السلفادور – السابعة الإخبارية
سجن.. في خطوة غير تقليدية وغير مسبوقة على مستوى العالم، أعلن رئيس السلفادور، نجيب بوكيله، عن اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية تقضي باستقبال المسجونين من العصابات الإجرامية في سجون بلاده. هذه الاتفاقية التي أصبحت حديث الجميع، تُحول السلفادور إلى أكبر سجن في العالم للمجرمين من مختلف الجنسيات، مما يثير تساؤلات عدة حول تداعيات هذه الخطوة على الأمن الداخلي والخارجي للبلاد.
اتفاقية غير مسبوقة بين السلفادور وأمريكا
في سابقة غريبة من نوعها، وقع رئيس السلفادور نجيب بوكيله اتفاقية مع الولايات المتحدة تتيح إرسال أفراد العصابات من أمريكا إلى سجون السلفادور.
وتضمنت الاتفاقية إرسال 238 شخصًا من أفراد العصابة الفنزويلية “ترن دي أراجوا” إلى السلفادور، حيث تم نقلهم فورًا إلى سجن “سيكوت” المخصص للمجرمين والعصابات في البلاد.
هذه الخطوة تثير الدهشة، حيث أن السلفادور ستكون بموجب هذه الاتفاقية بمثابة وجهة رئيسية لاحتجاز العصابات العالمية، ما يجعلها تُصنف بشكل غير رسمي كأكبر سجن للمجرمين على مستوى العالم.
دوافع رئيس السلفادور وراء الاتفاقية
في تعليقاته على هذه الاتفاقية، أشار رئيس السلفادور نجيب بوكيله إلى أن هذه الخطوة هي جزء من استراتيجية واسعة لمكافحة الجريمة المنظمة. وأوضح بوكيله في تغريدة له على منصة “أكس” أنه مع وصول 238 عضوًا من العصابة الفنزويلية، تم نقلهم مباشرة إلى سجن “سيكوت”، وهو مركز احتجاز مخصص للإرهابيين والمجرمين.
وأضاف أن هذه الاتفاقية تساعد في تحسين الوضع الأمني في البلاد، وتساهم أيضًا في جعل نظام السجون السلفادوري مكتفيًا ذاتيًا، حيث أن السجناء يشاركون في ورش العمل والأنشطة التي تديرها الحكومة.
وأشار بوكيله إلى أن هذه الإجراءات التي تشمل اتفاقية استقدام المجرمين ستعود بفوائد مالية على بلاده. ففي الوقت الذي ستدفع فيه الولايات المتحدة رسومًا منخفضة عن احتجاز هؤلاء السجناء، ستحصل السلفادور على إيرادات عالية من رسوم الاحتجاز، إضافة إلى استغلال الطاقة الإنتاجية للسجون في تطوير الاقتصاد المحلي.
وكشف الرئيس أن تكلفة البرنامج الذي يتيح استخدام السجون السلفادورية لهذه الأغراض تصل حاليًا إلى 200 مليون دولار سنويًا.
Today, the first 238 members of the Venezuelan criminal organization, Tren de Aragua, arrived in our country. They were immediately transferred to CECOT, the Terrorism Confinement Center, for a period of one year (renewable).
The United States will pay a very low fee for them,… pic.twitter.com/tfsi8cgpD6
— Nayib Bukele (@nayibbukele) March 16, 2025
تحويل السلفادور إلى سجن عصابات عالمي
منذ عام 2023، بدأت السلفادور حملة شاملة ضد العصابات، والتي أسفرت عن اعتقال العديد من أفراد العصابات ووضعهم في سجن “سيكوت” المخصص فقط للعصابات.
وتشير التقارير إلى أن عدد السجناء في هذا السجن بلغ أكثر من 15 ألف سجين، وأن هذا العدد من المتوقع أن يتضاعف ليصل إلى 40 ألف سجين، بعد أن تصبح السلفادور وجهة لاحتجاز عصابات أخرى بموجب الاتفاقيات مع أمريكا.
السجن في “سيكوت” هو سجن ضخم، يتم فيه احتجاز أكثر المجرمين خطورة في السلفادور، مثل أفراد عصابتي “MS-13” و”باريو 18″، اللتين تشتهران بعنفهما الكبير.
الغريب في الأمر أن هذه العصابات الكبيرة التي تتقاتل مع بعضها في الشوارع يتم إجبارها على العيش معًا في نفس عنابر السجن، ما يخلق بيئة متوترة للغاية داخل السجن.
المخاوف من تداعيات الاتفاقية
ورغم أن هذه الاتفاقية قد تحقق بعض المكاسب الاقتصادية والأمنية للسلفادور، إلا أنها تثير مخاوف من تداعياتها المستقبلية. فبينما يسعى الرئيس بوكيله لتحويل بلاده إلى “سجن عالمي” للعصابات، تظل الأسئلة عن مدى استقرار الوضع الأمني داخل السجون السلفادورية، خاصة إذا علمنا أن أفراد العصابات الذين يتم إرسالهم إلى هناك يشملون بعضًا من أخطر المجرمين في العالم.
أحد المخاوف الكبرى يتمثل في تأثير هذه الاتفاقية على المجتمع السلفادوري، حيث سيتم دمج أفراد العصابات من دول مختلفة، ما قد يزيد من حدة التوترات والاقتتال داخل السجون، ويخلق بيئة سامة قد تهدد الاستقرار الداخلي.
كما أن السؤال يبقى قائمًا حول كيفية تأثير وجود هذه العصابات على الحياة اليومية في السلفادور، خاصة إذا بدأت بعض هذه العصابات في السيطرة على بعض الأنشطة غير القانونية داخل البلد.
الردود الدولية والإقليمية على الاتفاقية
هذه الاتفاقية لم تقتصر ردود الفعل بشأنها على السلفادور فقط، بل أثارت أيضًا جدلًا في الأوساط الدولية. بعض المراقبين يرون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين السلفادور وبعض جيرانها في أمريكا اللاتينية، حيث قد يؤدي وجود مثل هذه العصابات إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي. ك
ما أن الاتحاد الأمريكي يتابع عن كثب تداعيات هذه الاتفاقية، معربًا عن قلقه بشأن الحقوق الإنسانية للمسجونين في سجون السلفادور.
بينما يحاول الرئيس نجيب بوكيله تحويل السلفادور إلى نقطة محورية لمكافحة العصابات الدولية، تظل الأسئلة مفتوحة حول مدى استدامة هذه الاستراتيجية على المدى الطويل.
ما بين المكاسب الاقتصادية المحتملة والمخاوف الأمنية، يبدو أن السلفادور قد تجد نفسها في مأزق يصعب التنبؤ بتداعياته في المستقبل.