في مشهد لا يتكرر كثيرًا في الوسط الفني الخليجي، عبّر المخرج الكويتي مناف عبدال عن إعجابه الكبير بالفنانة القديرة هدى حسين، واصفًا إياها بأنها “ركيزة أساسية في الدراما الخليجية”، وصاحبة تأثير فني يتجاوز حدود الأجيال. جاءت هذه الكلمات الصادقة في منشور شاركه عبدال عبر حسابه الرسمي في “إنستغرام”، حيث كتب بحرارة عن مسيرة الفنانة التي لم تكن يومًا عادية، بل كانت دائمًا رحلة إبداعية تحمل رسائل إنسانية وفنية عميقة.
هدى حسين.. من التمثيل إلى ملامسة الأرواح
كتب مناف عبدال في منشوره:
“هدى حسين صنعت مجدها بالإبداع، وقدمت شخصيات خالدة لا تنسى. عندما تؤدي لا تمثل فحسب، بل تلامس أرواحنا بصدقها وعمقها الفني، وكل دور لها يترك بصمة، وكل مشهد يحمل ذكرى”.
هذه الكلمات تأتي في توقيت حساس للفن الخليجي الذي يبحث باستمرار عن نقاط ارتكاز تعزز هويته، وتُعتبر إشادة عبدال تأكيدًا على أن هدى حسين ليست فقط رمزًا تمثيليًا، بل ظاهرة فنية تستحق الوقوف عندها مرارًا. وأضاف المخرج الكويتي أن لقاءه بهدى حسين كان “فخرًا شخصيًا” له، بالنظر إلى مكانتها الراسخة في وجدان المشاهد الخليجي والعربي.
View this post on Instagram
“الصحبة الحلوة”: هدى حسين تتألق في ثوب كوميدي نادر
جاءت إشادة مناف عبدال تزامنًا مع عرض أحدث أعمال هدى حسين، وهو مسلسل “الصحبة الحلوة”، الذي شكل مفاجأة لجمهورها، لا سيما أنه قدّمها بصورة كوميدية نادرة من خلال شخصية “سدرة”.
المسلسل سلط الضوء على حياة ثلاث سيدات تجاوزن سن الستين، قررن مواجهة الواقع وتحدي الزمن، في محاولة لاستعادة أحلام مؤجلة، واستكشاف بدايات جديدة رغم سنوات من المسؤوليات العائلية والتضحيات.
وما ميّز العمل، حسب النقاد، هو الطرح الإنساني الدافئ الممزوج بروح الدعابة، إلى جانب أداء هدى حسين، الذي حمل مزيجًا بين الخبرة والمرونة، الأمر الذي جعل شخصية “سدرة” تخرج من الشاشة إلى ذاكرة المشاهد.
“الصحبة الحلوة” يُعد بمثابة عودة قوية لهدى حسين بعد غيابها الملحوظ عن دراما رمضان 2025، ويشاركها البطولة مجموعة من الأسماء البارزة مثل:
منصور البلوشي، شبنم خان، أنوار المنصور، سعاد الشطي، نورة فيصل، أحمد الرشيدي، سارة حمدان، ومشاعل الشمري، تحت إدارة المخرج المعروف محمد دحام الشمري.
مناف عبدال يواصل نجاحه بـ”عبر الأثير”
في الجهة المقابلة، لا تقل إنجازات المخرج مناف عبدال أهمية، إذ يُعرض له حاليًا مسلسل “عبر الأثير”، وهو عمل درامي اجتماعي يدور حول الشابة “أثير”، التي تؤدي دورها ببراعة الفنانة السعودية ميلا الزهراني.
المسلسل يكشف التناقض بين الصورة الظاهرة والواقع المؤلم، حيث تبدو “أثير” كمذيعة قوية تنشر الطاقة الإيجابية، لكنها تخفي جراحًا غائرة تعود إلى ماضٍ قاسٍ، لتبدأ رحلة البحث عن الذات وسط صراعات إنسانية وعاطفية.
المسلسل لم يكتفِ بقوة قصته، بل أثار الاهتمام أيضًا بسبب مشاركة زوجة المخرج، الفنانة أبرار بوسيف، في دور لافت لشخصية تدعى “ريتا”، تعاني من إهمال زوجها وتبدأ رحلة تغيير جذرية في حياتها. وتُعد هذه المشاركة علامة فارقة، كونها تجمع بين الاحتراف والانسجام الفني بين زوجين أثبتا نجاحهما في أعمال سابقة.
شراكة فنية ناجحة بين مناف عبدال وأبرار بوسيف
ليست هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها مناف عبدال مع زوجته أبرار بوسيف، إذ قدّما معًا أعمالًا درامية ناجحة نالت إعجاب المشاهد الخليجي والعربي، أبرزها:
- “صدف”
- “ملفات منسية”
- “يس عبد الملك”
وتُعرف هذه الأعمال بقدرتها على التطرق إلى مواضيع اجتماعية حساسة، وتقديم نصوص مشحونة بالعاطفة والمواقف الواقعية، وهو ما عزز من مكانة عبدال كمخرج يُتقن التعامل مع تفاصيل العلاقات الإنسانية، ويعرف كيف يستخرج من ممثليه أفضل ما لديهم.
هدى حسين ومناف عبدال.. رمزان لفن يحترم الذاكرة
إشادة مناف عبدال بهدى حسين لم تأتِ من فراغ، بل من قناعة فنية مبنية على تاريخ طويل من الأعمال التي لم تسعَ فقط للترفيه، بل أيضًا للتأثير في الناس ومخاطبة وجدانهم.
وفي وقت تتجه فيه بعض الإنتاجات الدرامية نحو الإثارة السطحية، يبرز فنانون ومخرجون مثل هدى حسين ومناف عبدال كمؤشرات على أن الدراما الخليجية ما زالت بخير، وأن الصدق الفني هو الطريق الحقيقي لقلوب المشاهدين.
الإبداع لا يُقاس بعدد المشاهد أو الجوائز، بل بقدرة الفنان أو المخرج على البقاء في ذاكرة الناس دون ضجيج. وفي هذا السياق، يظل اسم هدى حسين محفورًا في ذاكرة الخليج والعالم العربي، تمامًا كما يواصل مناف عبدال تقديم أعمال تحمل رسائل إنسانية بصيغة درامية مؤثرة.
كلاهما يسير في خط متوازٍ، يجمع بين الاحترافية والهوية الفنية الواضحة، وهو ما يجعل إشادة أحدهما بالآخر أكثر من مجرد كلمات.. بل شهادة فنية من فنان لفنانة بحجم هدى حسين.