القاهرة – السابعة الاخبارية
هالة سرحان، لم تكن الإعلامية المصرية الشهيرة هالة سرحان تتوقع أن تتحول لحظة قصيرة على هامش المنتدى الإعلامي العربي في بيروت إلى حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي.
ففي مقطع فيديو لم يتجاوز الثلاثين ثانية، ظهرت سرحان في مقابلة عفوية مع مراسلة قناة “الجديد” اللبنانية جاسينت عنتر، التي بادرتها بسؤال بدا بسيطًا للوهلة الأولى: “من أي بلد جاية؟”، لترد هالة بدهشة قائلة: “مش إنتِ إعلامية؟ قولي أنا مين؟”
ردّها العفوي والمفاجئ فتح بابًا واسعًا للجدل، وأشعل نقاشًا حول المهنية الإعلامية، وحدود اللباقة في المواقف المباشرة، بين مؤيد ومعارض للطرفين.
هالة سرحان ورد فعلها: دهشة عفوية أم غرور إعلامي؟
ظهر على هالة سرحان في الفيديو مزيج من الدهشة والاستغراب، وكأنها لم تصدق أن مراسلة تعمل في قناة عربية معروفة لا تعرفها أو لم تتعرف عليها.
ردها حمل نبرة استغراب أكثر من الغضب، لكنها بدت صارمة عندما قالت عبارتها الشهيرة:
“إنتِ إعلامية؟ قولي أنا مين!”
ردة فعل الاعلامية المصرية #هالة_سرحان محترمة رغم انو الموقف محرج وكان يجب على مراسلة الجديد تنتبه ! pic.twitter.com/vO4g1azTSN
— Elie Merheb (@_ElieMerheb) October 29, 2025
الجمهور انقسم فورًا بين من اعتبر أن ردها قاسٍ ومتعالٍ، ومن رأى أنه رد طبيعي من إعلامية كبيرة تفاجأت بسؤال غير احترافي.
البعض قال إن هالة تعاملت من منطلق خبرتها الطويلة وثقتها بنفسها، بينما رأى آخرون أن الموقف كان يستدعي ابتسامة ودبلوماسية، لا نبرة استنكار أمام الكاميرا.
مواقع التواصل تشتعل.. بين السخرية والدفاع
المشهد لم يمر مرور الكرام على الجمهور العربي.
في غضون ساعات قليلة، امتلأت المنصات بمقاطع من الفيديو وتعليقات ساخرة وأخرى غاضبة، حتى تصدّر الوسم #هالة_سرحان قائمة الأكثر تداولًا في مصر ولبنان والإمارات.
![]()
- فريق من المتابعين دافع عن سرحان، معتبرًا أنها رمز إعلامي عربي معروف، ومن غير المقبول أن تسألها مراسلة عن بلدها.
- الفريق الآخر رأى أن المراسلة كانت تحاول كسر الجليد بشكل لطيف، وأن ردّ سرحان لم يكن مناسبًا لمكانتها كإعلامية مخضرمة.
أحد المغردين كتب:
“المراسلة كانت تحاول تكون لطيفة، لكن هالة نسيت إن الكاميرا شغالة والناس بتشوفها، الرد كان جارح شوي.”
بينما علق آخر:
“مينفعش مذيعة ما تعرفش هالة سرحان! دي من رموز الإعلام العربي، والرد كان في محله.”
هذا الانقسام الجماهيري حول “من المخطئ” جعل القصة تتجاوز لحظة اللقاء لتتحول إلى نقاش مهني واسع حول الذوق الإعلامي والمهنية في المقابلات السريعة.
قناة “الجديد” تتدخل وتحذف الفيديو
مع تصاعد الجدل، تحركت قناة “الجديد” سريعًا، وقامت بحذف الفيديو من جميع حساباتها على فيسبوك، إنستغرام، وإكس (تويتر سابقًا).
