الرياض– السابعة الإخبارية
أعلن الديوان الملكي السعودي اليوم الجمعة وفاة الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود، على أن تُقام صلاة الجنازة عليها عصر يوم غد السبت في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وجاء في بيان الديوان الملكي:
“انتقلت إلى رحمة الله تعالى صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود، وسيُصلّى عليها – إن شاء الله – يوم غد السبت الموافق 3 / 5 / 1447هـ، بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض.”
ولم يذكر البيان تفاصيل حول سبب الوفاة، مكتفياً بالدعاء للفقيدة بالرحمة والمغفرة، سائلاً الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته.

حزن واسع ومشاعر وفاء عبر مواقع التواصل
أثار خبر وفاة الأميرة هيفاء حالة من الحزن العميق في الأوساط السعودية والعربية، حيث عبّر عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن تعازيهم لعائلة الفقيدة، مستذكرين مواقفها الإنسانية وأعمالها الخيرية التي امتدت إلى مختلف مناطق المملكة.
ووصفها كثير من المغردين بـ “أميرة الإنسانية”، لما عُرفت به من اهتمامها بالمبادرات الاجتماعية، ودعمها المستمر للمشاريع الخيرية والتنموية التي تستهدف تمكين المرأة والشباب وتحسين جودة الحياة في المجتمع السعودي.
وتداول المغردون صوراً وتسجيلات للأميرة الراحلة خلال مشاركاتها في المنتديات المحلية والدولية، مشيرين إلى أنها كانت نموذجاً في العمل الوطني الهادئ والبنّاء، وواحدة من الشخصيات النسائية السعودية التي ساهمت في تمكين الجيل الجديد من الشابات في مجالات التعليم والإدارة والرياضة والاقتصاد.
مسيرة علمية مميزة وبصمة أكاديمية رفيعة
وُلدت الأميرة هيفاء في أسرة عُرفت بخدمتها للوطن ومشاركتها الفاعلة في التنمية، وقد أولت التعليم اهتماماً كبيراً منذ مراحل حياتها الأولى.
ففي عام 2008 حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة نيو هافن بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم واصلت دراستها العليا لتنال في عام 2017 درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية لندن للأعمال (London Business School)، إحدى أعرق المؤسسات الأكاديمية العالمية في مجال الإدارة.
وقد منحتها تجربتها الأكاديمية المزدوجة، في الشرق والغرب، رؤية إدارية حديثة ومهارات قيادية أهلتها لشغل مناصب مؤثرة في القطاعين العام والخاص داخل المملكة.

تجربة مهنية رائدة في مجالات متعددة
بدأت الأميرة هيفاء حياتها المهنية في أحد البنوك الاستثمارية الكبرى كمحللة مالية، ثم تدرجت لتصبح زميلًا أول في قسم مبيعات الأسهم، قبل أن تغادر القطاع المالي في عام 2012 لتتجه إلى العمل الحكومي من بوابة وزارة التعليم العالي، حيث شغلت منصب مستشارة أولى، وأسهمت في تطوير البرامج التعليمية والبعثات الخارجية.
وفي عام 2017، تم تعيينها مديرة عامة للهيئة العامة للرياضة، حيث ركزت جهودها على تطوير الاقتصاد الرياضي ودعم مشاركة المرأة السعودية في الأنشطة الرياضية، في فترة شهدت خلالها المملكة تحولاً نوعياً في مجال الرياضة النسائية ضمن رؤية السعودية 2030.
كما تولّت في يوليو 2018 منصب الأمين العام لشركة فورمولا إي القابضة، وساهمت في تنظيم فعاليات دولية رياضية نوعية، كان لها أثر في تعزيز موقع المملكة على خريطة الأحداث الرياضية العالمية.
وفي عام 2020، عُينت عضواً في مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني ممثلةً للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، حيث شاركت في رسم سياسات استراتيجية لتطوير قطاع الطيران والسياحة في المملكة، وتوسيع آفاق الاستثمار فيهما.

حضور دولي ورؤية عالمية
لم يقتصر نشاط الأميرة الراحلة على العمل المحلي، بل كان لها حضور دولي مميز في المنتديات الاقتصادية والتنموية، أبرزها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2022، حيث شاركت في حوارات متقدمة تناولت التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية في مجالات التنمية والبيئة والتعليم والاقتصاد الرقمي.
وقد لاقت مشاركتها إشادة واسعة من الحاضرين لما أبدته من وعي اقتصادي عميق وفكر تنموي متوازن يعكس طموح المرأة السعودية ومكانتها الجديدة في مختلف ميادين القيادة وصنع القرار.
إرث إنساني خالد
عرفت الأميرة هيفاء بمبادراتها الإنسانية الهادئة، حيث كانت تركز على العمل الخيري بعيداً عن الأضواء، وقدّمت الدعم للعديد من الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية، لا سيما تلك المعنية بتعليم الأطفال ورعاية ذوي الهمم وتمكين المرأة اقتصادياً.
وقد نعَاها ناشطون ومقربون بكلمات مؤثرة، مشيرين إلى أن رحيلها يمثل خسارة لشخصية استثنائية جمعت بين العلم والعمل والتواضع والرحمة، وتركَت وراءها إرثاً من العطاء الوطني والإنساني سيبقى حاضراً في الذاكرة الجماعية للمجتمع السعودي.
وداع يليق بمكانتها
يأتي رحيل الأميرة هيفاء بعد يوم واحد فقط من إعلان وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود، التي أُقيمت عليها صلاة الجنازة اليوم الجمعة في الجامع ذاته، ما أضفى على المشهد مزيداً من الحزن بين أوساط الأسرة المالكة والمجتمع السعودي.
وستُقام غداً مراسم تشييع الأميرة هيفاء بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، وسط حضور رسمي وشعبي كبير، يتقدمهم عدد من أصحاب السمو وكبار المسؤولين والمواطنين الذين سيودّعون أميرة تركت بصمة خالدة في مسيرة الوطن.
رحم الله الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود، وأسكنها فسيح جناته، وألهم ذويها ومحبيها الصبر والسلوان.
