القاهرة – السابعة الاخبارية
وفاة والدة أمير عيد، في مشهد مليء بالحزن والوجع الإنساني، فُجع الفنان أمير عيد، المغني الرئيسي لفرقة “كايروكي”، ب وفاة والدة أمير عيد عصر يوم الأحد 19 أكتوبر 2025، بعد رحلة صعبة مع مرض الزهايمر. وقد تم الإعلان عن موعد تشييع الجنازة بعد صلاة العصر من مسجد الفاروق في المعادي، بالقاهرة، وسط حالة من الحزن في الوسط الفني وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
وفاة والدة أمير عيد.. محمد عدوية ينعي والدة صديقه: “في ذمة الله”
كان الفنان محمد عدوية من أوائل من أعلنوا الخبر الحزين، حيث كتب عبر حسابه في “فيسبوك”:
“إنا لله وإنا إليه راجعون، والدة أخويا وصديقي الفنان أمير عيد في ذمة الله.”
وقد لاقت كلماته تفاعلًا كبيرًا من جمهور أمير عيد ومحبيه، الذين بادروا بتقديم التعازي والدعاء للفقيدة، مؤكدين تعاطفهم مع الفنان في هذه اللحظة المؤلمة.
حكاية من الألم… الزهايمر يسرق أغلى الذكريات
الوفاة لم تكن مفاجئة لأمير عيد، إذ سبق وأن تحدث عنها بشكل صريح ومؤثر في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي أنس بوخش في برنامج “ABtalks”. تحدث أمير حينها عن تفاصيل رحلة والدته مع مرض الزهايمر، واصفًا إياها بأنها “أكبر صدمة في حياته”.
قال أمير بتأثر واضح:
“والدتي أصيبت بالزهايمر، ولم أستطع تقبّل الأمر في البداية، كنت أشعر بالذنب كلما تركتها وحدها في المنزل رغم وجود ممرضة تراعيها، لكن فكرة إنها مش فاكرة مين أنا كانت موجعة جدًا.”
تلك الجملة البسيطة لخصت حجم الألم النفسي الذي عاشه أمير عيد، نجم موسيقى الروك العربي، وهو يرى الإنسانة الأقرب إلى قلبه تفقد ذاكرتها تدريجياً، وتتوه عنه رغم وجوده المستمر بجانبها.
بداية القصة.. يوم الزفاف تحول إلى بداية المعاناة
في تفاصيل رواها أمير خلال اللقاء ذاته، قال إن علامات المرض بدأت تظهر على والدته يوم زفافه، حين لاحظ تغيّرًا في سلوكها غير المعتاد. ظنّ حينها أن الأمر ناتج عن الإرهاق أو التوتر، لكنه بعد عودته من شهر العسل لاحظ أن الأمور تزداد سوءًا، ما دفعه إلى استشارة الأطباء الذين أكدوا له التشخيص القاسي: الزهايمر.
تابع أمير بقلب منكسر:
“كانت أكبر صدمة في حياتي، إن أمي تبقى موجودة لكن مش فاكراني… ده شيء صعب أوى يتوصف.”
لقد كانت تلك اللحظة مفصلية في حياة الفنان الذي اعتاد التعبير عن مشاعره في أغانيه، لكن هذه المرة كان الألم شخصيًا جدًا، أقرب من أن يُحوّل إلى لحن أو كلمات.
بين الغربة النفسية والحب الصامت
مرض الزهايمر لا يسرق الذاكرة فقط، بل يخلق غربة حقيقية بين الأحبة، وهذا ما وصفه أمير عيد حين قال إنه عاش صراعًا داخليًا رهيبًا وهو يرى والدته أمامه لكن لا يتلقى منها أي اعتراف بوجوده كابنها، لا تذكر اسمه، لا تتعرف على ملامحه.
أوضح:
“كنت نفسي أعوضها عن كل حاجة مرت بيها بعد انفصالها عن والدي، لكن المرض حرمني من ده. حسيت إني تايه، إني عاوز أقولها حاجات كتير وهي مش قادرة تفهمها.”
ذلك الصراع بين الرغبة في التعبير والقدرة على التواصل، شكّل عبئًا عاطفيًا مضاعفًا على أمير، وجعل رحلته مع مرض والدته أكثر ألمًا وتعقيدًا.
