تركيا – السابعة الاخبارية
وفاة المغني، تحوّلت أجواء الفرح في أحد حفلات الزفاف بمدينة جمليك التابعة لمحافظة بورصا التركية إلى مشهدٍ مأساوي لا يُنسى، والتي شهدت وفاة المغني الشعبي المعروف يُكسل قادر (47 عامًا) أنفاسه الأخيرة على المسرح أمام عشرات الحاضرين، إثر أزمة قلبية مفاجئة داهمته أثناء أدائه أغنية إهداءً للعروسين.
المشهد المؤلم الذي التقطته كاميرات الهواتف خلال لحظاته الأخيرة، انتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار حالة من الحزن العميق بين جمهوره ومحبيه في تركيا والعالم العربي، خاصة وأن الفنان كان معروفًا بابتسامته الدائمة وصوته الدافئ الذي رافق الكثير من المناسبات السعيدة.
وفاة المغني الشعبي يُكسل.. من الفرح إلى الصدمة ولحظات ما قبل المأساة
كان كل شيء يسير كما خُطط له في تلك الليلة.
الموسيقى تملأ المكان، والضحكات تعلو مع تصفيق الحاضرين الذين احتفلوا بزفاف أحد أقارب الفنان يُكسل قادر.
وفي لفتةٍ إنسانية جميلة، قرر الفنان أن يصعد إلى المسرح بنفسه ليقدّم فقرة غنائية تكريمية للعروسين، معتبرًا ذلك عربون محبةٍ لهم في ليلة العمر.
لكنّ القدر كان يخبئ لحظات لا تُنسى.
فبينما كان يُكسل يؤدي أغنيته بصوته المفعم بالحيوية، توقّف فجأة، وضع يده على صدره، ثم سقط أرضًا دون سابق إنذار، وسط دهشة وصرخات الحاضرين.
في البداية، اعتقد البعض أن ما حدث مزحة أو أداء تمثيلي ضمن أجواء الحفل، قبل أن يدركوا أن الأمر خطير للغاية، فسارع عدد من الحضور لمحاولة إسعافه قبل وصول فرق الطوارئ.
محاولات يائسة لإنقاذه
تقدّم بعض المدعوين ممن يملكون خبرة بالإسعافات الأولية لمساعدة الفنان، في محاولةٍ لإنعاشه عبر التنفس الاصطناعي وتدليك القلب، بينما عمّ الصمت المكان وتحول الفرح إلى حالة من الذهول والحزن.
خلال دقائق معدودة، وصلت سيارات الإسعاف إلى موقع الحفل في بلدة جمليك، وتم نقل يُكسل قادر على وجه السرعة إلى مستشفى جمليك الحكومي، حيث بذل الأطباء جهودًا مضنية لإنعاشه، لكن جميع المحاولات باءت بالفشل.
بعد نصف ساعة من الجهود الطبية، أعلن الأطباء رسميًا وفاته إثر أزمة قلبية حادة، لتطوى صفحة فنان شعبي عاش قريبًا من الناس، ومات وسطهم، كما أحبّ أن يكون دائمًا.
لحظات الرعب أمام الكاميرا
المشهد الصادم لم يمرّ مرور الكرام.
فقد كان بين الحضور عدد من المدعوين الذين وثّقوا لحظة سقوط الفنان بكاميرات هواتفهم المحمولة، دون أن يدركوا أنهم يسجلون آخر لحظات حياته.
وانتشرت المقاطع خلال ساعات قليلة على منصات مثل X (تويتر سابقًا) وإنستغرام وتيك توك، محققة ملايين المشاهدات، بينما غصّت التعليقات بعبارات الحزن والدعاء له بالرحمة.
كتب أحد المتابعين تعليقًا مؤثرًا قال فيه:
“رحل وهو يغني، مات كما عاش… بابتسامة ووسط الناس الذين أحبّوه.”
بينما قال آخر:
“مشهد موجع. لم نكن نتوقع أن تتحول لحظة فرح إلى وداع مؤلم بهذا الشكل.”
تحقيقات رسمية وصدمة في الوسط الفني
على الفور، فتحت السلطات المحلية في بورصا تحقيقًا رسميًا لمعرفة ملابسات الوفاة، رغم أن التقارير الأولية أكدت أن السبب هو توقف مفاجئ في عضلة القلب نتيجة أزمة حادة.
كما خضعت الجثة للفحص الطبي الشرعي، بهدف التأكد من عدم وجود أي عوامل خارجية تسببت في الحادث.
وأكدت إدارة المستشفى في بيان مقتضب أن الفنان وصل إلى الطوارئ وهو فاقد للوعي ودون نبض، وأنه فارق الحياة قبل الوصول إلى غرفة العناية المركزة.
من جهتهم، عبّر زملاؤه في الوسط الفني عن حزنهم الشديد، حيث كتب عدد من المغنين الشعبيين الأتراك كلمات وداع عبر صفحاتهم، مشيرين إلى أنه كان “قلبًا طيبًا وصوتًا محببًا للجميع”.
من هو يُكسل قادر؟ مسيرة فنية من البساطة إلى الشعبية
يُعد يُكسل قادر واحدًا من أبرز الأصوات الشعبية في منطقة مرمرة التركية، حيث بدأ مشواره الفني في تسعينيات القرن الماضي كمغنٍ في المناسبات المحلية والمهرجانات القروية.
