دبي – السابعة الإخبارية
ولائم.. في ظل التوسع المتسارع لاستخدام المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي في تسيير شؤون الحياة اليومية، تتخذ أساليب الاحتيال الإلكتروني أشكالاً متجددة تواكب هذا التحول الرقمي، وتستغل في الوقت ذاته عادات المجتمع واحتياجاته الخاصة، خصوصاً تلك المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية والعائلية في دبي.
من بين أحدث هذه الأساليب، برزت ما بات يُعرف بعمليات “الولائم الوهمية”، حيث يُوهم الضحايا بوجود خدمات تجهيز ولائم ومناسبات بأسعار مغرية، ثم يكتشفون في يوم المناسبة أن كل شيء كان مجرد خدعة مُحكمة التخطيط.

سيناريو متكرر لـ الولائم باختلاف الضحايا
ورصدت صحيفة الإمارات اليوم عدة شكاوى من أفراد وقعوا ضحية حسابات على مواقع التواصل، ادعت تقديم خدمات فاخرة لإعداد الموائد للمناسبات الخاصة.
هذه الحسابات تطلب من الضحية سداد نصف المبلغ مقدماً لتأكيد الحجز، ثم تُطالب بالبقية قبيل الموعد، لتختفي بعدها بلا أثر.
في واقعة مثيرة للدهشة، تعرضت المواطنة نورة محمد الحمادي للاحتيال بعد أن حجز زوجها بوفيه عشاء للاحتفال بعيد ميلاد ابنتهما عبر حساب شهير على “إنستغرام” كان يُعرف سابقاً بجودة خدماته.
وقالت نورة إن زوجها دفع 2500 درهم كمقدم حجز، بعد تواصل عبر “واتس أب” شمل تفاصيل دقيقة أوحت بالمصداقية، من بينها اختيار الأصناف وعدد المشرفات وحاجات الضيافة الأخرى.
ومع اقتراب المناسبة، طُلب منه سداد المبلغ المتبقي لتأكيد الحجز، لكن بعد الدفع، انقطع التواصل تماماً ولم يصل أي طعام، ليكتشف الزوجان أن الأمر كان احتيالاً مدبراً.
قصة مماثلة رواها راشد الكتبي، من سكان منطقة المدام، الذي اضطر لإلغاء وليمة عائلية بعد أن دفع ثمن ذبيحتين عبر حساب على “إنستغرام” أيضاً.
وبعد التحويل، لم يتلقَ أي رد، رغم محاولاته المتكررة للتواصل عشية المناسبة، ليكتشف هو الآخر أنه وقع فريسة لعملية احتيال إلكتروني.
الخبراء يحذرون: الأسعار المغرية شرك خادع
الخبير الاقتصادي إبراهيم عبدالله البحر أوضح أن المحتالين ينجحون في تنفيذ خططهم بنسبة تراوح بين 50 إلى 70%، مستغلين ثغرات في وعي المستهلك، وميوله للانجراف وراء الأسعار المنخفضة دون التأكد من مصداقية مصدر الخدمة.
وقال البحر إن الأسلوب المتبع بات شائعاً: يتم الترويج لعروض مغرية عبر حسابات غير موثقة على مواقع التواصل، ويُطلب من الضحية دفع مبلغ أولي، ثم يُستكمل الدفع لاحقاً قبل أن يختفي الطرف المحتال.
وأشار البحر إلى أن نحو نصف الحسابات التي تُروّج لخدمات الطعام والمناسبات على المنصات الاجتماعية تُدار بشكل وهمي، وبعضها ينتحل أسماء مطابخ ومطاعم معروفة، دون أي ترخيص أو وجود فعلي.
كما أن اعتماد المحتالين على التواصل عبر “واتس أب” فقط دون أي وسيلة تواصل موثوقة أو موقع رسمي يُعد مؤشراً واضحاً للاحتيال.
التحدي القانوني في ملاحقة الجناة
المستشار القانوني والمحامي راشد الحفيتي أكد أن الاحتيال الإلكتروني عبر هذه الوسائل أصبح ظاهرة حقيقية، تشهد ارتفاعاً في القضايا المعروضة أمام المحاكم.

وأوضح أنه تلقى استشارات من شخصين وقعا ضحية للاحتيال بعد أن قاما بتحويل مبالغ تراوحت بين 6000 و8000 درهم لحسابات تبين لاحقاً أنها مجرد وسائط لتحويل الأموال إلى خارج الدولة، ما يُصعب عملية تتبعها.
وأشار الحفيتي إلى أن انتشار هذه الجرائم يعود إلى ضعف الوعي القانوني لدى كثير من الأفراد، مشدداً على ضرورة التحقق من التراخيص الرسمية قبل إتمام أي معاملة مالية، وعدم الانجرار وراء الإعلانات المغرية، مهما بدت مغرية أو “محترفة”.
التوعية ضرورة مجتمعية
رغم الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية في الدولة للتوعية والتحذير من مخاطر الاحتيال الإلكتروني، إلا أن الكثير من الأفراد لا يتخذون إجراءات كافية للتحقق من مصادر الخدمات قبل الدفع.
المشكلة، كما يصفها البحر، ليست في غياب الرقابة، بل في “تكاسل الضحايا عن التحقق”، ما يفتح الباب أمام المحتالين لاستغلال هذا الخلل المتكرر.
وفي ظل توسع التجارة الرقمية واعتماد الكثيرين على التطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي في تعاملاتهم، تتطلب مواجهة هذا النوع من الاحتيال تعزيز الوعي المجتمعي، وسن تشريعات أشد صرامة، وربما إيجاد آلية موحدة للتحقق من مصداقية الحسابات التجارية، لحماية الأفراد من الوقوع ضحية “ولائم في الهواء”.
انتهت فترة الاختبارات لازم وليمة محترمة🔥 pic.twitter.com/gO1jTSlydG
— Saleh (@upqd_) May 25, 2025