مصر – السابعة الإخبارية
التنمر.. أفادت الدكتورة هبة النجار، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، في تصريحاتها الأخيرة أن التنمر يُعد من الذنوب العظيمة التي يجب أن يحذر المسلم منها، خاصة في شهر رمضان المبارك.
ففي هذا الشهر الفضيل، الذي يسعى فيه المسلمون للتقرب إلى الله عز وجل والتزام الأخلاق الحميدة، تكتسب ظاهرة التنمر أهمية بالغة في الحديث عنها، حيث تتعارض مع القيم التي يدعونا الإسلام للتحلي بها، وعلى رأسها الرحمة والرفق بالآخرين.
التنمر: لا يقتصر على الكلمات الجارحة
وأوضحت الدكتورة النجار، خلال حوارها مع الإعلامية سالي سالم في برنامج “حواء” المذاع على قناة “الناس”، أن التنمر ليس مجرد كلمات جارحة، بل قد يترتب عليه آثار نفسية جسيمة.
وأشارت إلى أن تأثير التنمر قد يكون بالغًا على الشخص المتنمر عليه، خاصة عندما يشعر هذا الشخص بالعجز عن الهروب من بيئته التي يعاني فيها من الإيذاء النفسي، مثلما يحدث في المدارس أو أماكن العمل.
فقد يؤدي التنمر إلى اضطرابات نفسية حادة مثل الاكتئاب الشديد، وفي بعض الحالات الخطيرة، قد يصل الأمر إلى التفكير في الانتحار. هذه التأثيرات تؤكد أن التنمر ليس مجرد سلوك سيء، بل قد يتسبب في تدمير حياة الآخرين.
رمضان شهر التغيير والتحلي بالأخلاق الحسنة
في شهر رمضان، حيث يكون المسلمون في حالة من الطهارة الروحية والتقوى، يُعتبر التنمر أكثر خطورة من أي وقت آخر. فالصيام ليس فقط عن الطعام والشراب، بل يجب أن يشمل أيضًا الامتناع عن الأفعال السلبية والمحرمة، مثل التنمر والعدوانية.
ولذا، يُشدد على أهمية أن يتسم المسلمون في هذا الشهر بالأخلاق الحسنة، وأن يبتعدوا عن كل ما من شأنه أن يضر الآخرين. ف
في رمضان، يُفترض أن يلتزم المسلم بتهذيب نفسه وتقوية علاقته مع الله، ما يتطلب منه الابتعاد عن الأفعال التي تسيء للآخرين، خاصة إذا كانت تتسبب في آلام نفسية لهم.
“لا ضرر ولا ضرار” قاعدة ذهبية في الإسلام
وأضافت الدكتورة النجار أن الإسلام شدد في تعاليمه على ضرورة عدم إيذاء الآخرين، وأكدت في حديثها أن القاعدة الفقهية الشهيرة “لا ضرر ولا ضرار” هي بمثابة توجيه للمسلمين بتجنب أي أفعال قد تضر الآخرين، سواء كان ذلك بالتنمر أو بأي شكل آخر من أشكال الإيذاء.
وقالت إن الكلمة قد تترك أثرًا عميقًا في نفس الإنسان، ولذا ينبغي على الجميع أن يكونوا حذرين فيما يقولونه للآخرين. فاللفظ الطيب الذي يخرج من القلب يمكن أن يكون له تأثير إيجابي عميق على نفس الآخر، بينما يمكن للكلمة الجارحة أن تترك جرحًا عميقًا لا يمكن شفاؤه بسهولة.
الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام
كما أضافت الدكتورة النجار أن الصيام في الإسلام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل يشمل الامتناع عن الأفعال السيئة، مثل التنمر، والكلام الجارح، وكل ما من شأنه أن يؤذي الآخرين.
وقالت إن الصيام يجب أن يكون وسيلة لتهذيب النفس وتطهيرها من كل دنس، مما يعزز من تقوى الله سبحانه وتعالى في النفس البشرية. لذا، فإن من أهم مقومات الصيام هو الابتعاد عن الأخطاء النفسية والسلوكية التي قد تتسبب في أذى للآخرين، كي يكون الصيام مقبولًا عند الله.
التنمر وعلاقته بتشويه المجتمع
وفي معرض حديثها عن آثار التنمر، أشارت الدكتورة النجار إلى أن هذه الظاهرة تؤثر بشكل سلبي على المجتمع ككل. إذ أن التنمر ليس فقط اعتداء على الشخص المستهدف، بل إنه يعكس أيضًا خللاً في العلاقات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع. فالمجتمعات الصحية تتسم بالتعاون والاحترام المتبادل، بينما يؤدي التنمر إلى خلق بيئة مليئة بالتوتر والصراعات، مما يؤثر سلبًا على الأداء الاجتماعي والفردي. وبالتالي، فإن محاربة التنمر تتطلب جهدًا جماعيًا من الجميع، بدءًا من الأفراد، وصولًا إلى المؤسسات التربوية والاجتماعية.
ضرورة الوعي المجتمعي والمشاركة الفعالة
وأكدت الدكتورة النجار في ختام حديثها على أهمية توعية المجتمع بشكل عام، والشباب بشكل خاص، بخطورة التنمر وآثاره المدمرة. وأشارت إلى ضرورة تعزيز القيم الإسلامية التي تحث على الرفق والرحمة والتسامح بين الناس. ولذا، فإن المشاركة الفعالة في محاربة هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا بين الأفراد والمجتمع، بدءًا من الأسرة والمدرسة، وصولًا إلى وسائل الإعلام التي ينبغي أن تساهم في نشر ثقافة الاحترام والتقدير للآخرين.


في النهاية، تُعد ظاهرة التنمر من القضايا الاجتماعية التي يجب أن يتعاون الجميع لمكافحتها، خاصة في شهر رمضان المبارك. فالشهر الفضيل فرصة عظيمة لتطوير الذات وتقويم الأخلاق، والابتعاد عن كل ما قد يضر الآخرين. ومثلما يُتوقع من المسلم أن يمتنع عن الطعام والشراب، فإنه ينبغي أن يلتزم بتهذيب نفسه وأفعاله تجاه الآخرين، كي يكون صيامه مقبولًا عند الله عز وجل.