إيطاليا – السابعة الإخبارية
في لحظة مؤثرة هزّت العالم الكاثوليكي، أعلن الفاتيكان رسميًا وفاة البابا فرنسيس، عن عمر ناهز الـ88 عامًا، بعد صراع طويل ومرهق مع المرض، لتنطفئ بذلك شمعة من أبرز الشموع التي أنارت درب السلام والإنسانية في القرن الحديث.
فرانسيس، الذي ولد في 17 ديسمبر 1936، عاش أيامه الأخيرة بين أجهزة الإنعاش والعناية المركزة، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة التهاب رئوي حاد. وعلى الرغم من محاولات الأطباء المستميتة، اضطر الفريق الطبي مؤخرًا إلى تقليص التدخلات العلاجية، احترامًا لكرامته وتخفيفًا من آلامه.
بابا الإنسانية والسلام
لم يكن البابا فرنسيس مجرد زعيم ديني للكنيسة الكاثوليكية، بل كان ضميرًا عالميًا، يُنادي بالرحمة، ويتحدث من منابر السلام، ويوجه نداءات إنسانية تتجاوز حدود الفاتيكان. فقد دعا مرارًا إلى وقف الحروب، وعلى رأسها الصراع في غزة، وكان من أوائل من عبّر عن تضامنه مع المدنيين الفلسطينيين، مطالبًا العالم بالتحرك لوقف الجوع والدمار.
خلف الكواليس.. الكنيسة تتحضّر لحدث تاريخي
برحيل البابا، تبدأ واحدة من أقدم وأهم العمليات الانتخابية في العالم المسيحي: انتخاب بابا جديد، ووفقًا لتقاليد المجمع البابوي، سيتم عقد جلسات اقتراع مغلقة داخل كنيسة سيستين بالفاتيكان، يشارك فيها 138 كاردينالًا من أصل 252، وهم من لم يتجاوزوا الثمانين من العمر. ويخضع التصويت لنظام دقيق، يتطلب أن يحوز أي مرشح على ثلثي الأصوات ليفوز بالمنصب، في عملية قد تستغرق من أسبوعين إلى ثلاثة.
من يخلف البابا؟ الأسماء الأبرز على الطاولة
وسط التكهنات والترقّب، برزت مجموعة من الكرادلة كأبرز المرشحين لخلافة البابا الراحل. ولكل منهم رؤيته وتوجهه الذي قد يشكل ملامح جديدة لمستقبل الكنيسة:
الكاردينال بييترو بارولين (إيطاليا)
الرجل الثاني في الفاتيكان، والمعروف بعقليته المتزنة ودوره المحوري في الدبلوماسية الكنسية. يرى البعض فيه خيارًا آمنًا لمواصلة سياسات البابا فرانسيس، خاصة في مجال الحوار والسلام.
الكاردينال بيتر إردو (المجر)
شخصية محافظة للغاية، يشتهر بتمسكه بالتقاليد الصارمة، خاصة في قضايا الزواج والعائلة. يُعتبر مرشحًا لقيادة تيار العودة إلى الجذور الكنسية.
الكاردينال لويس أنطونيو تاجلي (الفلبين)
صوت آسيوي شاب نسبيًا، يُنظر إليه كرمز للانفتاح الاجتماعي والرحمة. يتبنى مواقف معتدلة تجاه القضايا الاجتماعية، ويُعد وجهًا تصالحيًا لجزء كبير من العالم الكاثوليكي غير الأوروبي.
الكاردينال ماتيو زوبي (إيطاليا)
رئيس أساقفة إيطاليا، صعد نجمه مؤخرًا بسبب نشاطه الدولي، خصوصًا زياراته السياسية للولايات المتحدة وأوكرانيا. يُراهَن عليه كخليفة قادر على الجمع بين الروحانية والدور السياسي.
الكاردينال ريموند ليو بيرك (الولايات المتحدة)
المرشح الأشد تحفظًا. طالما وجه انتقادات حادة للبابا فرانسيس، ويدعو لعودة الكنيسة إلى صرامة قوانينها القديمة في مواجهة القضايا الاجتماعية الشائكة.
مستقبل الكنيسة على المحك
بوفاة البابا فرانسيس، تُفتح صفحة جديدة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، مليئة بالتحديات والأسئلة الكبرى: هل تستمر الكنيسة في طريق الانفتاح الذي رسمه البابا الراحل؟ أم تعود إلى سياسات أكثر تحفظًا في ظل المتغيرات العالمية؟
الأنظار كلها تتجه الآن إلى كنيسة سيستين، حيث يُكتب مصير ما يقرب من 1.3 مليار كاثوليكي حول العالم، بانتظار الدخان الأبيض الذي سيعلن قدوم بابا جديد… يحمل آمالًا جديدة، وربما رؤى مختلفة.