القاهرة – السابعة الاخبارية
هيفاء وهبي، تشهد أزمة الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي مع نقابة المهن الموسيقية في مصر تطورات متلاحقة، بعدما قررت محكمة القضاء الإداري، اليوم الخميس 10 يوليو 2025، تأجيل نظر الدعوى المرفوعة منها ضد النقابة ونقيبها مصطفى كامل إلى جلسة 11 سبتمبر المقبل. القرار جاء بعد أن طلب الطرفان تبادل المذكرات القانونية والاطلاع على أوراق القضية، بينما قدم المحامي الحقوقي هاني سامح طلبًا رسميًا للتدخل في الدعوى، داعمًا لموقف الفنانة.
هيفاء وهبي في اختبار الحريات… من يُسكت الغناء؟
كانت هيئة مفوضي الدولة قد أصدرت تقريرًا قانونيًا مهمًا قبل الجلسة أوصت فيه بإلغاء قرار نقابة المهن الموسيقية الصادر في مارس الماضي بمنع هيفاء وهبي من الغناء داخل مصر. وأكد التقرير أن القرار يخالف الدستور المصري، وخاصة المادتين 65 و67 اللتين تضمنان حرية التعبير والإبداع الفني، ولا تسمحان بأي نوع من الرقابة أو المنع إلا بحكم قضائي صريح. التقرير وصف قرار النقابة بأنه “تجاوز إداري يفتقر للمشروعية”، ويضع النقابة في موضع الخصم والحكم في آن واحد.
خسائر فنية واقتصادية بسبب المنع
وأشارت تقارير الدفاع والمرافعات إلى أن القرار لم يُلحق الأذى بالفنانة فقط، بل تسبّب في خسائر اقتصادية ومعنوية للقطاع الفني في مصر. وأبرزت هذه المرافعات كيف أن إلغاء حفلات هيفاء وهبي وتقييد نشاطها داخل مصر أضر بقطاع الترفيه والسياحة الثقافية، في وقت تشهد فيه دول عربية أخرى مثل الإمارات والسعودية انفتاحًا فنيًا كبيرًا، بينما بدت مصر وكأنها تتراجع خطوات للخلف في هذا السياق.
خلفية الأزمة: شكوى ومقاطعة تحقيق
ترجع تفاصيل الأزمة إلى شكوى تقدم بها مدير أعمال هيفاء وهبي السابق، خالد التهامي، نهاية عام 2024، اتهم فيها الفنانة بإلغاء حفل متفق عليه في الساحل الشمالي دون إشعار مسبق، ورفضها المثول للتحقيق أمام النقابة في الجلسات المقررة يومي 27 يناير و10 فبراير 2025. واعتبرت النقابة هذا التصرف “تعديًا على هيبتها” وعدم احترام للوائحها، مما أدى إلى سحب تصاريحها الفنية بشكل فوري، ومنعها من إحياء أي حفلات داخل البلاد.
الدعوى القضائية: حماية حرية الإبداع
ردًّا على هذا القرار، قامت هيفاء وهبي برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالبت فيها بإلغاء قرار النقابة، وإعادة تصاريح الغناء الخاصة بها. وأرفقت الدعوى بمذكرة قانونية تؤكد أن المنع يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور، ويضر بحريتها الفنية والمهنية. كما تم تقديم طلب للتدخل من قبل نشطاء قانونيين اعتبروا أن القرار يشكل سابقة خطيرة تمس بحرية الإبداع، مطالبين بفتح تحقيق في طريقة اتخاذ مثل هذه القرارات النقابية.
مطالب بتدخل وزارة الثقافة وإعادة هيكلة النقابة
لم تقتصر المطالب القانونية على إلغاء قرار المنع، بل امتدت لتشمل دعوات رسمية لتدخل وزارة الثقافة من أجل تشكيل لجنة انتقالية لإدارة النقابة بشكل مؤقت، تمهيدًا لإعادة هيكلتها بالكامل، وضمان توافق لوائحها وقراراتها مع المبادئ الدستورية، ومنع تكرار قرارات مماثلة ضد فنانين مصريين أو عرب دون سند قانوني واضح.
تداعيات متوقعة على مستقبل النقابة
فتح هذا النزاع ملفًا حساسًا يتعلق بـ صلاحيات نقابة المهن الموسيقية، ومدى قانونية قراراتها الخاصة بسحب تصاريح الفنانين أو منعهم من العمل الفني داخل البلاد. وفي حال أصدرت المحكمة حكمًا نهائيًا لصالح هيفاء وهبي في الجلسة المقبلة، قد تُجبر النقابة على مراجعة آليات عملها، والتوقف عن اتخاذ قرارات الحظر أو المنع دون الرجوع للقضاء.
كما يُتوقع أن يُشكّل هذا الحكم مرجعًا قانونيًا لفنانين آخرين قد تعرضوا لقرارات مماثلة، مما يفتح الباب أمام موجة من الدعاوى القضائية قد تُعيد رسم العلاقة بين النقابة والمجتمع الفني في مصر.
الرأي العام في ترقب
ينتظر الوسط الفني والجمهور العربي عمومًا ما ستسفر عنه الجلسة المقبلة في سبتمبر، خاصة مع التفاعل الكبير الذي شهدته القضية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر عدد كبير من الفنانين والمثقفين عن دعمهم لهيفاء وهبي، معتبرين ما حدث معها نموذجًا يجب التصدي له حفاظًا على حرية الفن في مصر، أحد أهم وأكبر أسواق الترفيه في المنطقة.
موقف هيفاء وهبي: صمت حذر ورسائل غير مباشرة
حتى الآن، لم تُصدر الفنانة هيفاء وهبي تصريحات مباشرة عبر وسائل الإعلام حول الأزمة، واكتفت بنشر بعض الرسائل الغامضة عبر حساباتها الشخصية، أكدت من خلالها تمسكها بحقها القانوني والدستوري، دون الدخول في سجالات علنية مع النقابة. ويتوقع أن تعلّق بشكل أوسع بعد صدور الحكم النهائي في القضية.
تمثل قضية هيفاء وهبي مع نقابة الموسيقيين اختبارًا حقيقيًا لعلاقة النقابات المهنية بحرية الإبداع، وتثير تساؤلات حول آلية إصدار العقوبات، وحدود التدخل النقابي في نشاط الفنانين. وبينما تتجه الدولة المصرية إلى تحديث مؤسساتها والانفتاح على سوق الفن والترفيه عربيًا ودوليًا، تبرز هذه القضية كمعضلة يجب التعامل معها بجدية، ليس فقط من الناحية القانونية، بل أيضًا من زاوية تطوير بنية العمل النقابي بما يضمن احترام الحريات، مع الحفاظ على آداب المهنة والانضباط الفني دون تعسف.