القاهرة – السابعة الاخبارية
هبة الزياد، رحلت الإعلامية الشابة هبة الزياد صباح الخميس 27 نوفمبر، في خبر صادم لم يكن أحد يتوقعه أو يتخيل حدوثه بهذه السرعة وبهذه الطريقة المفاجئة.
فقد غادرت الحياة عن عمر 29 عامًا فقط، تاركة خلفها حالة واسعة من الحزن والذهول بسبب غيابها المباغت الذي جاء بلا مقدّمات أو مرض معلن أو حتى إشارات من بعيد.
منشور قصير عبر حسابها الرسمي على “فيسبوك” كان كافيًا ليقلب مواقع التواصل الاجتماعي رأسًا على عقب، ويضع جمهورها وزملاءها أمام صدمة رحيل إعلامية اعتادوا حضورها المتوهج وحواراتها الجريئة. سؤال واحد ظل يتصدر التعليقات: من هي هبة الزياد؟ وكيف غادرت بهذه السرعة؟
هبة الزياد.. شغف مبكر بالمعرفة وصناعة الوعي
لم تكن هبة مجرد مقدمة برامج ظهرت صدفة على الشاشة، بل بنت لنفسها قاعدة أكاديمية قوية. بدأت رحلتها بالحصول على بكالوريوس الإعلام، قبل أن تتعمق في دراسة هذا المجال عبر عدة درجات علمية متقدمة، أبرزها ماجستير في سيكولوجية الإعلام.
هذا الجانب الأكاديمي منحها قدرة خاصة على قراءة سلوك الجمهور وتحليل الظواهر المجتمعية المتشابكة، وهو ما انعكس بوضوح على طريقة إدارتها لحلقاتها وتحليلاتها.
كان واضحًا في مسيرتها أنها لم تكتفِ بالدراسة من أجل الشهادة، بل كانت تستخدم المعرفة كأداة أساسية لصياغة شخصية إعلامية فريدة تحفظ لنفسها مكانًا في وسط مزدحم.

انطلاقة مبكرة… وحضور قوي على الشاشة
دخلت هبة الزياد عالم الإعلام وهي في عمر صغير، لكنها نجحت خلال سنوات قليلة في أن تصبح واحدة من أبرز الوجوه الشابة على الشاشات. قدمت أكثر من 32 برنامجًا تلفزيونيًا تنوعت بين السياسة والمجتمع والفنون والأسرة، وهو رقم كبير يعكس نشاطًا استثنائيًا في مسيرة قصيرة.
تميزت هبة بحضورها المختلف، وطريقة حديثها الواثقة، وقدرتها على طرح الأسئلة الجريئة دون تردد، خصوصًا في الملفات الحساسة التي تتعلق بالمرأة والعلاقات الأسرية والمجتمع.
هذا الأسلوب جعلها محط اهتمام الجمهور وخلق لها قاعدة مشاهدة ثابتة، خاصة في البرامج التي اعتمدت على النقاشات الساخنة.
الإعلام والأدب… بصمة مزدوجة في أكثر من مجال
لم تتوقف مسيرة هبة الزياد عند البرامج التلفزيونية، بل امتدت إلى عالم الأدب والكتابة. أصدرت مجموعة من الأعمال الروائية والفكرية التي حملت طابعًا إنسانيًا عميقًا، من بينها “روزانا”، و”أعوان إبليس في السماء الصغرى”، و”قواعد الخروج عن القواعد”، و”بحيرة من بكاء البشر”، و”موت على قيد الحياة”.
هذه الأعمال عكست جانبًا آخر من شخصيتها: قلم حساس، ورؤية اجتماعية مرتبطة بالتجارب الإنسانية، وقدرة على التعبير عن الألم الداخلي للإنسان بأسلوب قصصي مميز.
أسلوبها في التقديم… جرأة بلا مبالغة وشفافية بلا تصنع
من أبرز ما ميّز هبة عن غيرها هو قدرتها على الموازنة بين الجرأة والاتزان. كانت تطرح القضايا الشائكة بوضوح، لكنها تحافظ على مساحة للحوار والعقلانية.
لم يكن هدفها مجرد إثارة الجدل أو كسب المشاهدات، بل كانت تسعى للوصول إلى معنى حقيقي خلف كل قضية تناقشها.
كانت تعتمد على تحليل نفسي واجتماعي للمواقف، ما جعل الجمهور يعتبرها صوتًا قادرًا على التحدث عنه وتمثيله، خاصة في قضايا المرأة والمجتمع.
“العالم السابع”… محطة صنعت واحدة من أهم لحظاتها المهنية
برنامج “العالم السابع” يُعد أحد أهم محطات هبة الزياد المهنية. فيه قدمت ملفات اجتماعية حساسة، وخلقت حلقات تفاعل معها الجمهور بقوة، نظرًا لاختياراتها الدقيقة للقضايا، وطريقتها التي تجمع بين الجرأة والحوار الهادئ.
هذا البرنامج تحديدًا كان سببًا في انتشارها الأوسع، واعتبره كثيرون بوابة عبورها إلى الصف الأول بين الوجوه الإعلامية الشابة.
آخر ظهور… طاقة متدفقة على شاشة الشمس
كان أحدث ظهور لها في يوليو الماضي عبر قناة الشمس من خلال برنامج “ترند TV” في موسمه الثاني. ظهرت حينها بكامل حيويتها المعهودة، وتحدثت بارتياح وهدوء، ولم يلاحظ أي من زملائها أو جمهورها علامات إرهاق أو أزمة صحية قد تشير إلى أن النهاية قريبة.
لذا جاء خبر الوفاة كالصاعقة، لأن الصورة الأخيرة لها على الشاشة كانت مليئة بالطاقة والحضور.
إعلان الوفاة… منشور واحد أربك الجميع
المنشور الذي أُعلن من خلاله خبر رحيلها كان قصيرًا لكنه مؤلم، يحمل كلمات دينية معتادة في النعي، لكنه حمل صدمة مزدوجة: أولًا لأنه جاء من حسابها الرسمي، وثانيًا لأنه لم يتضمن أي تفاصيل، ما جعل الجمهور يتساءل عن السبب الحقيقي. التعليقات انهالت بالمئات، وكلها تحمل مزيجًا من الدهشة والحزن.

الأثر بعد الرحيل… غياب أكبر من العمر
على الرغم من أنها رحلت وهي في عمر صغير، فإن أثر هبة الزياد كان كبيرًا. صعدت سريعًا، وقدمت الكثير خلال سنوات قليلة، ونجحت في أن تترك بصمة واضحة في الإعلام والكتابة. تعليقات زملائها والمشاهدين اتفقت على أنها كانت إعلامية مختلفة، تمتلك حضورًا قويًا وجرأة مدروسة وشخصية صادقة.
رحيلها يعكس الطريقة القاسية التي قد تُغلق بها الحياة بابًا فجأة، تاركة خلفها دهشة وأسئلة وذكريات لا تُنسى.
