُعرض مطلع العام المقبل.
ومن المتوقع أن تكون عودتها محطة مؤثرة لجيلين من المشاهدين؛ جيل تربى على صوتها الدافئ، وآخر يبحث في زمن السرعة عن الإعلام الهادئ الذي يحمل رسالة ومعنى.
إرث من الضوء والإنسانية
تبقى نجوى إبراهيم حالة استثنائية في الإعلام العربي، لأنها مزجت بين الثقافة والبساطة، والاحتراف والعطاء، فصنعت لنفسها مكانة لا ينافسها فيها أحد.
وبينما تتعافى اليوم من أوجاع الحادث، تواصل “ماما نجوى” تقديم دروس جديدة في الصبر والإنسانية، مؤكدة أن الحياة تستحق دائماً أن تُعاش بامتنان، مهما كانت الصعوبات.