كان يمتلك أسلوبًا خاصًا يمزج بين الأغنية الفولكلورية التركية القديمة والنغمات الحديثة، ما أكسبه شهرة كبيرة بين محبي هذا اللون الفني البسيط والعفوي.
ولد قادر عام 1978 في مدينة بورصا، ونشأ في عائلة متواضعة، حيث بدأ العمل في سن مبكرة لمساعدة والده، لكنه لم يتخلّ أبدًا عن حلمه في الغناء.
ورغم أنه لم يدرس الموسيقى أكاديميًا، إلا أنه اعتمد على موهبته الفطرية وصوته القوي ليشق طريقه في عالم الفن الشعبي.
أصدر خلال مسيرته أكثر من 6 ألبومات محلية، من بينها ألبوم “Kalbimde Türküler” (أغنيات في قلبي)، الذي حقق نجاحًا كبيرًا في الأقاليم الجنوبية من تركيا، وفتح له باب الشهرة على نطاق أوسع.
فنان قريب من الناس
ما جعل يُكسل قادر محبوبًا لدى الجمهور ليس فقط صوته الدافئ، بل تواضعه وإنسانيته.
فهو كان يرفض الأضواء المبالغ فيها، ويفضّل الغناء في الحفلات العائلية والمهرجانات الصغيرة على الوقوف في المسارح الضخمة.
كان يقول دائمًا في لقاءاته الصحفية القليلة:
“أنا أغني للناس البسطاء، لأنني واحد منهم.”
وبالفعل، ظل وفيًا لجمهوره البسيط حتى اللحظة الأخيرة من حياته، حين غنى في زفاف أحد أقاربه دون مقابل مادي، فقط بدافع الحب والفرح.
صدى واسع في الشارع التركي
مع انتشار نبأ وفاته، تصدّر اسم يُكسل قادر قوائم البحث في تركيا خلال ساعات قليلة، وتحوّل موقع “X” إلى ساحة عزاء افتراضية عبّر فيها الآلاف عن حزنهم لفقدان فنان “رحل وهو يؤدي رسالته”.
العديد من الفنانين الأتراك كتبوا رسائل تعزية، من بينهم المغنية الشعبية سيبال توران التي قالت:
“لقد فقدنا صوتًا جميلاً وإنسانًا رائعًا. وداعًا يا صديقي، رحلت في المكان الذي تحبه، وسط الناس والموسيقى.”
كما نعاه المغني إيمره كاراكا قائلاً:
“لن ننسى يُكسل، كان رمزًا للفرح، لكن القدر اختار له نهاية تليق بفنانٍ عاش صادقًا حتى آخر لحظة.”
الجنازة… وداع يليق بفنان أحب الناس
في اليوم التالي لوفاته، شيّعت بلدة جمليك ابنها الفنان يُكسل قادر في جنازة مهيبة شارك فيها مئات من محبيه وأهله وزملائه.
وانطلقت الجنازة من أمام منزله إلى مسجد البلدة الكبير، حيث أقيمت الصلاة عليه وسط أجواء من الحزن الشديد والبكاء.
وحمل المشيّعون نعشه على الأكتاف وسط تصفيقٍ وبكاءٍ في آنٍ واحد، في مشهد اختلطت فيه الدموع بالدعاء.
ثم وُوري الثرى في مقبرة البلدة، تاركًا وراءه إرثًا من الأغاني البسيطة التي ستظل محفورة في ذاكرة جمهوره.
رحيل مفاجئ يفتح ملف “صحة الفنانين على المسرح”
أعادت وفاة يُكسل قادر الحديث في تركيا عن الضغوط الصحية والنفسية التي يواجهها الفنانون الشعبيون أثناء العمل، خصوصًا في المناسبات الطويلة التي تمتد لساعات وسط التدخين والضوضاء والجهد البدني الكبير.
وذكّر بعض الأطباء بهذه المناسبة بأهمية الفحوص الدورية للفنانين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضغط نفسي، مؤكدين أن “الأداء الفني في الحفلات ليس نشاطًا ترفيهيًا فقط، بل مجهود جسدي يتطلب لياقة عالية”.
وداعًا يُكسل قادر… غنّى حتى آخر نبضة
برحيل الفنان الشعبي يُكسل قادر، فقدت الساحة الفنية التركية صوتًا إنسانيًا صادقًا كان يعكس نبض الناس البسطاء.
مات كما عاش، وسط جمهوره وبين أحبّائه، دون تمثيل أو تصنّع، لتبقى قصته شاهدًا على أن الفن الحقيقي ليس شهرة أو مالًا، بل صدق الإحساس والتفاني في العطاء.
سيظل المشهد الأخير محفورًا في ذاكرة كل من حضر تلك الليلة؛ فبينما كانت الأنغام تعزف، غاب الصوت الذي أحبّته القلوب… وغادر يُكسل قادر بهدوء، تاركًا خلفه أغنيته الأخيرة تُكمل اللحن الذي لم يُكملُه هو.
هل ترغب أن أضيف في النهاية فقرة قصيرة مؤثرة على لسان أحد أقاربه أو أحد جمهوره (بأسلوب روائي واقعي) لتمنح المقال لمسة إنسانية أعمق قبل النشر؟