القاهرة – السابعة الاخبارية
مدحت العدل، أثار تصريح الفنان اللبناني راغب علامة عن أوبريت “الحلم العربي” جدلًا واسعًا، بعد أن وصفه بأنه “عمل تجاري بلا موقف سياسي محدد”. هذا التصريح قوبل برد صريح من السيناريست الدكتور مدحت العدل، كاتب كلمات الأوبريت الشهير، الذي أكد في تصريحات خاصة لموقع القاهرة 24 أن “الحلم العربي” لم يكن مجرد مشروع فني عابر، بل كان نتاج إحساس صادق وانتماء عروبي حقيقي للقضية الفلسطينية، مشددًا على أن الجمع بين القيمة الفنية والتجارية لا ينفي وجود موقف إنساني أو وطني في العمل.
مدحت العدل: “كتبت الأوبريت بعروبتي ومن قلبي”
في تصريحاته، أكد مدحت العدل أنه لا يرفض فكرة أن يكون العمل الفني ذا قيمة تجارية، لكنه أشار إلى أن “الحلم العربي” لم يكن مدفوعًا فقط بالبعد المادي أو التجاري، بل كان تعبيرًا عن مشاعر حقيقية تجاه القضية الفلسطينية، مضيفًا:
“العمل قد يكون تجاريًا وله قيمة أدبية وإنسانية في الوقت نفسه، وده مش شيء متناقض. ممكن أعمل عمل له بعد تجاري وأكسب منه، لكن في الوقت نفسه أكون مؤمن باللي بقدمه، وده بالضبط اللي حصل في أوبريت الحلم العربي”.
وتابع العدل موضحًا أنه لا يتدخل في نوايا الآخرين، وأن الفنان راغب علامة حر في رؤيته الشخصية لما قدمه من مشاركة في الأوبريت:
“لو راغب غنى الأوبريت على أساس إنه عمل تجاري، فهو حر، لكن أنا كتبته من قلبي، وكنت مؤمن بقضية فلسطين وقتها، وما زلت. هناك فرق كبير بين أنك تغني مجرد أداء، وبين أنك تغني من ضميرك، وتحس بالكلمات والرسالة اللي وراها”.
الفرق بين الأداء والرسالة
أشار مدحت العدل إلى أن أوبريت “الحلم العربي” لم يكن مجرد إنتاج فني ضخم أو محاولة لجمع نجوم الغناء العربي في عمل واحد فقط، بل كان صرخة فنية في وقتٍ حساس تمر به الأمة العربية، لافتًا إلى أن ما يميز الأوبريت هو صدقه الإنساني والموقف الذي يحمله.
“فكرة الأوبريت لم تكن استعراضًا فنيًا، بل كانت محاولة لجمع صوت عربي واحد تجاه القضايا المصيرية اللي بنواجهها، وأبرزها القضية الفلسطينية. نعم، الأوبريت كان له نجاح جماهيري وتجاري، لكنه كان نابعًا من إحساس حقيقي بالمسؤولية”.
وأضاف العدل:
“مش معنى إنك قدمت عمل ناجح وتكسب منه، إن ده ينفي وجود موقف أو رسالة. بالعكس، دي مسؤولية الفنان الحقيقي.. إنك تدمج بين الفن والتأثير الإيجابي”.
راغب علامة: “الحلم العربي كان عملاً تجاريًا بلا موقف سياسي”
وكان الفنان راغب علامة قد أثار الجدل بتصريحه خلال مؤتمر صحفي أقيم على هامش مشاركته في مهرجان موازين بالمغرب، حيث تحدث عن تجربته مع أوبريت “الحلم العربي”، قائلًا:
“أوبريت الحلم العربي كان عملًا تجاريًا، وما كانش وراه موقف سياسي واضح. لو فكرت أقدم حاجة مشابهة دلوقتي، مش هتكون عن موضوع عربي أو إسلامي، بل هتكون عن الإنسانية.. عن الناس اللي بتموت في الحروب والدمار اللي بنشوفه حوالينا كل يوم”.
رؤية راغب التي تحدث عنها تعكس توجهًا عامًّا في خطابه الفني الجديد، والذي يركّز على القضايا الإنسانية بمعناها الأشمل، وليس على قضايا تخص العالم العربي أو الإسلامي على وجه التحديد.
الفن والضمير الجمعي
حديث مدحت العدل لم يتوقف عند الرد فقط، بل اتّخذ بُعدًا أوسع، حيث أكّد أن دور الفن لا يقتصر على الترفيه أو التجارة، بل يتعداه ليصبح وسيلة للتعبير عن الوجدان الجمعي، ومخزون الشعوب الثقافي والوطني.
“الفن الحقيقي لازم يكون له موقف. مش شرط كل فنان يغني لقضية، لكن لما يكون العمل نفسه بيتكلم عن قضية كبيرة زي فلسطين، بيكون مطلوب من اللي بيشارك فيه إنه يكون مدرك هو بيقول إيه، وبيقف في صف مين”.
وأكد العدل أن الفن العربي في التسعينيات، ومن ضمنه “الحلم العربي”، لعب دورًا مهمًا في تشكيل وعي جيل بأكمله، تجاه قضاياه القومية، متسائلًا: “كم عمل فني عربي حاليًا يقدر يترك نفس الأثر اللي عمله الحلم العربي؟”.
الحلم العربي.. بين الأمس واليوم
منذ إطلاقه في أواخر التسعينيات، ظل أوبريت “الحلم العربي” واحدًا من أبرز الأعمال الجماعية في تاريخ الأغنية العربية، حيث شارك فيه عدد كبير من نجوم الغناء من مختلف البلدان، منهم كاظم الساهر، أصالة، لطيفة، حسين الجسمي، وأنغام، إلى جانب راغب علامة.
الأوبريت، الذي كتبه مدحت العدل ولحنه صلاح الشرنوبي، لم يكن فقط نشيدًا حماسيًا، بل شكل حالة وجدانية خاصة، لا تزال مرتبطة في الذاكرة العربية بلحظات الأمل في وحدة عربية، وقضية لم تغب عن وجدان الشعوب، رغم غياب المواقف السياسية الموحدة.