الإمارات – السابعة الإخبارية
أكدت دراسة دولية حديثة صادرة عن شركة «كي بي إم جي» (KPMG) العالمية للخدمات المهنية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواصل ترسيخ ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا المتقدمة، لتصبح نموذجاً عالمياً في الاستخدام المسؤول للتقنيات الذكية وتبنيها في مختلف مجالات الحياة اليومية والمهنية.
ووفقاً لتقرير «توجهات استخدام الذكاء الاصطناعي وثقة المستخدمين»، الذي أُعدّ بالتعاون بين «كي بي إم جي» وجامعة ملبورن الأسترالية، فإن 97% من المقيمين في الإمارات يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل أو الدراسة أو الحياة الشخصية، وهي النسبة الأعلى بين الدول التي شملها الاستطلاع.
وعي مرتفع وثقة متنامية بالتقنيات الحديثة
أظهرت الدراسة أن 89% من المشاركين في الإمارات يدركون فوائد الذكاء الاصطناعي ويعتبرونه أداة لتحسين جودة الحياة وتسهيل المهام اليومية، مقارنةً بمتوسط عالمي بلغ 83%. كما أشار 66% من المشاركين إلى أن مؤسساتهم تعتمد سياسات واضحة لتنظيم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يعكس وعيًا مؤسسياً متقدماً في إدارة المخاطر وضمان الاستخدام الأخلاقي للتقنيات الجديدة.
ويُعدّ التقرير أول تقييم عالمي يركّز على مواقف الأفراد تجاه تطبيقات الذكاء الاصطناعي وثقتهم بها، وقدّم صورة شاملة عن مكانة الإمارات كنموذج إقليمي في التبنّي الذكي والمسؤول للتقنية.
فوائد تفوق المخاطر
ووفق نتائج التقرير، فإن 65% من سكان الإمارات أبدوا استعدادهم للاعتماد على المعلومات الصادرة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي، في حين يرى أكثر من نصف المشاركين (53%) أن فوائد التقنية تفوق مخاطرها المحتملة.
ويشير هذا التوجه إلى أن المجتمع الإماراتي بات أكثر انفتاحاً على دمج الذكاء الاصطناعي في حياته اليومية، سواء في التعليم أو الصحة أو الخدمات الحكومية أو الأعمال التجارية.
تشريعات تواكب التطور
أحد أبرز ما يميز التجربة الإماراتية هو توافر بيئة تشريعية متقدمة، إذ أظهرت الدراسة أن 68% من المشاركين في الدولة يعتقدون أن الأطر القانونية الحالية كافية لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعى، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 43%.
ويرى الخبراء أن هذه النتيجة تعكس الثقة في سياسات الدولة الاستباقية، خاصة مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، وتأسيس وزارة الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى القوانين المنظمة لحماية البيانات والأمن السيبراني، التي جعلت الإمارات في طليعة الدول القادرة على تحقيق توازن بين الابتكار والتنظيم.
حذر من المحتوى المولّد رقمياً
ورغم هذا القبول الواسع، أبدى 73% من المشاركين في الإمارات حذرهم تجاه المحتوى الرقمي خشية أن يكون مولداً بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، في حين عبّر 36% عن عدم ثقتهم بقدرتهم على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمفبرك.
ويُظهر هذا الجانب وعيًا متناميًا لدى المستخدمين بمخاطر المعلومات المضللة، وضرورة تعزيز ثقافة التحقق الرقمي في عصر تتسارع فيه أدوات التزييف الذكي والمحتوى الاصطناعي.
تعليق الخبراء
وقال ماتين جوزداني، شريك البيانات والتحليلات والذكاء الاصطناعي لدى «كي بي إم جي لوار جلف»، إن نتائج التقرير تؤكد أن الإمارات تتصدر دول العالم في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي وعمق استخدامه في الحياة اليومية.
وأضاف:
“الذكاء الاصطناعي لم يعد مفهوماً تقنياً بحتاً، بل أصبح جزءاً من نسيج الحياة في الإمارات. من الخدمات الحكومية الذكية إلى التعليم الرقمي والرعاية الصحية المتقدمة، نرى اليوم كيف يُعاد رسم ملامح الحياة اليومية بوتيرة متسارعة بفضل هذه التقنية.”
إطار شامل لبناء الثقة
ويرى مختصون أن أحد أسباب نجاح الإمارات في هذا المجال هو النهج الشامل لبناء الثقة المجتمعية بالتقنيات الجديدة، من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية والتعليمية، وتقديمها ضمن منصات موثوقة وآمنة مثل تطبيقات الخدمات الذكية في أبوظبي ودبي، ما عزز الاعتمادية لدى المستخدمين ورفع مستوى الوعي الرقمي.
كما تسعى الدولة إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات عبر مبادرات مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، التي تعدّ الأولى من نوعها عالمياً في هذا المجال، وتخرّج سنوياً باحثين يسهمون في تطوير حلول محلية مبتكرة تدعم مختلف القطاعات.
ريادة رقمية نحو المستقبل
تعكس نتائج الدراسة المكانة المتقدمة التي وصلت إليها دولة الإمارات في التحول الرقمي العالمي، حيث تمضي بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والذكاء الاصطناعي، مدعوم برؤية قيادية تستشرف المستقبل وتحوّل التقنيات إلى أدوات لخدمة الإنسان وتحسين جودة الحياة.
ويؤكد الخبراء أن تجربة الإمارات في هذا المجال يمكن أن تشكل نموذجاً يحتذى به عالمياً في كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم، وبين التقدم التقني والمسؤولية المجتمعية، بما يجعل الذكاء الاصطناعى أداة للارتقاء بالإنسان وليس بديلاً عنه.