في خطوة تشكل تذكيرًا شديد اللهجة بالعواقب المحتملة التي يواجهها كوكبنا، أعلنت مجلة “بوليتين أوف ذي أكاديميك ساينتيستس” (مجلة علماء الذرة) عن تعديل عقارب “ساعة يوم القيامة”، بحيث اقتربت الثانية من منتصف الليل بمقدار ثانية واحدة، ليصبح الفاصل الزمني عن الكارثة المحتملة 89 ثانية فقط، بعدما كانت الساعة في العام الماضي تشير إلى 90 ثانية.
تُعد “ساعة يوم القيامة” رمزًا عالميًا يعكس مدى خطورة التهديدات التي تواجه البشرية، والتي تشمل المخاطر النووية، تغير المناخ، وزيادة المعلومات المضللة.
تم تأسيس هذه الساعة في عام 1947 بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت التوترات بين الكتل الكبرى تهدد باندلاع حرب نووية شاملة، لكن مع مرور الزمن تم توسيع نطاق المعيار ليشمل تهديدات جديدة، مثل الأوبئة وحملات التضليل، إلى جانب أزمة المناخ التي تزداد حدتها يوماً بعد يوم.
التحديات المقلقة التي تحرك الساعة
تعد هذه التغييرات في “ساعة يوم القيامة” دلالة على أن الكوكب يواجه تهديدات متزايدة وملحة تتطلب استجابة فورية وجادة من الحكومات والمجتمع الدولي.
إذ لم يعد الخطر النووي وحده هو المهدد الأكبر، بل صار تغير المناخ والأوبئة العالمية وحملات التضليل من بين أبرز القضايا التي تهدد وجود البشرية على الأرض.
وفي تصريح له في مؤتمر صحفي، قال الرئيس الكولومبي السابق خوان مانويل سانتوس، رئيس مجموعة “الحكماء” (ذي إيلدرز)، إن “ساعة نهاية العالم أصبحت أقرب إلى الكارثة من أي وقت مضى في تاريخها”. وأضاف أن “الساعة تتحدث عن التهديدات الوجودية التي نواجهها والحاجة الملحة للوحدة والقيادة الجريئة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء”.
دور تغير المناخ وتأثيراته المتفاقمة
إحدى أبرز القضايا التي تساهم في اقتراب ساعة يوم القيامة هي الأزمة المناخية التي تزداد وطأتها.
فقد حذر الخبراء من أن تغير المناخ أصبح أحد أكثر التهديدات العالمية إلحاحًا، مع ازدياد معدلات الحرارة بشكل قياسي على مستوى العالم في السنوات الأخيرة.
وبالتوازي مع ذلك، تتفاقم الآثار البيئية التي تسببها هذه التغيرات المناخية، مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى البحار، مما يزيد من معاناة العديد من الدول والمجتمعات الضعيفة.
التوترات السياسية وتأثيرها على الأمن العالمي
تتداخل التوترات السياسية والتهديدات النووية مع القضايا البيئية في رسم صورة قاتمة لمستقبل البشرية. ففي الأسابيع الأخيرة من عام 2023، اجتمع القلق العالمي حول المخاطر التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى تغيير الساعة بزيادة 10 ثوانٍ نحو منتصف الليل، لتصبح 90 ثانية قبل الكارثة.
وهو ما يعد إشارة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، والتي تساهم في تفاقم الأزمات الأمنية العالمية.
في هذا السياق، أشار سانتوس إلى أن “ساعة يوم القيامة” تضع مزيدًا من الضغط على الحكومات لتبني سياسات دبلوماسية فعّالة، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات النووية والتوترات الدولية، كما يجب أن يتم تكثيف التعاون الدولي لمواجهة أزمات مثل تغير المناخ والأوبئة.
أهمية الوحدة والقيادة الجريئة
من خلال هذا التوقيت الحرج، أصبح من الضروري أن يتم اتخاذ خطوات حاسمة على صعيد التعاون الدولي لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد كوكبنا.
وفي ظل تصاعد هذه المخاطر، تصبح الوحدة الدولية والقيادة الجريئة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
على سبيل المثال، فقد رحب سانتوس بوعود الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، في إعادة إحياء الدبلوماسية مع روسيا والصين.
لكنه في الوقت ذاته، أبدى استياءه من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية في فترة حكم سلفه، دونالد ترامب، ما أثر سلبًا على جهود العالم لمكافحة تغير المناخ ومواجهة الأزمات الصحية العالمية.
الساعة رمز للتحذير المتواصل
تعد “ساعة يوم القيامة” رمزًا للتحذير المستمر من المخاطر التي تتهدد البشرية، وليس مجرد أداة لإظهار مقدار الوقت المتبقي قبل وقوع الكارثة.
هذه الساعة تحمل في طياتها دعوة للعالم بأسره لإعادة التفكير في السياسات العامة واتخاذ قرارات جريئة من أجل تجنب الكوارث المستقبلية التي تهدد استدامة كوكب الأرض.
إذا استمر الوضع على ما هو عليه دون اتخاذ إجراءات حاسمة، فإن “ساعة يوم القيامة” ستظل تقترب أكثر فأكثر من منتصف الليل.
ومن هنا، يظل التحدي الأكبر أمام العالم هو الاستجابة الفعالة والموحدة لجميع هذه التهديدات في إطار تعاون دولي جاد ومدروس.