أسكتلندا– السابعة الإخبارية
واتساب.. أعلنت الحكومة الاسكتلندية عن سياسة جديدة مثيرة للجدل ستدخل حيز التنفيذ بدءًا من يوم الجمعة المقبل، تقضي بمنع استخدام تطبيقات التراسل الفوري مثل “واتساب” على الأجهزة الحكومية الرسمية.
القرار، الذي يُعد الأول من نوعه بهذا الاتساع، يشمل كافة موظفي الحكومة، بمن فيهم الوزراء، المستشارون الخاصون، كبار موظفي الخدمة المدنية، والمقاولون المتعاملون مع الحكومة.
الخطوة جاءت بعد موجة من الانتقادات والاتهامات التي طالت الحكومة، خصوصًا بشأن إدارة المعلومات والتواصل خلال جائحة كوفيد-19، حيث تم الكشف عن أن بعض كبار المسؤولين قاموا بحذف رسائل واتساب طُلبت ضمن تحقيقات رسمية تتعلق بإدارة الجائحة.

خلفية القرار: رسائل محذوفة من واتساب تثير أزمة ثقة
يعود أصل القضية إلى مراجعة مستقلة تم إجراؤها في ديسمبر 2024، بتكليف من الوزير الأول السابق حمزة يوسف. هذه المراجعة ركّزت على فحص سلوك مسؤولي الحكومة في ما يتعلق باستخدام تطبيقات التراسل مثل واتساب في العمل الرسمي، وخاصة أثناء فترات الأزمات مثل جائحة كورونا.
وقد كشفت المراجعة أن عددًا من الوزراء وكبار الموظفين استخدموا تطبيقات غير رسمية لإجراء مناقشات مرتبطة بالسياسات العامة والإجراءات الحكومية خلال الجائحة، وتم لاحقًا حذف العديد من تلك الرسائل. هذا السلوك أثار تساؤلات جدية حول مدى التزام الحكومة بمبادئ الشفافية، وحفظ السجلات، وتوثيق القرارات المهمة التي تؤثر على حياة المواطنين.
الوزيرة الأولى السابقة نيكولا ستيرجن كانت من أبرز الشخصيات التي وُجهت إليها الانتقادات، بعد أن تبين أنها حذفت رسائل من هاتفها. وقد بررت ذلك بقولها إن الرسائل لم تكن تتعلق بـ”أعمال الحكومة”، لكن هذه التصريحات لم تمنع موجة الغضب الشعبي والسياسي التي تبعت الحادثة.

محاولة لإعادة بناء الثقة
نائبة الوزير الأول الحالية، كيت فوربس، أعلنت أن القرار يهدف إلى “تعزيز الشفافية والانفتاح”، مشيرة إلى أن “أعمال الحكومة ينبغي أن تتم عبر قنوات رسمية وآمنة، تتيح التوثيق والمراجعة والبحث، بما يتماشى مع القوانين والالتزامات القانونية”.
وأضافت فوربس أن استخدام تطبيقات مثل واتساب قد زاد خلال الجائحة بسبب العمل عن بُعد وظروف الطوارئ، إلا أن هذه التطبيقات لم تصمم لتكون وسيلة رسمية لتوثيق المراسلات الحكومية الحساسة.
وأكدت أن السياسة الجديدة ستسهم في تعزيز ممارسات الحوكمة الرشيدة، وضمان الاحتفاظ بكافة المعلومات المهمة التي قد تكون مطلوبة مستقبلًا في إطار المساءلة أو التقييم.
استثناءات مؤقتة لبعض القطاعات
رغم الحظر الشامل، أوضحت الحكومة أن هناك استثناءات مؤقتة لعدد محدود من الإدارات، مثل فرق الطوارئ والأجهزة المعنية بالسلامة العامة. هذه الإدارات ستُمنح فترة انتقالية حتى نهاية عام 2025، يمكن خلالها استخدام تطبيقات التراسل في حالات الطوارئ أو الاتصالات العاجلة، بشرط أن يتم ذلك وفق ضوابط صارمة وإجراءات توثيق واضحة.

ردود فعل متباينة: المعارضة تهاجم القرار
المعارضة الاسكتلندية، وخاصة من حزب المحافظين، انتقدت القرار، معتبرة أنه اعتراف متأخر بالفشل في إدارة المعلومات خلال الجائحة. وقال النائب المحافظ كريغ هوي إن “هذه الخطوة لا تمحو ما حدث، ولا تعيد الإجابات التي حُرمت منها العائلات الثكلى بسبب حذف رسائل كان يجب أن تُسلّم للتحقيقات”.
وأضاف: “ثقافة السرية والتهرب متأصلة في إدارة الحزب الوطني الاسكتلندي، وهذه السياسة الجديدة تبدو وكأنها إجراء شكلي لا يغيّر من عمق المشكلة”.
هل يكفي هذا القرار لإصلاح العلاقة مع الجمهور؟
يتفق الخبراء أن القرار يمثل خطوة إيجابية نحو مزيد من الشفافية في العمل الحكومي، لكنه يفتح أيضًا بابًا واسعًا من الأسئلة:
هل كانت الحكومة تغفل عمدًا عن توثيق بعض القرارات؟
وهل يمكن الوثوق بأن السياسات الجديدة ستُطبق بصرامة؟
وهل تؤثر هذه السياسة على سرعة وكفاءة التواصل في البيئات الحكومية المعقدة؟
الإجابة لن تكون فورية. فالثقة، كما يقول كثير من المحللين، تُبنى بمرور الوقت، وتتطلب التزامًا حقيقيًا بالمساءلة، وليس فقط قرارات إدارية بعد فوات الأوان.
بدأ الأمر عندما حاول موظف في متجر تسجيلات الاستعلام عن وسيلة تواصل مع شركة TransPennine Express أثناء انتظاره لقطار صباحي لم يصل إلى رصيف محطة سادلورث، عن طريق واتساب AI الذي قدم له رقما زعم أنه لخط المساعدة، لكنه تفاجأ لاحقاً بأن الرقم لشخص آخر لا علاقة له بالشركة#نوافذ_عربية pic.twitter.com/eKQMU33vpA
— نوافذ عربية (@nawafezarabia) June 21, 2025