تشهد مدينة دبي هذا العام تزايدًا ملحوظًا في عدد الأبراج السكنية اللامعة والمجتمعات السكنية الراقية، مما يعكس استمرار الزخم الكبير الذي يشهده قطاع العقارات في الإمارة.
ووفقًا لتقرير حديث نشرته وكالة «بلومبرغ»، لا يزال المطورون العقاريون يستثمرون بكثافة في واحد من أسرع أسواق العقارات نموًا في العالم، حيث تستمر المشاريع السكنية في التوسع، وتتزايد المبيعات بشكل ملحوظ.
زيادة غير مسبوقة في المشاريع السكنية
تسلط الوكالة الضوء على حقيقة أن المطورين في دبي يطلقون أسبوعياً مشاريع سكنية جديدة، وهذه المشاريع عادة ما تشهد إقبالًا هائلًا، حيث تُباع وحدات هذه المشاريع في أيام أو حتى ساعات قليلة من طرحها في السوق.
لكن، وفقًا للتقرير، بدأت بعض الشركات مثل «إعمار العقارية» في تبني استراتيجية أكثر حذرًا في مواجهة هذا النمو السريع.
وفي تصريحات أدلى بها مؤسس شركة إعمار محمد العبار في ديسمبر الماضي، أشار إلى أنه رغم التحديات، من المتوقع أن يستمر السوق العقاري في دبي في أداءه الجيد خلال العام 2025.
وقال العبار: «نحن متفائلون بشأن المستقبل، حيث أن هناك أجواء إيجابية تدعم النمو الاقتصادي، ودبي ستستمر في جذب الاستثمارات على مختلف الأصعدة.»
أسعار العقارات في دبي
وفقًا لبيانات شركة «نايت فرانك»، تقدر قيمة حوالي 20% من العقارات السكنية في دبي بأكثر من مليون دولار. وتوقع التقرير أن تشهد أسعار المساكن زيادة بنسبة 8% في عام 2025، وهو ما يعتبر تباطؤًا مقارنةً مع الزيادة الكبيرة التي حققها السوق العام الماضي والتي بلغت 20%.
ومن المتوقع أن تستمر أسعار المنازل الفاخرة في الارتفاع، حيث يُتوقع أن تشهد زيادة قدرها 5% في عام 2025، متفوقةً على مدن مثل لندن (2%) ونيويورك (3%).
التوسع في العرض وتحديات التنفيذ
من جانبه، تخطط شركة «إعمار» لتوسيع العرض العقاري بشكل كبير في السنوات القادمة. وفقًا لتقديرات «بلومبرغ إنتليجنس»، تهدف الشركة إلى إتمام بناء ما بين 6,000 و7,000 وحدة سكنية سنويًا بحلول ذروة عامي 2026 و2027.
يأتي هذا التوسع في العرض استجابة لزيادة الطلب، خاصة من قبل سكان جدد، بما في ذلك مستثمرين أثرياء ومليونيرات من قطاع العملات الرقمية، بالإضافة إلى هنود يبحثون عن منازل ثانية في دبي.
ومع ارتفاع عدد سكان دبي إلى 3.8 مليون نسمة في 2024، مقارنة بـ 3.66 مليون في 2023، ارتفعت الإيجارات بشكل كبير، مما دفع العديد من السكان إلى الانتقال إلى مشاريع سكنية جديدة على أطراف المدينة.
استمرار التفاؤل في الإمارة
رغم التحديات في التنفيذ، لا يزال سوق العقارات في دبي يشهد مبيعات قوية. على سبيل المثال، تمكنت شركة «سوهو» من بيع 84 من أصل 110 شقق في أحد مشاريعها.
وقال سهيل خوسلا، الرئيس التنفيذي لشركة سوهو: «العقارات قطاع دوري، وهذه الدورة لا تزال قوية؛ فالإمارة والدولة نجحتا في جذب الاستثمارات الدولية عبر تقديم حوافز مثل التأشيرات الذهبية.»
من جانبه، أشار عمران فاروق، رئيس مجلس إدارة شركة «سمانا»، إلى أن شركته حققت مبيعات قياسية في سبتمبر بعد أداء قوي غير متوقع في يوليو، الذي يُعد عادة شهرًا هادئًا في سوق العقارات.
تحديات تنفيذ المشاريع المستقبلية
على الرغم من الازدهار الذي يشهده السوق، لا يخلو الأمر من تحديات التنفيذ. تعد «إعمار» واحدة من أبرز مؤشرات صحة السوق العقاري في دبي، ويتوقع أن تحقق الشركة أرباحًا تصل إلى 13 مليار درهم في 2025، مما يمثل زيادة كبيرة مقارنةً بـ 3.8 مليار درهم في عام 2021.
ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن التحدي الأكبر بالنسبة للمطورين في الوقت الحالي هو تنفيذ المشاريع بكفاءة في ظل الطلب المتزايد والزيادة الكبيرة في عدد المشاريع السكنية.
شهد عام 2024 إطلاق عدد قياسي من المشاريع العقارية، حيث تم الإعلان عن بناء حوالي 140,000 وحدة سكنية ضمن 588 مشروعًا.
ووفقًا للعبار، فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه السوق الآن يتمثل في تنفيذ هذه المشاريع بالشكل الأمثل، خاصة مع التوسع الكبير في عدد المقاولين والموردين.
وتشير جميع المؤشرات إلى أن سوق العقارات في دبي سيستمر في النمو خلال العام 2025، مع زيادة العرض وارتفاع الأسعار في ظل استمرار تدفق الاستثمارات والمستثمرين.
ورغم التحديات المتعلقة بتنفيذ المشاريع، يظل التفاؤل قائما، مع إقبال قوي على المشاريع السكنية من مختلف الفئات، مما يجعل دبي واحدة من أبرز الأسواق العقارية على مستوى العالم.