الشارقة – السابعة الاخبارية
ويل سميث، لأول مرة في مسيرته الإبداعية الممتدة لأكثر من ثلاثين عاماً، يستعد النجم العالمي ويل سميث لأن يخوض تجربة جديدة من نوعها، بعيداً عن عدسات السينما وكواليس الاستوديوهات الموسيقية، حيث يحلّ ضيفاً على الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، في جلسة حوارية استثنائية تُقام غداً الجمعة.
بهذه الخطوة غير المسبوقة، يفتح سميث صفحة جديدة في رحلته الفنية، ليشارك جمهوره العربي والعالمي تجربة مختلفة تتجاوز التمثيل والغناء، إلى الحديث عن الإلهام، والكتابة، والنجاح، والفشل، وكيفية صناعة الذات من جديد في كل مرحلة من مراحل الحياة. إنها لحظة تُجسد ما يسميه كثيرون “فن التطور المستمر”، وهو ما جعل اسم ويل سميث مرادفاً للإبداع الشامل.
ويل سميث يجمع جمهور الفن والأدب في لحظة واحدة
الجلسة الحوارية التي يستضيفها المعرض تمنح عشاق السينما والأدب معاً فرصة نادرة لسماع سميث مباشرة، وهو يتحدث عن مسيرته الغنية وتجاربه المتنوعة في الكتابة والسينما والموسيقى وريادة الأعمال.
سيتعرف الحضور على جانب مختلف من شخصيته، جانب الكاتب والمفكر الذي يرى أن الفن ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل أداة للتعبير والوعي والإلهام.
فالنجومية التي حققها سميث على الشاشات لم تمنعه يوماً من النظر إلى نفسه كإنسان في رحلة دائمة من التعلم والتجديد. هذه الرؤية الإنسانية هي ما يجعل مشاركته في معرض الشارقة الدولي للكتاب حدثاً ثقافياً بامتياز، إذ تُبرز كيف يمكن للفن أن يكون بوابة للمعرفة، وكيف يمكن للكتاب أن يصبح امتداداً طبيعياً للكاميرا والميكروفون.

ويل سميث يكتب سيرته بالحروف بعد أن كتبها بالأفلام
لم يتوقف ويل سميث عند حدود الشهرة السينمائية، بل ترجم مسيرته إلى تجربة أدبية لاقت إعجاب القراء والنقاد حول العالم. ففي عام 2021 أصدر سيرته الذاتية بعنوان “ويل”، التي شارك في تأليفها مع الكاتب المعروف مارك مانسون، صاحب كتاب “فن اللامبالاة”.
يقدّم سميث في كتابه هذا رؤية صادقة عن حياته، من طفولته في فيلادلفيا إلى تحوله إلى أحد أبرز نجوم هوليوود، كاشفاً لحظات القوة والضعف، والانتصارات والإخفاقات التي شكّلت شخصيته. والكتاب ليس مجرد سرد للذكريات، بل رحلة فلسفية وإنسانية تبحث في معنى النجاح والحرية والصدق مع الذات.
ولم يكتفِ بذلك، بل كتب أيضاً كتاب الأطفال “نحن الاثنان فقط” (Just the Two of Us)، المستوحى من أغنيته الشهيرة التي تحمل الاسم ذاته، والتي تحتفي بالرابط العميق بين الأب والابن. في هذا الكتاب، يظهر سميث أباً حنوناً ومبدعاً يترجم مشاعره بلغة بسيطة قادرة على لمس قلوب الأطفال والآباء في آن واحد.
ويل سميث بين الأوسكار والجرامي: رحلة فنية لا تعرف الحدود
في عالم السينما، يُعد ويل سميث واحداً من أكثر الفنانين تأثيراً وشهرة في العقود الثلاثة الأخيرة. حصد جائزة الأوسكار كأفضل ممثل عن دوره في فيلم “الملك ريتشارد”، الذي جسّد فيه شخصية والد بطلتي التنس فينوس وسيرينا ويليامز، كما فاز عن الدور نفسه بجائزتي “جولدن جلوب” و**”بافتا”**.
سبق له أيضاً أن ترشح للأوسكار عن دوره في فيلم “علي” الذي تناول حياة أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، وعن فيلم “السعي للسعادة” (The Pursuit of Happyness) الذي وثّق رحلة رجل الأعمال كريستوفر غاردنر من الفقر إلى النجاح.
أما في الموسيقى، فقد فاز بأربع جوائز “جرامي” وقدم أعمالاً غنائية لا تزال حاضرة في ذاكرة جيلٍ كامل، مثل “Gettin’ Jiggy wit It” و”Men in Black” و”Summertime”. لقد كان سميث نموذجاً للفنان الذي لا يعرف التوقف، بل ينتقل من مجال إلى آخر بثقة المبدع الذي يرى في كل تجربة باباً جديداً للإلهام.
