بيروت – السابعة الاخبارية
نيقولا معوض، أثار الممثل اللبناني نيقولا معوض ضجة كبيرة مؤخرًا بعد تصريحاته الصريحة التي هاجم فيها الفنان فضل شاكر، وذلك على خلفية دعم البعض له واحتفائهم بعودته إلى الساحة الفنية. لكن معوض خرج لاحقًا بتوضيح موسّع عبر حسابه على إنستغرام، مؤكدًا أن ما قاله كان بدافع “حب الوطن والغيرة على جيشه”، وليس سعيًا وراء الشهرة أو لركوب موجة “الترند” كما اتهمه البعض.
في منشور طويل شاركه عبر خاصية “الستوري”، أشار معوض إلى أنه تلقى سيلًا من الشتائم والتعليقات المسيئة بعد تصريحاته، وعبّر عن أسفه لحالة الانقسام في الرأي العام اللبناني، موضحًا أنه لا يدّعي امتلاك الحقيقة الكاملة، لكنه يرفض أن يصمت عمّا يعتبره خيانة بحق البلاد.
نيقولا معوض يخرج عن صمته: ولا مرة كان هدفي الترند
نيقولا معوض استهلّ رسالته بتأكيد واضح: “ولا مرة كان هدفي أعمل ضجة أو أطلع ترند”، موضحًا أنه يفضّل الابتعاد عن “الأضواء الفارغة”، وأن من يعرفه عن قرب يدرك جيدًا أنه لا يسعى لإرضاء الجمهور على حساب قناعاته الدينية أو الأخلاقية.
وتابع: “من بعد تصريحي عن فضل شاكر، وصلتني كمية غير طبيعية من الشتائم والسب، وأشياء أبشع من أني أذكرها هون… لكن بنفس الوقت وصلتني رسالة من صحفية باحترمها، وكانت على الأرض، وفسّرتلي أشياء بتخلي الصورة تختلف… للأسف، ببلد مثل لبنان لازم نفلتر المعلومة ألف مرة قبل ما نصدقها”.
هذا الكلام يعكس إدراك معوض لحساسية القضايا السياسية والأمنية في لبنان، ومدى تداخلها مع المشهد الإعلامي والفني، حيث غالبًا ما تُستخدم الأحداث الماضية لشيطنة شخصيات أو تلميع أخرى، حسب الانتماء أو الزاوية السياسية.
إذا في 1% إني غلطت… بعتذر
اللافت في توضيح نيقولا هو النبرة المتزنة والاعتراف الضمني بأن ما قاله قد يكون مبنيًا على معلومة ناقصة. فهو لم يتراجع عن موقفه بالكامل، بل فتح باب المراجعة بقوله:
“ما بدي ادّعي أني بعرف شو صار بالضبط، وما بعرف مين بيعرف… بس يلي بعرفه، إنه إذا في ولو 1% احتمال إن المعلومة اللي وصلتني كانت غلط، فأنا بعتذر، لأنه لا ربي ولا ضميري رح يرضوا باللي قلتو”.
هذا الاعتذار المشروط حظي باحترام العديد من المتابعين الذين قد يختلفون مع معوض في الرأي، لكنهم قدّروا استعداده لمراجعة موقفه وتقديم اعتذار في حال ثبت أنه أخطأ، وهو أمر نادر نسبيًا في المشهد العام الذي يتّسم غالبًا بالمكابرة.
خلفية الهجوم: “عيب بقى… استحوا”
الجدل بدأ عندما نشر معوض تدوينة على “إنستغرام” بعد إصدار فضل شاكر لأحدث أغنياته، هاجم فيها المدافعين عنه، وكتب بنبرة صارمة:
“فرصة التوبة والتحسين تُعطى فقط لمن يتحاكم ويُحاسب على أفعاله، مش للي بيرفع سلاح بوجه جيش بلده… بأي بلد تاني، يلي متله بيكون بالحبس، مش عم ينزل ألبومات. عيب بقى… استحوا”.
هذا المنشور اعتُبر من قبل كثيرين تصريحًا سياسيًا بامتياز، أكثر منه موقفًا فنيًا. وقد أعاد فتح ملف فضل شاكر الشائك، وهو الفنان الذي كان من أشهر نجوم الغناء في العالم العربي قبل أن تتورط صورته في أحداث أمنية عام 2013، حين اتُّهم بالتحريض والمشاركة في الاشتباكات التي وقعت في عبرا بين الجيش اللبناني وجماعة الشيخ أحمد الأسير، وهي القضية التي ما تزال مثار جدل حتى اليوم.
فضل شاكر وملف العودة إلى الفن
من جهته، يسعى فضل شاكر منذ سنوات إلى إعادة بناء صورته الفنية، من خلال إصدار الأغنيات والمشاركة في الأعمال الغنائية، كما أبدى دعمه لزملائه من الفنانين مثل شيرين عبد الوهاب، ما ساعده تدريجيًا على استعادة بعض من بريقه السابق. إلا أن ظهوره مجددًا على الساحة لا يمرّ دون اعتراضات، مثل تلك التي أبداها نيقولا معوض.
ففي حين يعتبر البعض أن الفنان “تاب وتراجع”، يرى آخرون أن المحاسبة على أفعال الماضي لا تسقط بالتقادم أو بالموهبة، وهو ما أكده معوض حين قال: “الناس لازم تعرف إنو الغفران مش معناه ننسى… لازم يكون في عدالة قبل ما نرجع نطبع مع كل شي”.
ردود فعل متباينة: ما بين التأييد والنقد
ردود الفعل على تصريحات معوض انقسمت بوضوح، فبينما أيّده كثيرون معتبرين أن كلامه نابع من مبدأ واضح، رأى آخرون أنه استند إلى معلومات غير مؤكدة، وفتح جرحًا لم يندمل بعد في الشارع اللبناني. بعض المعارضين اتهموه بمحاولة “الركوب على الموجة”، فيما شدّد معوض أنه “آخر من يهمه الترند”، مشيرًا إلى أن سمعته لا تحتاج إلى إثارة مفتعلة.
في عالم الفن، حيث الصمت كثيرًا ما يكون الخيار الأسهل، اختار نيقولا معوض أن يتكلم، ولو على مسؤوليته. سواء اتفقنا أو اختلفنا معه، فإن تصريحاته فتحت نقاشًا حساسًا عن التوبة، المحاسبة، والعدالة في المجتمع اللبناني.
والأهم من ذلك، أنها كشفت كيف يمكن لفنان أن يكون صاحب موقف، دون أن يدّعي امتلاك الحقيقة، بل يترك باب المراجعة والاعتذار مفتوحًا — وهو موقف لا يقل جرأة عن أي دور قدّمه على الشاشة.