المغرب – السابعة الاخبارية
كوثر بودراجة، في خبر مؤلم هزّ قلوب جمهورها في المغرب والعالم العربي، رحلت الإعلامية والممثلة المغربية كوثر بودراجة عن عمر ناهز 37 عامًا، بعد صراع طويل وصامت مع مرض السرطان، قاومته بشجاعة خلف الكواليس، وابتعدت عن الأضواء في شهورها الأخيرة، محتفظة بابتسامتها الهادئة وكرامتها الصلبة حتى اللحظة الأخيرة.
كوثر، التي كانت يومًا من أبرز الوجوه الإعلامية وأكثرها قربًا من الناس، اختارت أن تغادر كما عاشت… بهدوء وكبرياء، بلا صخب ولا وداع معلن، فقط برسالة إنسانية عميقة عن معنى القوة في الضعف، والسكينة في الألم.
View this post on Instagram
كوثر بودراجة ترحل في صمت.. ابتسامة أخفت وجع السرطان
طوال أشهر طويلة، خاضت كوثر معركتها ضد المرض بعيدًا عن كاميرات الإعلام وعدسات الصحافة. اختارت أن تكون المعركة شخصية، بين قلبها والله، دون أن تستجلب الشفقة أو تُقحم جمهورها في التفاصيل. كانت تغيب وتظهر، تبتسم وتختفي، لكنها لم تنطق يومًا بالوجع، وكأنها تأبى أن تكون حكايتها الأخيرة عنوانًا للحزن.
وبحسب تقارير إعلامية مغربية، فإن بودراجة أوصت بدفنها في سرية تامة، وهو ما تم بالفعل، حيث وُري جثمانها الثرى بحضور عدد محدود من عائلتها وأقرب المقربين فقط. لم تكن الجنازة حدثًا عامًا، بل لحظة إنسانية خالصة، تليق بشخصية قررت أن يكون رحيلها امتدادًا لطريقة عيشها: هادئة، محترمة، عميقة.
بدايات لامعة وخطى واثقة
كوثر بودراجة لم تكن وجهًا عابرًا على الشاشة. بدأت رحلتها الإعلامية وهي شابة صغيرة، تحمل في ملامحها ذكاءً حادًا وهدوءًا آسِرًا. برزت لأول مرة من خلال مشاركتها في برنامج “ستار أكاديمي المغرب العربي”، حيث خطفت الأنظار بأسلوبها المتزن وقدرتها على إدارة الحوار.
سرعان ما تنقلت بين القنوات العربية، فظهرت على قناة نسمة التونسية، وقدمت برامج ناجحة مثل “ناس نسمة” و”ممنوع على الرجال”، وهو البرنامج الذي أثار جدلًا واسعًا وقت عرضه بسبب جرأته في مناقشة قضايا النساء. لاحقًا، التحقت بقناة ميدي 1 تي في المغربية، حيث قدمت البرنامج الاجتماعي “جاري يا جاري”، كما شاركت في برنامج “مذيع العرب” على قناتي أبوظبي والحياة المصرية، حيث وصلت إلى مراحل متقدمة من المنافسة، وأثبتت أنها ليست فقط إعلامية، بل شخصية تلفزيونية متكاملة.
من الميكروفون إلى الكاميرا
لم تقف كوثر بودراجة عند الإعلام، بل توسعت موهبتها نحو التمثيل، وحققت حضورًا لافتًا في عدد من المسلسلات المغربية التي لاقت رواجًا واسعًا، منها:
“الماضي لا يموت”
“سولو دموعي”
“أحلام بنات”
“سلمات أبو البنات”
وبينما كانت تخطو بثبات في عالم الدراما، جاءت مشاركتها الأخيرة في فيلم الخيال العلمي المغربي “Atoman” عام 2025 كمسك الختام لمشوارها الفني، حيث ظهرت فيه إلى جانب نخبة من الفنانين المغاربة والعرب، وكان هذا آخر ظهور فني لها قبل أن تنسحب بهدوء من المشهد.
نعمان بلعياشي يودّع صديقته
وفور إعلان خبر الوفاة، سادت حالة من الحزن في الوسط الفني والإعلامي. ونعى عدد من النجوم رحيل كوثر بودراجة بكلمات مؤثرة، على رأسهم الفنان المغربي نعمان بلعياشي، الذي أعلن تأجيل طرح أغنيته الجديدة “جيلالي” حدادًا عليها.
وكتب عبر حسابه الرسمي:
“تم تأجيل تاريخ طرح الأغنية لسبب وفاة الصديقة كوثر بودراجة. إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم ارحمها واغفر لها”.
رسالة نعمان لم تكن مجرد إعلان تأجيل، بل شهادة على مكانة كوثر في قلوب من عرفوها. صديقة، شغوفة، قوية، ومتواضعة… هكذا وصفها كل من تعامل معها عن قرب.
حضور سيظل
برحيل كوثر بودراجة، تفقد الشاشة العربية واحدة من أجمل وجوهها، وأكثرها نضجًا وإنسانية. لكنها، رغم الغياب، ستظل حاضرة بأعمالها، وبالطريقة التي اختارت بها أن تحيا وتمضي.
كوثر لم تكن ضحية مرض فقط، بل رمزًا للصلابة في وجه الضعف، ورسالة أن الأضواء ليست كل شيء، وأن القيمة الحقيقية للإنسان ليست بما يُنشر عنه، بل بما يخفيه من صبر وألم وكرامة.
وداعًا كوثر…
وداعًا لابتسامة لم تنطفئ حتى في عزّ الوجع،
وداعًا لصوت هادئ ترك أثرًا دون أن يصرخ،
وداعًا لروح اختارت أن ترحل كما عاشت: بسلام.