الإمارات – السابعة الإخبارية
في مشهد ثقافي يجمع بين عبق التراث العربي وآفاق الإبداع المعاصر، شهد معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 جلسة حوارية ملهمة تحت عنوان: “الخيال، والاستشراق، والمغامرة المستوحاة من الحكايات”، حيث تسلط الضوء على حضور الحكاية العربية في السينما العالمية، انطلاقاً من إرث “ألف ليلة وليلة”، الذي تم اختياره “كتاب العالم” لهذا العام.
سرد عربي بصوت عالمي
وكان نجم الجلسة مينا مسعود، الممثل والمخرج والكاتب الكندي من أصول مصرية، الذي عبّر خلال مشاركته عن شغفه العميق بالعودة إلى الجذور، وعن سعيه الدائم إلى تقديم الرواية العربية بعيون أبنائها لا من خلال عدسات الاستشراق المعتادة.
وقال مسعود، في حوار أداره الإعلامية علياء القمزي، المدير التنفيذي للتطوير في “إيمج نيشن أبوظبي”، إن غياب التمثيل العربي الحقيقي في هوليوود عزز لديه شعورًا متزايدًا بالمسؤولية لنقل صوت العرب إلى الشاشة العالمية، مشيرًا إلى أن تجربته في فيلم “علاء الدين” لم تكن كافية، وأن الهوية تحتاج إلى تأصيل أعمق في الحكاية والسياق.
اللغة والهوية… معركة لا تنتهي
وأكد مسعود أن إتقان اللغة العربية لم يكن مجرد مهارة تمثيلية، بل جزء من استعادة الذات الثقافية، خصوصًا بعد مشاركته في الفيلم المصري “في عز الضهر” عام 2021، الذي فتح أمامه آفاقًا فنية مختلفة، وأتاح له حرية إبداعية مغايرة لما اعتاد عليه في السينما الأمريكية.
وكشف عن الصعوبات التي واجهها للتخلص من لكنته الأجنبية أثناء أداء الأدوار بالعربية، واعتبر ذلك تحديًا إيجابيًا في سبيل تقديم شخصية عربية حقيقية “تشبهنا نحن، لا كما يتخيلنا الآخر”.
المعايير الأخلاقية والفنية
وشدد مسعود على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية والمبادئ المهنية، مؤكدًا أن اختياراته للأعمال لا تُبنى على الشهرة أو الربح، بل تنطلق من قوة النص ومدى قربه من قضايا الإنسان العربي وهمومه.
كما تحدّث عن تجاربه في مجالات فنية متنوعة، من الرومانسية إلى الدراما، ومن التمثيل إلى الكتابة، حيث أشار إلى أنه لا يرى الكتابة مهنة منفصلة، بل وسيلة للتعبير الذاتي، وقد ألّف في هذا السياق كتابًا حول نمط الحياة النباتية الذي يتبعه، في محاولة للجمع بين الفن والحياة اليومية.
مشروع درامي جديد… للمنطقة
وفي ختام الجلسة، أعلن مسعود عن مشروع درامي جديد يتكوّن من 12 حلقة، يُخصص لمنطقة الشرق الأوسط، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإنتاج العربي النوعي ودعم رؤية مركز أبوظبي للغة العربية في نشر اللغة والثقافة العربية عالميًا.
ووصف المشروع بأنه فرصة لإعادة تعريف الدراما العربية بروح معاصرة، دون التفريط في الأصالة أو المضمون.
شكلت مشاركة مينا مسعود في الجلسة رسالة واضحة مفادها أن العرب لا يحتاجون لمن يسرد قصصهم بالنيابة عنهم، بل أن الوقت قد حان لأن نحكي حكايتنا بأنفسنا، بلغتنا، ووعينا، وهويتنا التي لا تزال رغم كل التحديات، نابضة بالحياة.