مصر – السابعة الإخبارية
علي.. في لحظة امتزجت فيها مشاعر الفرح بالدموع، أعلن والد الطفل المصري “علي”، المصاب بمرض ضمور العضلات الشوكي، عن اكتمال حملة التبرعات التي أُطلقت قبل نحو شهرين بهدف تغطية تكاليف العلاج الباهظ الذي يحتاجه طفله.
وكتب والد “علي” منشورًا مؤثرًا على حسابه في موقع “فيسبوك”، أكد فيه أن المبلغ المطلوب تم جمعه بالكامل، مشيرًا إلى أن العائلة بدأت فعليًا إجراءات التحضير للسفر من أجل بدء المرحلة العلاجية الحاسمة خارج مصر. وأضاف: “لساني يعجز عن الشكر إلى آخر العمر… شكراً لكل من وقف بجانبنا، وأتمنى أن تستمر قلوبكم النبيلة في دعم الحالات الأخرى”.

الطفل علي: صرخة أم أيقظت القلوب
قصة الطفل علي تحوّلت خلال أسابيع إلى واحدة من أبرز القضايا الإنسانية التي شغلت الرأي العام المصري، بعد أن انتشر مقطع مصور مؤثر لوالدته عبر تطبيق “إنستغرام”. في الفيديو، ظهرت الأم وهي تناشد الجمهور بكل ما تحمله الأمومة من وجع، قائلة:“أنا في إيدي طفلين، وكنت بتمنى أموت قبل ما أوصل للمرحلة دي تقريبًا”.
كلماتها لم تكن مجرد استغاثة، بل كانت بمثابة صرخة صحّت بها ضمائر الآلاف. الفيديو أثار موجة كبيرة من التفاعل، حيث أعاد مشاركته مؤثرون كبار وشخصيات عامة، وهو ما ساهم في تسريع انتشار الحملة، ووصولها إلى أكبر عدد ممكن من المتبرعين في وقت قياسي.
تحدٍ مالي وزمني
بلغت تكلفة العلاج الذي يحتاجه “علي” ما يقرب من 40 مليون جنيه مصري (أي ما يعادل نحو 1.3 مليون دولار أمريكي تقريبًا)، وهي تكلفة خيالية لأي أسرة مصرية، خاصة أن العلاج الجيني المخصص لهذا النوع من الأمراض متوفر فقط في عدد محدود من الدول، ويخضع لتوقيتات صارمة قبل أن تتدهور الحالة الصحية بشكل يصعب علاجه لاحقًا.
وقد أعرب والد “على” في منشوراته السابقة عن قلقه البالغ من عامل الوقت، مشيرًا إلى أن كل يوم يمر دون علاج يُعتبر خسارة في عضلات الطفل التي تضعف تدريجيًا، بسبب الخلل الوراثي المؤثر على الخلايا العصبية الحركية.

مشاعر تضامن من كل الاتجاهات
ساهم تفاعل الناس مع الحملة بشكل فاق التوقعات، حيث تنوعت التبرعات بين المساهمات الفردية البسيطة والدعم الكبير من بعض الشركات والمؤسسات الخيرية. كذلك شارك عدد من الفنانين والإعلاميين والرياضيين في الحملة عبر نشر الفيديوهات وتخصيص روابط دعم على صفحاتهم الشخصية.
ولم تقتصر المساعدة على الجانب المالي فقط، بل قدّم بعض الأطباء والمستشارين القانونيين المساعدة في تسهيل الإجراءات الطبية والسفر والعلاج خارج البلاد.
الأمل في العلاج الجيني
من المقرر أن يسافر “على” خلال الأيام القليلة القادمة لبدء العلاج الجيني، وهو نوع من العلاج يُستخدم لمرة واحدة في الحياة ويُعد من أكثر الطرق فعالية لإيقاف تطور المرض.
ويستهدف العلاج استبدال الجين المتضرر أو المعطوب بجين سليم، مما يسمح للجسم بإنتاج البروتين اللازم لوظيفة العضلات.
ورغم أن هذا النوع من العلاجات لا يضمن الشفاء التام، فإنه يُمثل بارقة أمل كبيرة في تحسين جودة حياة الطفل، ومنع تدهور الحالة بشكل كامل، وهو ما يجعل توقيت البدء به أمرًا بالغ الأهمية.
حالة إنسانية تفتح الطريق لغيرها
اللافت في قصة الطفل “علي” أنها لم تكن مجرد حملة علاج فردية، بل تحولت إلى نموذج يُحتذى في قوة التضامن الشعبي وقدرة المجتمعات على تجاوز العقبات متى توفرت الإرادة الجماعية.
وفي ختام منشوره، دعا والد “على” كل من ساهم في الحملة إلى توجيه عطائهم الإنساني نحو أطفال وحالات أخرى تعاني من أمراض نادرة وظروف صعبة، مؤكدًا أن “قلبه لن ينسى أبدًا وقوف الناس إلى جواره في أصعب أيام عمره”.

رسالة أمل
قصة “على” لم تنتهِ بعد، لكنها دخلت مرحلة جديدة مليئة بالأمل والتفاؤل. وبقدر ما كانت مؤلمة في بدايتها، فإنها اليوم تمثل بارقة نور لعائلات كثيرة تخوض صراعًا مشابهًا، وتُعيد التذكير بقيمة الرحمة والتعاطف في زمن كثرت فيه التحديات.
قصة “على” لم تنتهِ بعد، لكنها دخلت مرحلة جديدة مليئة بالأمل والتفاؤل. وبقدر ما كانت مؤلمة في بدايتها، فإنها اليوم تمثل بارقة نور لعائلات كثيرة تخوض صراعًا مشابهًا، وتُعيد التذكير بقيمة الرحمة والتعاطف في زمن كثرت فيه التحديات.