العلاقة الخاصة بين أمير ووالدته
من خلال تصريحاته المختلفة، سواء في اللقاءات أو على حساباته في مواقع التواصل، بدا واضحًا أن أمير عيد كان مرتبطًا بوالدته بشكل استثنائي. تحدّث عنها دائمًا بإجلال، وعبّر عن امتنان كبير لكل ما قدمته له في حياته، خاصة بعد أن تحملت عبء تربيته بعد انفصالها عن والده.
كانت والدته بالنسبة له ليست فقط الأم، بل السند، والمستشار، والمحفز الأول لمسيرته الفنية، بل وربما مصدر الحساسية الفنية العالية التي يظهرها في أغانيه.
وفقدانها، وإن بدأ فعليًا مع بداية الزهايمر، إلا أن لحظة الوفاة جاءت لتغلق فصلًا طويلًا من العلاقة التي قاومت غدر المرض، ولم تنكسر رغم أن الذاكرة غابت، وبقي الحب حاضرًا في قلب ابنها.
الجنازة… وداع حزين لامرأة صبورة
الجنازة التي أُعلن عنها عقب صلاة العصر من مسجد الفاروق بالمعادي، شهدت حضورًا كثيفًا من المقربين من الفنان أمير عيد، إضافة إلى عدد من نجوم الفن والموسيقى، الذين حرصوا على تقديم واجب العزاء ومشاركة زميلهم لحظات الفقد الصعبة.
ورغم أن التفاصيل الإعلامية حول الجنازة كانت قليلة حتى لحظة كتابة هذا التقرير، فإن مشاعر الحزن التي طغت على السوشيال ميديا عبّرت بوضوح عن مكانة الفنان وألمه في هذه اللحظة.
الفن في مواجهة الفقد
السؤال الذي يشغل بال كثيرين اليوم هو كيف سيواجه أمير عيد هذا الحزن العميق؟ وهل ستنعكس هذه التجربة المؤلمة على فنه القادم؟ المعروف عن أمير أنه لا يفصل بين حياته الشخصية وفنه، بل يستمد من تجاربه العاطفية والإنسانية محتوى أغانيه وكلماتها المؤثرة.
وبالتالي، من المرجح أن تكون وفاة والدته محطة فنية جديدة في مسيرته، وأن تنعكس تلك الأحاسيس الصادقة التي عاشها في أعمال مستقبلية، تلامس القلوب كما اعتاد دائمًا.
جمهور كايروكي يتعاطف ويقدّم الدعم
جمهور فرقة “كايروكي” المعروف بولائه الكبير وتواصله القوي مع أعضائها، لم يتأخر في تقديم التعازي والدعم النفسي لأمير. عبر حسابات المعجبين وصفحات الفرقة، تدفقت مئات الرسائل التي عبّرت عن الحزن والتعاطف والدعاء.
بل إن البعض اعتبر وفاة والدة أمير وكأنها مصاب يخص العائلة الموسيقية بأكملها، نظرًا لما تمثله الفرقة من رمزية للأجيال الشابة، وارتباطها العاطفي بجمهورها من خلال الأغاني الصادقة والمعاني العميقة.
الصمت أبلغ من الكلام
رغم عمق المصاب، لم ينشر أمير عيد حتى الآن أي تعليق شخصي على حساباته الرسمية بعد إعلان الوفاة، ما اعتبره كثيرون تعبيرًا طبيعيًا عن حزنه العميق، ورغبته في البقاء في مساحة من الخصوصية، بعيدًا عن الأضواء.
صمت أمير كان متوقعًا، خاصة بعد أن تحدث سابقًا عن معاناته مع الألم النفسي، وعن شعوره الدائم بالذنب تجاه والدته رغم كل ما فعله من أجلها.
ختامًا: فقدٌ يخلّد الذاكرة
رحيل والدة أمير عيد ليس فقط حدثًا عائليًا مؤلمًا، بل قصة إنسانية تحمل في طياتها الكثير من المشاعر التي يمكن أن تتكرر في حياة أي إنسان. قصة أم كافحت، وولد أحبّ، ومرض خذل، وذاكرة انطفأت بينما بقي الحب مشتعلًا في القلب.
سيبقى هذا الفقد علامة فارقة في حياة أمير، وربما يدفعه نحو نضج فني وإنساني جديد. لكنه أيضًا يسلّط الضوء على واحدة من أقسى معارك الحياة: أن ترى من تحب ينسى اسمك، بينما قلبك لا ينسى لحظة واحدة معهم.