ويل سميث في الشارقة: لقاء الثقافة العالمية بالعربية
تقول خولة المجيني، المنسق العام لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، إن مشاركة سميث تجسّد رؤية المعرض في الاحتفاء بكافة أشكال الإبداع، مؤكدة أن سميث يمثل تجربة متعددة الأبعاد تجمع بين السينما والغناء والتأليف والابتكار.
وأضافت أن حضوره في المعرض “يعكس رسالة الشارقة تجاه تقدير كل فنون التعبير التي ترتقي بوعي الإنسان وتفتح أمامه مسارات جديدة للخيال والمعرفة”.
هذه الكلمات تختصر فلسفة الشارقة الثقافية، التي لطالما سعت إلى كسر الحدود بين الفنون، وربط الأدب بالموسيقى، والسينما بالمعرفة. فالمعرض لا يقدّم الكتاب كمنتج ورقي فحسب، بل كفضاء مفتوح للفكر والحوار والتجارب الإنسانية الملهمة.
ويل سميث رائد أعمال يرى الإبداع وسيلة للتغيير
بعيداً عن الأضواء، يُعد سميث أيضاً من أبرز رواد الأعمال المبدعين في مجاله. فقد شارك في تأسيس شركة “ويست بروك” (Westbrook)، وهي شركة إعلام وترفيه تنتج محتوى أصيلاً يعكس قيم الإبداع والتنوع، كما أسس “دريمرز في سي” (Dreamers VC)، وهو صندوق رأس مال استثماري يدعم الشركات الناشئة ذات الرؤية المستقبلية.
ولم يتوقف عند ذلك، بل أطلق أيضاً “مينت فاكتوري” (Bel-Air Athletics / Mint Factory)، وهي شركة تجمع بين الأزياء والثقافة الشعبية والتجارة الرقمية، لتجسّد مفهومه الخاص عن “المبدع الشامل” الذي يوظف فنه وخبرته في بناء مشاريع ذات أثر ثقافي واجتماعي.
هذه الجوانب المتعددة في شخصية سميث تُظهر أنه لا يرى الإبداع مهنة، بل أسلوب حياة، وأن الفن بالنسبة له ليس غاية بل وسيلة للتأثير الإيجابي في الناس والمجتمعات.
ويل سميث والشارقة: حوار بين الشرق والغرب بلغة الإبداع
إن استضافة نجم عالمي بهذا الحجم في معرض الشارقة الدولي للكتاب ليست مجرد حدث جماهيري، بل جسر ثقافي بين الشرق والغرب. فالشارقة، التي كرّست نفسها كعاصمة عالمية للكتاب عام 2019، تستمر في تقديم نموذج فريد للتفاعل الحضاري، حيث تلتقي الكلمة العربية بالصوت العالمي في مساحة واحدة عنوانها “المعرفة”.
مشاركة ويل سميث في هذا السياق تعني الكثير: إنها تعبير عن تقدير الإمارة لكل من يسهم في بناء وعي إنساني مشترك، وتأكيد على أن الأدب والفن ليسا منفصلين، بل متكاملين في مهمة واحدة هي إثراء روح الإنسان.

ويل سميث يوقّع بحضوره صفحة جديدة في تاريخ المعرض
حين يصعد سميث غداً منصة الحوار في معرض الشارقة الدولي للكتاب، لن يكون مجرد نجم يروي قصص نجاحه، بل رمزاً لتنوّع الإبداع الإنساني، وللشغف الذي لا يشيخ. سيقف أمام جمهور من القراء والمثقفين والفنانين، ليؤكد أن لكل إنسان قصته، وأن كل تجربة – مهما بدت مختلفة – يمكن أن تكون كتاباً مفتوحاً يتعلم منه الآخرون.
إنها لحظة تتجاوز حدود المكان والزمان، وتؤكد أن الكتاب لا يزال قادراً على جمع العالم حوله، مهما تطورت التكنولوجيا وتغيّرت وسائط التعبير.
ويل سميث في الشارقة: حين يلتقي الحلم بالمعرفة
في النهاية، تمثل مشاركة ويل سميث في معرض الشارقة الدولي للكتاب حدثاً عالمياً يضيف بعداً جديداً للمشهد الثقافي العربي، ويبرهن أن الشارقة ما زالت وفية لرؤيتها: أن تجعل من الثقافة لغة للتواصل الإنساني.
من فيلادلفيا إلى هوليوود، ومن صفحات الكتب إلى صالات المعارض، يواصل ويل سميث كتابة قصته الخاصة — قصة إنسانٍ آمن بأن النجاح الحقيقي ليس في الشهرة أو الجوائز، بل في مشاركة الحلم مع الآخرين.
