أمريكا – السابعة الإخبارية
ذكاء اصطناعي.. في إنجاز علمي جديد قد يغيّر مستقبل تشخيص وعلاج مرض ألزهايمر، طور فريق بحثي من جامعة بوسطن الأمريكية أداة ذكاء اصطناعي متقدمة قادرة على التنبؤ بدقة بالعلامات البيولوجية الرئيسية للمرض، مثل تراكم بروتينات أميلويد بيتا وتاو في الدماغ، وذلك بالاعتماد على اختبارات شائعة وأقل تكلفة مقارنة بالفحوصات التقليدية الباهظة.
وبحسب تقرير نشره موقع “Medical Xpress”، فإن الأداة الجديدة تستطيع تحديد ليس فقط وجود هذه البروتينات، بل أيضًا تحديد المناطق الدقيقة في الدماغ التي تتأثر بها، وهو ما يمثل تقدمًا كبيرًا على اختبارات الدم التقليدية التي يمكنها الكشف عن العلامات البيولوجية لكن دون تحديد موقعها بدقة.

أداة ذكاء اصطناعي تحل لغز الفحوصات المكلفة
عادةً، يعتمد الأطباء لتشخيص ألزهايمر على فحوصات مكلفة ومعقدة، مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) أو تحليل السائل الدماغي الشوكي، وهي إجراءات ليست متاحة بسهولة للجميع. أما الأداة الجديدة، فتعتمد على بيانات أكثر شيوعًا وأقل تكلفة، مثل:
• نتائج اختبارات الذاكرة.
• الصور الدماغية الشائعة.
• السجلات الطبية.
• البيانات الجينية.
هذه المقاربة تجعل إمكانية التشخيص المبكر متاحة لشريحة أكبر من المرضى، وتختصر الوقت والتكلفة بشكل كبير.
كيف طُوِّرت الأداة؟
اعتمد الباحثون على بيانات ضخمة من سبع مجموعات بحثية دولية تضم 12,185 مشاركًا، شملت:
• أعمار المشاركين وتاريخهم الصحي.
• نتائج اختبارات الذاكرة.
• معلوماتهم الجينية.
• فحوصات الدماغ.
تم تدريب نموذج ذكاء اصطناعي على هذه البيانات لاكتشاف الأنماط التي تشير إلى وجود بروتينات الأميلويد والتاو، وهي العلامات المميزة لمرض ألزهايمر، والتي عادةً لا يمكن تأكيدها إلا عبر الفحوصات المكلفة. والأهم أن النموذج صُمم ليعمل حتى في حال نقص بعض البيانات عن المريض، مما يعزز من مرونته في بيئات الرعاية الصحية المختلفة.
بعد الانتهاء من تدريب النموذج، تم اختباره على مجموعة مستقلة من الأشخاص لم يشاركوا في مرحلة التدريب، وأظهرت النتائج أن الأداة استطاعت التنبؤ بشكل صحيح بمن لديهم مستويات مرتفعة من الأميلويد أو التاو، بدقة ملحوظة.

فوائد طبية واجتماعية واسعة
يشير الباحثون إلى أن هذه الأداة يمكن أن تحدث تحولًا في طريقة التعامل مع ألزهايمر على عدة مستويات:
• تسريع التشخيص: تمكين الأطباء من تحديد المرضى المؤهلين للعلاج أو للمشاركة في الأبحاث في وقت أقل.
• خفض التكاليف: الاستغناء عن الفحوصات الباهظة إلا في الحالات الضرورية.
• إتاحة أوسع: وصول المرضى في المناطق محدودة الموارد إلى فحوصات دقيقة.
• تقليل الإجراءات غير الضرورية: توفير وقت المريض وجهد الطواقم الطبية.
بالنسبة للمرضى وعائلاتهم، فإن هذا التطور يعني أملًا أكبر في بدء العلاج مبكرًا، وإمكانية إبطاء تطور المرض عبر تدخلات علاجية أو نمط حياة صحي، بدلًا من انتظار ظهور الأعراض المتقدمة.
تغيير قواعد اللعبة في اكتشاف مراحل المرض
أحد أهم إنجازات هذه التقنية هو إمكانية رصد ألزهايمر في مراحله المبكرة جدًا، أي قبل ظهور الأعراض الواضحة. هذا يتيح وضع خطط علاجية وشخصية للمريض، مثل:
• اتباع أنظمة غذائية موجهة لدعم صحة الدماغ.
• ممارسة تمارين بدنية ونشاطات ذهنية لإبطاء التدهور.
• تعديل بيئة المريض لتقليل الإجهاد وتحسين نوعية الحياة.
كما يمكن للأطباء استخدام البيانات التي توفرها الأداة لمراقبة تطور المرض بدقة، مما يساعد على تعديل الخطة العلاجية في الوقت المناسب.

تطبيقات مستقبلية أبعد من ألزهايمر
لا يتوقف تأثير هذه الأداة عند حدود مرض ألزهايمر فقط، إذ يرى الباحثون أن التكنولوجيا قد تساعد أيضًا في تشخيص أمراض دماغية أخرى ترتبط بتراكم بروتينات غير طبيعية، مثل:
• الخرف الجبهي الصدغي: الذي يؤدي إلى تغيرات حادة في الشخصية والسلوك.
• اعتلال الدماغ الرضحي المزمن: وهو ضرر دماغي ناتج عن إصابات متكررة في الرأس، شائع بين الرياضيين في رياضات الاحتكاك مثل كرة القدم الأمريكية والملاكمة.
هذا يعني أن التقنية قد تصبح أداة تشخيصية متعددة الاستخدامات في علم الأعصاب، وليس مجرد حل موجه لمرض واحد.
إن تطوير أداة ذكاء اصطناعي قادرة على التنبؤ بدقة بوجود بروتينات ألزهايمر وتحديد مواقعها في الدماغ، باستخدام بيانات شائعة ومنخفضة التكلفة، يمثل قفزة نوعية في عالم التشخيص العصبي. هذه الأداة لا تعد فقط بخفض التكاليف وتوسيع نطاق الفحوصات، بل تمنح الأمل لملايين المرضى حول العالم في الحصول على علاج مبكر وتحسين جودة حياتهم.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الأبحاث لتطوير هذه التقنية وتحسين دقتها، يبدو أننا أمام بداية حقبة جديدة، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا أساسيًا في مواجهة أكثر الأمراض العصبية شيوعًا وتعقيدًا.