أبوظبي – السابعة الإخبارية
أبوظبي .. يواصل معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية تأكيد مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية والاقتصادية في المنطقة، حيث تحوّل في دورته الثانية والعشرين إلى ملتقى عالمي يجمع بين عشاق الصقارة والفروسية، ورواد الصناعات المتخصصة في معدات الصيد والتقنيات المتطورة، إلى جانب مساهمته المحورية في دعم الشركات الوطنية والناشئة.
مشاركة قياسية وتنوع استثنائي
استقطب المعرض في هذه الدورة 552 شركة محلية ودولية من مختلف القارات، عرضت مجموعة واسعة من المنتجات التي شملت معدات الصيد، الفروسية، الأسلحة، الذخائر، مستلزمات الرحلات البرية والبحرية، والصقور والخيول. هذا التنوع يعكس تطور القطاع وتوسع السوق، كما يعزز مكانة الإمارات كدولة رائدة في الجمع بين حماية التراث وتبني الابتكار.
من أبرز مميزات المعرض هذا العام، إتاحته الحصرية لعرض وشراء الأسلحة النارية، مع التركيز على مفاهيم الجودة والأمان والتصميم المتقن، ما جعله وجهة رئيسية لهواة الرماية والصيد من داخل الدولة وخارجها.
الأسلحة: بين الفخامة والتقنية العالية
من اللافت خلال المعرض عرض بنادق صيد متطورة ومسدسات رياضية فاخرة من إنتاج شركة “كراكال”، منها مسدسات عيار 9×19 ملم وبنادق متنوعة الأداء، إلى جانب ذخائر محلية الصنع. كما قدمت الشركة بنادق “ميركل” الألمانية التي تتميز بزخارف يدوية تحمل رموزًا إماراتية مثل حصان عربي، قلعة الجاهلي، وأفق دبي، وهو ما يبرز المزج بين التقنية الحديثة والحرفية الفنية ذات الطابع التراثي.
ولم تتوقف المعروضات عند الأسلحة فحسب، بل شملت سكاكين نادرة من شركة تمرين مزودة بمقابض مصنوعة من عاج الماموث الذي يعود إلى أكثر من 10 آلاف عام، ونصل دمشقي محفور يدويًا بنقوش مستوحاة من الصحراء الإماراتية، ما يرفع من قيمة المنتجات كمجسمات فنية وتراثية.

التكنولوجيا الحيوية في خدمة التراث
في بُعد علمي مختلف، كشف مركز الإمارات للأبحاث والتكنولوجيا الحيوية عن مشاريع متقدمة في استنساخ الهجن، بهدف الحفاظ على السلالات الأصيلة مثل الجمل الأسطوري “مبروكان”. ويُعَد هذا المشروع خطوة رائدة في تطبيق التكنولوجيا الحيوية لتعزيز سباقات الهجن وإحياء التراث الرياضي العربي، عبر ضمان نقل الصفات الوراثية بدقة فائقة للأجيال القادمة.
دعم الشركات الوطنية وتمكين ريادة الأعمال
لعب المعرض دورًا مهمًا في تمكين الشركات الوطنية ورواد الأعمال، حيث وفّر لهم منصة مثالية لعرض ابتكاراتهم أمام جمهور إقليمي وعالمي واسع. وقد شاركت شركات مثل “المقناص” في عرض أحدث معدات الصيد التقليدي والحديث، مع التركيز على تعزيز الصيد المستدام والتوعية بممارسات تراعي البيئة.
كما يُعَد هذا التفاعل التجاري والثقافي عاملًا محفزًا للنمو الاقتصادي، من خلال فتح فرص التعاون، وتوسيع الأسواق، وتطوير منتجات تجمع بين الأصالة والتقنيات الحديثة.
الفعاليات التراثية: إحياء الماضي بروح الحاضر
يتميز المعرض كذلك بفعاليات حية تتضمن عروض الفروسية، مسابقات الجَمال، وعروض الصقور والكلاب، حيث أطلقت ساحة العروض “أرينا” عددًا من البرامج الترفيهية التفاعلية التي استهدفت جميع أفراد الأسرة، منها عرض “ليبرتي للخيول” الذي يستعرض حرية الخيول في الحركة دون استخدام السروج.
كما شهد المعرض للمرة الأولى تنظيم مزاد للخيول العربية الأصيلة، إلى جانب عروض فرسان الهجن الأردنية، التي قدمت عروضًا فنية تعبّر عن تقاليد ركوب الإبل في المنطقة.
مسابقات جمال الصقور والسلوقي
احتفى المعرض هذا العام بتقاليد الصيد بالصقور والكلاب السلوقية من خلال تنظيم مسابقات جمال متخصصة. تضمنت مسابقة الصقور تقييم فراخ من فئات مثل جير-حر، جير نقي، وشاهين، في حين شهدت مسابقة السلوقي استعراضات متنوعة جمعت بين الصيد بالإغراء والأساليب التقليدية.
كما استضافت ساحة العروض فعاليات دولية للكلاب البوليسية والرياضية، ما أضاف بعدًا تعليميًا وترفيهيًا للزوار، خاصة من الشباب والعائلات.

الإضاءة على التراث والفنون
امتدت فعاليات المعرض لتشمل أيضًا عروضًا ثقافية وفنية، قدمت خلالها ورش تفاعلية، عروض فنية حية، ونقاشات مفتوحة مع خبراء ومصممين وممارسين للحرف التراثية. الهدف كان إتاحة فرصة للزوار لاستكشاف تفاصيل دقيقة من التراث الإماراتي، والتعرف على ارتباط الإنسان بالمكان، والبيئة، والصيد، والفروسية.
مزيج من الهوية والابتكار
نجح معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في تقديم نموذج فريد لحدث ثقافي وتجاري يربط بين التراث والحداثة، ويجسد طموح الإمارات في الحفاظ على إرثها الثقافي، دون أن تغفل دورها الريادي في مجال التكنولوجيا والابتكار.
وفي ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالاستدامة، قدم المعرض منصة تعكس قدرة الإمارات على الجمع بين الممارسات البيئية الواعية والتطور الصناعي والاقتصادي، ما يعزز مكانتها كمركز إقليمي رائد في الثقافة والابتكار.