الغريب أن القناة لم تصدر أي بيان رسمي يوضح سبب الحذف أو يعتذر عن الموقف، ما جعل التكهنات تزداد.
هل تم حذف الفيديو بناء على طلب من هالة سرحان؟
أم أن القناة أرادت تخفيف حدة الانتقادات التي طالت المراسلة الشابة؟
بعض التقارير الإعلامية اللبنانية رجّحت أن القناة اختارت الصمت لتجنب تضخيم الموقف، خصوصًا أن المنتدى الإعلامي العربي كان حدثًا رسميًا يضم نخبة من الإعلاميين العرب، ولا يرغب المنظمون في تحويله إلى مادة جدلية.
جاسينت عنتر: “لم أقصد الإساءة.. الموقف عفوي تمامًا”
بعد حذف الفيديو، خرجت المراسلة جاسينت عنتر عن صمتها لتوضح جانبها من القصة في مداخلة تلفزيونية.
قالت إنها لم تكن مستعدة مسبقًا للمقابلة، بل وجدت هالة سرحان وسط تجمع إعلامي فقررت التوجه إليها بشكل عفوي، موضحة:
“كنت أريد أن أبدأ الحديث بسؤال خفيف، لم أقصد الإساءة أبدًا، لكن يبدو أن هالة فهمت السؤال بشكل مختلف.”
وأضافت جاسينت أن سرحان تحدثت معها لاحقًا بلطف بعد انتهاء البث، واعتذرت إذا كان ردها قد بدا حادًا أمام الكاميرا، مؤكدة أن الأمور انتهت بينهما بود.
لكن رغم ذلك، لم تسلم المراسلة من موجة تنمر قاسية عبر مواقع التواصل، حيث تعرضت لتعليقات جارحة وتشكيك في كفاءتها المهنية، ما دفع عددًا من الإعلاميين اللبنانيين والمصريين للدفاع عنها.
أول تعليق من هالة سرحان: “البنت لسه جديدة وأنا طبطبت عليها”
لم تتأخر هالة سرحان في الرد على ما أثير حولها، إذ تحدثت بعد أيام من الحادثة لتوضح موقفها الحقيقي.
قالت في تصريحاتها:
“ما فيش أي مشكلة خالص. البنت كانت متوترة ولسه مش خبرة، وأنا قلتلها إن الزن ميزة في الصحافة. أنا طبطبت عليها علشان ما تتحرجش.”
وأكدت سرحان أن الموقف بسيط وتم تضخيمه بشكل مبالغ فيه، مشيرة إلى أن الصحفيين الشباب يحتاجون دعمًا لا تنمرًا، وأن الأخطاء جزء طبيعي من رحلة التعلم في المجال الإعلامي.
وأضافت:
“أنا نفسي غلطت كتير في بداياتي، والإعلام مهنة قاسية وما بتستحملش الحساسية الزايدة. المهم نتعلم من الموقف ونكمل.”
ردها اللطيف والمتزن ساهم في تهدئة الجدل، خاصة أنها اختارت أن تحتوي الموقف بدلاً من الدفاع الغاضب أو الهجوم، وهو ما اعتبره البعض درسًا في الحكمة المهنية.
نقاد الإعلام: “خطأ مهني بسيط تحوّل إلى كرة ثلج”
اعتبر عدد من النقاد أن ما حدث لا يستحق كل هذا الجدل، موضحين أن مواقع التواصل أصبحت تضخم أي موقف عابر.
الإعلامي اللبناني رامي خليل قال في إحدى الحوارات الإذاعية:
“ما صار خطأ كبير، لا من المراسلة ولا من هالة. بس في زمن السوشال ميديا، كل كلمة بتتحول لعاصفة.”
