أمريكا – السابعة الإخبارية
OpenAI.. في خطوة مفاجئة تحمل ملامح التحول الكبير في مشهد تصفح الإنترنت، تعتزم شركة OpenAI، المطورة لتقنيات ChatGPT، إطلاق متصفح ويب مدعوم بالذكاء الاصطناعي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك بحسب تقرير نشرته وكالة “رويترز” يوم الأربعاء.
الخطوة المرتقبة تمثل إعلان دخول مباشر في ساحة المنافسة أمام عمالقة الإنترنت، وعلى رأسهم جوجل ومتصفحها الشهير Google Chrome، الذي يهيمن منذ أكثر من عقد على سوق المتصفحات بنسبة استخدام عالمية تقارب 65%.

OpenAI: متصفح يعيد تعريف “الويب”
وفقًا للتسريبات، فإن المتصفح الجديد من OpenAI — الذي لم يُكشف بعد عن اسمه الرسمي — سيعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي العميق، بهدف إعادة تصور الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع الإنترنت.
على خلاف تجربة التصفح التقليدية القائمة على الروابط والبحث النصي، يُنتظر أن يتيح المتصفح الجديد للمستخدمين طرح الأسئلة أو تنفيذ المهام مباشرة، ليتولى الذكاء الاصطناعي تحليل المطلوب وجلب محتوى منسق وجاهز للقراءة أو التفاعل دون الحاجة للتنقل بين عشرات المواقع.
بمعنى آخر، المتصفح لن يكون مجرد نافذة لعرض المحتوى، بل وكيلًا ذكيًا يتفاعل، يُجيب، ويوجه — ما يضعه في مصافّ “الوكلاء الأذكياء” وليس أدوات التصفح التقليدية.
تكامل مع أداة Operator
أحد أبرز الملامح التقنية المرتقبة هو التكامل المحتمل مع أداة Operator، وهي وكيل ويب ذكي طورته OpenAI في وقت سابق، قادر على تنفيذ مهام معقدة تتعلق بالبحث، التحليل، واستخلاص المعلومات من مصادر الإنترنت.
ومن المتوقع أن تكون Operator جزءًا محوريًا من تجربة المستخدم، ما يسمح للمتصفح بتقديم محتوى مختصر، منظم، وشخصي من الإنترنت دون أن يعتمد المستخدم على نتائج بحث تقليدية أو يتنقل بين نتائج غير دقيقة أو مشتتة.
كما كشفت التقارير أن جزءًا من تفاعلات المستخدم داخل المتصفح سيبقى ضمن منصة ChatGPT، مما يعكس تحولًا كبيرًا في نمط استخدام الإنترنت — من البحث المفتوح إلى التفاعل الداخلي ضمن بيئة مؤتمتة وذكية.
مشهد تنافسي متغير
دخول OpenAI إلى مجال المتصفحات ليس مفاجئًا تمامًا، خاصة بعد تصاعد التوجه العالمي نحو دمج الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية للويب.
في الآونة الأخيرة، أطلقت شركة Perplexity AI متصفحها الذكي Comet، الذي يستخدم تقنيات فهم السياق لتقديم تجربة أكثر ذكاءً في تصفح المعلومات. كذلك، تعمل شركات مثل The Browser Company على تطوير متصفحات مبتكرة مثل Arc وDia، التي تسعى لإعادة تخيّل علاقة المستخدم مع الإنترنت.
لكن دخول OpenAI يحمل ثقلًا مختلفًا، نظرًا لما تملكه الشركة من قاعدة بيانات هائلة، وبنية تحتية تقنية قوية، بالإضافة إلى شهرة عالمية بفضل نماذج ChatGPT، التي أصبحت جزءًا من الحياة اليومية لملايين المستخدمين.

رغبة في السيطرة على تجربة المستخدم
بحسب تقارير سابقة صادرة عن “The Information”، كانت OpenAI تدرس منذ عام 2024 فكرة تطوير متصفح خاص بها، لتتحرر من قيود المتصفحات الأخرى، خصوصًا كروم، الذي تُعدّ جوجل صاحبة اليد العليا فيه.
التحرك باتجاه تطوير متصفح خاص يتيح لـ OpenAI التحكم الكامل في تجربة المستخدم، وجمع بيانات الاستخدام بشكل مباشر دون وسيط، وهو أمر بالغ الأهمية لتدريب النماذج المستقبلية وتحسين مستوى التخصيص والتنبؤ بالاحتياجات.
ثورة مرتقبة في مفهوم التصفح
المتصفح الجديد لا يمثل مجرد إضافة تقنية، بل يعكس نقلة نوعية في مفهوم التصفح الرقمي. فمنذ اختراع المتصفحات الأولى في تسعينيات القرن الماضي، لم يشهد المجال تحولًا جذريًا كتلك التي يعد بها الذكاء الاصطناعي.
بدلاً من عرض روابط أو نتائج بحث تقليدية، من المتوقع أن يُقدّم متصفح OpenAI خلاصة معرفية فورية، مبنية على فهم حقيقي لسؤال المستخدم وسياقه ونيته — ما يجعل عملية التصفح أقرب إلى محادثة ذكية مستمرة، وليست مجرد استعراض محتوى.
هل يُهدد متصفح OpenAI عرش كروم؟
رغم كل التقدم، لا يزال كروم يحتفظ بمكانته كأقوى متصفح عالمي، مدعومًا ببنية جوجل القوية، وتكامله مع خدمات مثل Gmail وDrive ومحرك البحث ذاته.
لكن المتصفح الجديد من OpenAI، إن نجح في تقديم تجربة سلسة، ذكية، وخصوصية عالية، فقد يُشكّل تهديدًا حقيقيًا للمشهد الحالي، خاصة في أوساط المستخدمين الباحثين عن تفاعل أسرع ومحتوى أكثر تنظيمًا.

في انتظار الإطلاق الرسمي
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تُعلن OpenAI رسميًا عن تفاصيل المتصفح، اسمه، أو تاريخ الإطلاق الدقيق، لكن التوقعات تشير إلى أنه سيكون متاحًا بشكل تجريبي خلال أسابيع قليلة، مع إتاحته أولًا لمستخدمي خدمات ChatGPT Plus أو المؤسسات.
وبينما ينتظر الجميع أول ظهور علني للمتصفح الجديد، يتضح أن المستقبل الرقمي يتجه بسرعة نحو “الويب التفاعلي الذكي”، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي رفيق التصفح لا مجرد أداة مساعدة.