أمريكا – السابعة الإخبارية
أطلق تطبيق واتساب تحذيراً عاجلاً لمستخدميه حول العالم بشأن خدعة إلكترونية جديدة يستخدمها القراصنة لسرقة البيانات البنكية والمعلومات الحساسة، عبر خاصية مشاركة الشاشة التي أضافها التطبيق مؤخراً.
ويأتي هذا التحذير في وقتٍ تعمل فيه الشركة المالكة، ميتا (Meta)، على تطوير أنظمة أمان متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي، لمكافحة الاحتيال الإلكتروني الذي يشهد تزايداً مطّرداً في الأعوام الأخيرة.

أكثر من 3 مليارات مستخدم في مرمى القراصنة
يُعد واتساب أحد أكثر تطبيقات المراسلة استخداماً في العالم، إذ يتجاوز عدد مستخدميه النشطين 3 مليارات شخص، ما يجعله هدفاً مغرياً لمجرمي الإنترنت الذين يسعون لاختراق الحسابات وسرقة الأموال بطرقٍ متطورة يصعب كشفها.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “ذا صن” البريطانية، فإن المحتالين باتوا يعتمدون في هجماتهم الأخيرة على استغلال ميزة مشاركة الشاشة في التطبيق، وهي أداة صُممت في الأساس لتسهيل التعاون والتواصل بين المستخدمين، لكنها تحوّلت إلى ثغرة أمنية خطيرة إذا تم استخدامها بغير حذر.
“مشاركة الشاشة”.. وسيلة خادعة بوجه تقني
وأوضح واتساب في بيانٍ رسمي أن المحتالين باتوا يستدرجون الضحايا إلى مكالمات فيديو أو صوتية، ثم يطلبون منهم تفعيل خاصية مشاركة الشاشة بحجة تقديم المساعدة التقنية أو حل مشكلة في الحساب.
وبمجرد تفعيل الميزة، يتمكن القراصنة من مشاهدة كل ما يظهر على شاشة الهاتف، بما في ذلك تفاصيل الحسابات البنكية، ورموز التحقق (OTP)، وكلمات المرور، وحتى إشعارات التطبيقات المالية.
وقد يذهب بعض المحتالين إلى حدّ إقناع الضحية بتثبيت تطبيقات خارجية تحتوي على برامج تجسس تتيح لهم نسخ البيانات البنكية أو التحكم عن بُعد في الجهاز، ما يؤدي إلى سرقة الأموال خلال دقائق.
تنبيه جديد داخل واتساب
ولتفادي هذه الهجمات، أعلن واتساب عن إطلاق نظام تنبيه تلقائي جديد داخل التطبيق، يظهر للمستخدم فور بدء مشاركة الشاشة مع شخص غير معروف أو رقم مشبوه أثناء المكالمات.
وجاء في التنبيه التحذيري: “شارك شاشتك فقط مع أشخاص تثق بهم، فقد تحتوي على معلومات حساسة مثل كلمات السر أو رموزالأمان.”
وأكدت شركة ميتا في بيانها أن هذه الخطوة تهدف إلى رفع وعي المستخدمين بالمخاطر الرقمية، مشيرةً إلى أن الهجمات الإلكترونية تطوّرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصبحت تعتمد على الهندسة الاجتماعية أكثر من الاختراقات التقنية التقليدية.
وقالت ميتا: “ندرك أن المحتالين قد يحاولون الضغط على ضحاياهم للموافقة على مشاركة الشاشة، لذلك نعمل على منح المستخدمين أدوات تمنحهم القدرة على الإدراك السريع للمخاطر وتجنّبها قبل وقوع الضرر”.
كبار السن.. الفئة الأكثر استهدافاً
تُظهر الإحصاءات الحديثة أن كبار السن هم الفئة الأكثر عرضة للوقوع في فخ هذه الحيل.
فبحسب بيانات شركة فيرجن ميديا (Virgin Media) البريطانية، فإن نحو 1.8 مليون شخص فوق سن 65 عاماً في المملكة المتحدة تعرّضوا لعمليات احتيال إلكتروني خلال العام الماضي، بخسارةٍ متوسطة بلغت 831 جنيهاً إسترلينياً لكل ضحية.
أما في الولايات المتحدة، فكشف تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) لعام 2024 أن الأفراد الذين تجاوزوا الستين عاماً خسروا مجتمعين أكثر من 4.8 مليارات دولار بسبب عمليات الاحتيال الإلكتروني خلال عامٍ واحد، وهو رقم قياسي يعكس اتساع نطاق الظاهرة.

فيسبوك وماسنجر تحت المجهر
الخطر لا يقتصر على واتساب فحسب، إذ أعلنت “ميتا” أنها تعمل على تطوير نظام ذكاء اصطناعي متقدم لرصد محاولات الاحتيال عبر تطبيقاتها الأخرى مثل فيسبوك ماسنجر (Messenger).
وسيعمل هذا النظام على تحليل الرسائل الواردة للمستخدمين والتنبيه في حال اكتشاف محتوى مشبوه أو محاولات تصيّد تهدف إلى سرقة بيانات الدخول أو المعلومات المالية.
وتؤكد الشركة أن هذه الخطوات تأتي ضمن استراتيجية أمنية موحدة لحماية المستخدمين على جميع منصاتها، وسط تصاعد غير مسبوق في الجرائم الإلكترونية التي تستغل الثقة بين الأصدقاء والعائلة على شبكات التواصل.
دعوة للتوعية الرقمية
ويحذر خبراء الأمن السيبراني من أن أغلب محاولات الاحتيال لا تعتمد على اختراق الأجهزة، بل على خداع الضحية نفسه.
ويقول أحد الخبراء في الأمن الرقمي: “المحتال لا يحتاج إلى كسر التشفير عندما يستطيع إقناعك بأن تمنحه المعلومات بنفسك. مشاركة الشاشة مع شخص مجهول تعني أنك منحتَه مفاتيح بيتك الرقمي بالكامل.”
وينصح الخبراء بعدم مشاركة الشاشة أو إرسال رموز التحقق لأي شخص، حتى لو ادّعى أنه من الدعم الفني، إضافةً إلى استخدام التحقق الثنائي (Two-Factor Authentication) وتحديث التطبيق بانتظام للحصول على أحدث ميزات الأمان.
نحو مستقبل أكثر أماناً
تؤكد ميتا أنها ستواصل الاستثمار في أدوات الحماية والتوعية لتأمين مستخدميها ضد الاحتيال الرقمي، مؤكدة أن “الثقة هي العمود الفقري لتجربة واتساب”، وأن هدفها هو الحفاظ على أمان المستخدمين في كل مكالمة ورسالة.
وفي وقتٍ تتزايد فيه الجرائم الإلكترونية عالمياً، يبقى وعي المستخدم هو خط الدفاع الأول أمام الهجمات الرقمية، إذ يبدأ الأمان الحقيقي من النقرة الواعية، لا من التقنية وحدها.