القاهرة – السابعة الاخبارية
وداعًا طارق صيام، غَيّب الموت، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء 27 أغسطس 2025، المنتج المصري المعروف طارق صيام حيث تم الاعلان برسالة وداعًا طارق صيام، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 66 عامًا. وسيشيّع جثمانه عقب صلاة الظهر من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، وسط حالة من الحزن في الوسط الفني والإعلامي، لرحيل أحد أبرز منتجي الدراما والسينما المصرية في العقود الأخيرة.
وداعًا طارق صيام.. رحيل مؤلم لأحد رموز الإنتاج الفني
يُعد طارق صيام من المنتجين الذين ساهموا بشكل مباشر في نهضة الدراما المصرية خلال الألفية الجديدة، وترك بصمة واضحة في العديد من الأعمال التي حققت نسب مشاهدة عالية، وكان دائمًا حريصًا على تقديم محتوى يجمع بين القيمة الفنية والجماهيرية.
لم يكن صيام منتجًا تقليديًا، بل شريكًا حقيقيًا في صناعة المحتوى، دائم التفاعل مع الكتّاب والمخرجين والنجوم، ومنفتحًا على الأفكار الجديدة، مما جعله يحظى باحترام واسع بين العاملين في الوسط الفني.
مسيرة فنية امتدت لأربعة عقود
بدأ طارق صيام مسيرته الفنية عام 1984، عندما أسس شركة “عرب سكرين”، التي أصبحت واحدة من أشهر شركات الإنتاج في مصر خلال التسعينيات وبداية الألفية. ومن خلالها، قدّم عددًا من أهم المسلسلات التي ترسّخت في ذاكرة الجمهور العربي، كما خاض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال شراكة مع شركة “يوني كورن”، ليؤكد قدرته على النجاح في مختلف مجالات الإنتاج.
وعلى مدار أكثر من 40 عامًا، لم يتوقف صيام عن دعم المواهب، وتبني الأفكار الجريئة، والسعي الدائم للتجديد، رغم كل التحديات الإنتاجية والاقتصادية التي مرت بها الساحة الفنية في مصر والمنطقة.
أعمال درامية خالدة
ترك طارق صيام إرثًا غنيًا من الأعمال الدرامية التي أثرت في وجدان المشاهد المصري والعربي. ومن أبرز المسلسلات التي أنتجها:
- “العطار والسبع بنات” بطولة الفنان الراحل نور الشريف، وهو من أوائل المسلسلات التي رسّخت بصمة صيام كمنتج يعتمد على الدراما الاجتماعية الواقعية.
- “المصراوية” بجزأيه، من بطولة هشام سليم، ومن تأليف الروائي الكبير أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، في واحد من أضخم الإنتاجات الدرامية التي تناولت تحولات المجتمع المصري.
- “العار” مع مصطفى شعبان، و**”الباطنية”** بطولة غادة عبد الرازق، و**”آدم”** من بطولة تامر حسني، وهي أعمال جمع فيها بين التشويق والدراما الاجتماعية.
- “خطوط حمراء” بطولة النجم أحمد السقا، الذي كان من أوائل الفنانين الذين نعوا صيام بعد وفاته، مؤكدًا أنه كان “منتجًا يؤمن بقوة الفن ويمنح الثقة لصنّاعه”.
- “كيد النسا” بجزأيه مع فيفي عبده وسمية الخشاب، و**”دلع بنات”** بطولة مي عز الدين ومحمد إمام، وهما من الأعمال التي حققت شعبية كبيرة في مواسم رمضان.
نجاحات سينمائية لافتة
إلى جانب الدراما، كان لطارق صيام بصمة خاصة في السينما، حيث أنتج عددًا من الأفلام الجماهيرية التي ما زالت تحظى بنسبة مشاهدة عالية حتى اليوم، منها:
- “الباشا تلميذ” بطولة كريم عبد العزيز.
- “عيال حبيبة” مع حمادة هلال وغادة عادل.
- “55 إسعاف” الذي جمع بين أحمد حلمي ومحمد سعد.
- “حريم كريم” للفنان مصطفى قمر والنجمة ياسمين عبد العزيز.
وقد تميزت هذه الأفلام بخفة الظل، والبُعد الجماهيري، وتقديم مواهب شابة إلى الساحة، كما ساهم بعضها في انطلاق نجومية بعض الفنانين الذين أصبحوا اليوم من الصف الأول.
علاقة خاصة بالكاتب محمد صلاح العزب
واحد من أقرب شركاء العمل إلى طارق صيام، كان الكاتب محمد صلاح العزب، الذي كتب عبر حسابه في منصات التواصل ناعيًا صديقه بكلمات مؤثرة:
“الله يرحمك يا أستاذ طارق، من الكرام الخلوقين المحترمين الأكابر. منتج مسلسلات: دلع بنات، وحالة عشق، وأزمة نسب. لك عند الله أيادٍ بيضاء لا تُنسى.”
كما أشاد العزب بقدرة صيام على التعامل الإنساني قبل الفني، وحرصه على تقديم الدعم للمبدعين في بداية مشوارهم دون تردد.
حزن في الوسط الفني وإشادات واسعة
فور إعلان خبر الوفاة، توالت برقيات النعي ورسائل التعزية من الفنانين والكتّاب والإعلاميين، الذين أجمعوا على أن طارق صيام لم يكن فقط منتجًا، بل كان “أبًا روحيًا” و”سندًا مهنيًا” للعديد من الفنانين، وخاصة في بداياتهم.
وقد نعاه أيضًا عدد من رؤساء القنوات المصرية الكبرى، مؤكدين أنه كان رجل إنتاج يؤمن بقيمة الفن، ويسعى دائمًا لتقديم الأفضل رغم التحديات.
إرث لا يُنسى
مع رحيل طارق صيام، تفقد الدراما والسينما المصرية أحد رموز الإنتاج الذهبي، الذي ساهم في صناعة محتوى راقٍ لسنوات طويلة، وبقي وفيًا للمهنة حتى أيامه الأخيرة.
وعلى الرغم من رحيله، فإن أعماله ستبقى شاهدًا على قدرته على تحويل النصوص إلى دراما مؤثرة، والأفكار إلى أعمال خالدة، لا تزال تُعرض وتُتناقل عبر الشاشات والمنصات.
رحم الله المنتج طارق صيام، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته وزملاءه ومحبيه الصبر والسلوان.