في حين أشار الكاتب المصري حسام إسماعيل إلى أن الحادثة تسلط الضوء على فجوة الجيل بين الإعلام القديم والجديد، قائلًا:
“هالة تنتمي لجيل يحترم المعرفة والبحث قبل المقابلة، بينما الجيل الجديد يعتمد على العفوية والتفاعل اللحظي. هذا الصدام طبيعي في بيئة إعلامية متغيرة.”
الإعلام بين الهيبة والعفوية
أعادت هذه الواقعة النقاش حول شكل المقابلات في عصر الإعلام الرقمي.
هل يجب أن يكون المذيع صارمًا ومجهزًا دائمًا بكل التفاصيل؟
أم أن العفوية والبساطة أصبحت جزءًا من التواصل الحديث مع الجمهور؟
هالة سرحان، طوال مسيرتها الممتدة منذ الثمانينيات، كانت دائمًا مثالًا للمذيعة القوية التي تفرض حضورها على الشاشة.
بينما تمثل جاسينت عنتر الجيل الجديد من المراسلات اللواتي يعتمدن على السرعة والتفاعل المباشر أكثر من التحضير المسبق.
هذه الفجوة بين المدرستين الإعلاميتين تجعل الحوادث الصغيرة محط تضخيم وتفسير مختلف بين الأجيال.
منتدى الإعلام العربي في بيروت: حدث طغت عليه “اللقطة الجانبية”
المفارقة أن الأزمة حدثت خلال منتدى إعلامي عربي هدفه الأساسي مناقشة تطوير الخطاب الإعلامي في العالم العربي، إلا أن لقطة عفوية بين مذيعتين سرقت الأضواء من مضمون المنتدى بأكمله.
العديد من المشاركين في المنتدى عبّروا عن استيائهم من تحول التركيز عن النقاشات المهنية إلى الجدل حول “رد فعل هالة سرحان”، معتبرين أن ما حدث إشارة إلى قوة تأثير الصورة في عصر الإعلام الفوري، حيث تكفي ثانية واحدة لتغير المزاج العام وتخطف الأضواء من حدث ضخم.
دروس من الأزمة: المهنية لا تتعارض مع اللطف
سواء اتُفق مع هالة سرحان أو المراسلة جاسينت عنتر، تبقى الحادثة درسًا مهمًا لكل من يعمل في المجال الإعلامي.
المهنية لا تعني الصرامة فقط، كما أن اللطف لا يعني قلة التحضير.
الصحفي المتمكن هو من يستطيع أن يوازن بين الحزم والرقي، وبين المعرفة والعفوية.
الحادثة أيضًا تذكير بأن الكاميرا لا تغلق أبدًا، وأن كل كلمة أو تعبير يمكن أن يُستخدم خارج سياقه.
ولذلك، تبقى البساطة الممزوجة بالاحترام أفضل ما يمكن أن يتحلى به الإعلاميون في المواقف العفوية.
خاتمة: عاصفة عابرة ودرس دائم
أزمة هالة سرحان والمراسلة اللبنانية ربما كانت عاصفة قصيرة على مواقع التواصل، لكنها كشفت حجم التحول في طريقة تفاعل الجمهور مع الإعلام.
في الماضي، كانت مثل هذه المواقف تمر دون أن يلاحظها أحد، أما اليوم، فهي تتحول إلى ترند عالمي خلال دقائق، تُبنى عليها النقاشات والتحليلات وحتى الأحكام.

وفي النهاية، خرج الطرفان من الموقف بسلام، بل وربما اكتسبا تعاطفًا ودروسًا مهمة؛
فجاسينت عنتر أدركت أن الكلمة البسيطة قد تُفهم بألف طريقة،
وهالة سرحان أثبتت أنها رغم خبرتها الطويلة ما زالت قادرة على التعامل بحكمة مع المواقف المفاجئة.
ومع ذلك، سيبقى السؤال الذي طرحته المراسلة — “من أي بلد جاية؟” — أحد أكثر الأسئلة التي تحوّلت من جملة عادية إلى مادة إعلامية مثيرة للجدل في عام 2025.
