الأردن – السابعة الإخبارية
خالد مقداد.. شهدت الساعات الماضية ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول أنباء مكثفة تزعم وفاة خالد مقداد، مؤسس ومالك قناة طيور الجنة، التي تعد واحدة من أبرز القنوات الموجهة للأطفال في العالم العربي. وقد أثارت تلك الأخبار موجة من القلق بين ملايين المتابعين الذين ارتبطت طفولتهم بأغاني القناة وبرامجها، لتعود بذلك قضية الشائعات حول الشخصيات العامة إلى الواجهة من جديد.

شائعة قديمة تعود إلى السطح
انتشرت منشورات على منصات مختلفة، أبرزها “فيسبوك” و”تويتر”، تتحدث عن وفاة خالد مقداد إثر أزمة صحية مفاجئة، مشيرةً إلى أن عائلته أكدت النبأ بحزن شديد. ورغم أن الأخبار حملت طابعًا عاجلًا، فإنها حتى اللحظة لم تجد أي تأكيد رسمي من عائلة مقداد، ما يجعلها في خانة “الشائعات” التي لا تستند إلى مصادر موثوقة.
هذه ليست المرة الأولى التي تطارد فيها الشائعات حياة خالد مقداد؛ ففي عام 2021، تداولت منصات التواصل أنباء عن وفاته متأثرًا بفيروس كورونا، قبل أن يخرج نجله المعتصم بالله مقداد لينفيها مؤكدًا أن والده كان يمر بوعكة صحية عابرة. ذلك الحادث حينها أعاد النقاش حول مسؤولية الإعلام الإلكتروني والمحتوى غير الموثوق، وهو ما يتكرر اليوم بصورة تكاد تكون متطابقة.
التأثير النفسي على الجمهور
لا يخفى على أحد أن طيور الجنة ليست مجرد قناة ترفيهية للأطفال، بل أصبحت جزءًا من ذكريات الملايين في العالم العربي. ومنذ تأسيسها عام 2008، لعبت القناة دورًا بارزًا في تشكيل وجدان الأطفال عبر محتوى تعليمي وترفيهي ملتزم. لذلك، فإن تداول خبر وفاة مؤسسها لا يمر مرور الكرام، بل يثير مشاعر القلق والحزن لدى جمهور واسع، خصوصًا العائلات والأطفال الذين اعتادوا متابعة القناة.
الصدمة لا تكمن فقط في ارتباط الجمهور بالقناة، بل أيضًا في أن خالد مقداد نفسه يُنظر إليه باعتباره “الأب الروحي” للمحتوى الأسري الموجه للأطفال، وهو ما يجعل أي شائعة تتعلق به ذات أثر نفسي مضاعف. وفي هذا السياق، يرى خبراء الإعلام أن تكرار مثل هذه الأخبار يعزز حالة “التطبيع مع الشائعات”، حيث يبدأ الجمهور في التعود على تلقي أخبار الصدمة دون تحقق.

انتقادات تلاحق عائلة مقداد
بعيدًا عن قضية الشائعات، واجهت عائلة مقداد خلال الأشهر الأخيرة موجة انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. أبرز هذه الانتقادات جاءت عقب استخدام صورة المراسل الفلسطيني الراحل أنس الشريف في لعبة “بازل” ظهرت عبر إحدى حساباتهم، وهو ما اعتبره الكثيرون استغلالًا غير مناسب لذكرى شهيد ارتبط اسمه بمعاناة إنسانية كبيرة.
ورغم أن عائلة مقداد أوضحت لاحقًا أن الخطأ غير مقصود، إلا أن الواقعة فتحت الباب أمام جدل واسع حول حدود المسؤولية الأخلاقية للعائلات الشهيرة التي تمتلك نفوذًا جماهيريًا ضخمًا عبر المنصات الرقمية. البعض رأى أن هذه الممارسات تقلل من قيمة الرسالة التي لطالما رفعتها القناة، وهي غرس القيم الإنسانية لدى الأطفال.
دور وسائل التواصل في تضخيم الأزمة
أحد أبرز الدروس المستفادة من هذه الواقعة هو الدور المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي في نشر وتضخيم الأخبار غير الموثوقة. فخلال ساعات قليلة فقط، انتشر وسم “وفاة خالد مقداد” على نطاق واسع، وتعددت الصفحات التي نقلت الخبر دون الرجوع إلى أي مصدر رسمي. هذا النمط يعكس خطورة الاعتماد على السوشيال ميديا كمصدر وحيد للمعلومة، خاصةً في القضايا التي تمس شخصيات عامة ذات مكانة لدى الجمهور.
ويشير محللون إلى أن منصات التواصل، رغم دورها في إيصال المعلومة بسرعة، إلا أنها أصبحت أيضًا أرضًا خصبة لنشر الشائعات، حيث يغيب التحقق ويتصدر السبق الصحفي الوهمي على حساب الدقة والمصداقية.
ما بين المسؤولية الإعلامية والوعي الجماهيري
تؤكد مثل هذه الحوادث أن المسؤولية لا تقع على عاتق الإعلام وحده، بل تمتد إلى المستخدمين أنفسهم. فالجمهور بحاجة إلى التحلي بوعي أكبر، وعدم الانسياق وراء أي خبر متداول دون مصدر رسمي. كما أن المؤسسات الإعلامية مطالبة بتعزيز دورها التوضيحي من خلال تكذيب الشائعات فور ظهورها، وتقديم المعلومات الدقيقة التي تساهم في تهدئة الرأي العام.
الخاتمة: الشائعة أسرع من الحقيقة
إن شائعة وفاة خالد مقداد تكشف مرة أخرى عن هشاشة منظومة تداول المعلومات في عصر السوشيال ميديا. فبينما ينتظر الجمهور خبرًا رسميًا من عائلة مقداد، تبقى الشائعات أسرع انتشارًا وأكثر تأثيرًا من الحقيقة نفسها. وهنا يظهر التحدي الأكبر: كيف يمكن موازنة حق الجمهور في المعرفة مع ضرورة حماية الأفراد من أخبار مضللة قد تؤثر على حياتهم وصورتهم العامة؟
تبقى الحقيقة أن خالد مقداد ما زال حاضرًا حتى اللحظة، وأن خبر وفاته لم يتأكد من أي مصدر رسمي. ومع ذلك، فإن الضجة التي أثارتها الشائعة تثبت أن اسمه وقناته ما زالا يحتفظان بمكانة خاصة في وجدان الجمهور العربي، وهو ما يجعل أي خبر عنه مثارًا للاهتمام، سواء كان صحيحًا أو زائفًا.
