أمريكا – السابعة الإخبارية
واتساب، في خطوة تعكس مساعيها المستمرة لتحويل “واتساب” إلى منصة متكاملة للتجارة الرقمية والتواصل الاحترافي، أعلنت شركة “ميتا”، المالكة لتطبيق واتساب، عن مجموعة من التحديثات الجوهرية التي تمس حزمة “واتساب للأعمال”. التحديثات الجديدة لا تقتصر فقط على تعزيز قدرات الاتصال، بل تمتد إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة أكثر تفاعلية بين الشركات والعملاء.
التحول الجديد يتجاوز طبيعة الاستخدام التقليدية للتطبيق، إذ أصبح “واتساب” أكثر من مجرد وسيلة للمحادثات النصية، ليبدأ حقبة جديدة من خدمات الدعم والمبيعات المؤتمتة عبر الصوت والذكاء الاصطناعي، معزّزًا موقعه كأداة استراتيجية في المشهد الرقمي العالمي.

واتساب: إطلاق قدرات صوتية متقدمة للشركات الكبرى
من أبرز التحديثات التي أعلنت عنها “ميتا” هو تمكين الشركات الكبرى من استخدام واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـ”واتساب للأعمال” لإجراء واستقبال المكالمات الصوتية مع العملاء. في السابق، كانت هذه الإمكانية متاحة فقط للحسابات الصغيرة والمتوسطة، لكن التوسعة الجديدة تُعد تحولًا استراتيجيًا يسمح للشركات الكبرى بالانخراط بتجربة تواصل أكثر واقعية وسلاسة.
ويتضمن التحديث الصوتي المرتقب عدة مميزات:
• إجراء واستقبال المكالمات الصوتية: بات بإمكان العملاء التواصل مباشرة مع ممثلي الشركات عبر المكالمات، ما يوفر بديلًا أسرع وأكثر تفاعلية من الرسائل النصية.
• إعادة الاتصال بعد انتهاء المكالمة: ميزة جديدة لم تكن متاحة في الإصدارات السابقة، تتيح للشركات متابعة العملاء بعد المكالمات لإنهاء المعاملات أو تقديم دعم إضافي.
• دعم الرسائل الصوتية داخل المحادثات: قريبًا، سيتمكن العملاء من إرسال واستقبال رسائل صوتية مع الشركات، لتوفير وسيلة طبيعية وسريعة للتواصل.
هذا التطوير يفتح الباب أمام اعتماد وكلاء صوتيين ذكيين مدعومين بالذكاء الاصطناعي من شركات مثل Vapi وElevenLabsوCoval وPhonic. هذه التقنية تتيح للشركات أتمتة الردود الصوتية وتقديم خدمات متقدمة دون الحاجة لتدخل بشري دائم، ما يسهم في تقليل التكاليف وتحسين الكفاءة التشغيلية.

الذكاء الاصطناعي يدخل على خط التوصيات التجارية
وبالتوازي مع تحسينات الاتصال الصوتي، بدأت “ميتا” في اختبار ميزة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مخصصة للعملاء أثناء محادثاتهم مع الشركات عبر التطبيق. هذه الميزة تمثل تحولًا مهمًا في طريقة التسويق داخل المنصة، إذ لم تعد الشركات بحاجة إلى إرسال كتالوجات أو روابط خارجية، بل بات بإمكان النظام نفسه اقتراح المنتجات الأنسب بناءً على محتوى المحادثة.

تشمل مزايا هذه الخاصية:
• اقتراح منتجات أو خدمات بشكل ذكي أثناء التفاعل مع العملاء.
• الرد الفوري على استفسارات إضافية باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لتدخل بشري.
• توفير تحديثات آلية حول المنتجات، الطلبات، أو حالة الشحن.
وقد بدأت “ميتا” بتجربة هذه التقنية في السوق المكسيكية، مع خطط مستقبلية للتوسع إلى أسواق أخرى، ما يشير إلى نية الشركة جعل تجربة التسوق داخل واتساب أكثر تخصيصًا وتلقائية. ومن شأن هذا التوجه أن يساعد الشركات في تحسين استهداف العملاء، وزيادة معدلات التحويل، فضلًا عن تقديم تجربة استخدام أكثر سلاسة وذكاء.
كما أن هذه الخطوة تعزز من قدرة “واتساب للأعمال” على منافسة منصات التجارة الإلكترونية التقليدية، من خلال توفير تجربة تفاعلية تتم بالكامل داخل التطبيق دون الحاجة للخروج إلى مواقع أو تطبيقات أخرى.
ركيزة مالية جديدة في استراتيجية ميتا
لطالما كان “واتساب” منصة للتواصل الاجتماعي غير الربحي من حيث الاستخدام الفردي، لكن في السنوات الأخيرة، أصبح “واتساب للأعمال” جزءًا رئيسيًا من نموذج ميتا لتحقيق دخل مباشر. وتشير تقارير إلى أن المنصة تضم الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط شهريًا من قطاع الأعمال، وهي شريحة ضخمة يتم التركيز عليها لتعزيز العائدات.
وتعتمد ميتا في تحقيق الأرباح من “ للأعمال” على عدة محاور رئيسية، من أبرزها:
• الإعلانات المدفوعة من نوع Click-to-WhatsApp، والتي تتيح للمعلنين جذب العملاء مباشرة إلى محادثة واتساب.
• فرض رسوم على التواصل التجاري بين الشركات والعملاء، وهو نموذج تسعير يستخدمه التطبيق حسب عدد الرسائل وأنواع المحادثات.
• خدمات إضافية مستقبلية مدفوعة، حيث أشارت الشركة إلى أن ميزات الذكاء الاصطناعي المقدّمة حاليًا مجانًا قد تصبح مدفوعة في المستقبل، مع زيادة الاعتماد عليها وانتشارها عالميًا.
كل هذه العوامل تشير إلى أن “الواتس للأعمال” لم يعد مجرد أداة مجانية للشركات، بل أصبح يمثل ذراعًا تجاريًا حقيقيًا لشركة ميتا في ظل المنافسة الشرسة في سوق خدمات التواصل الرقمي.
مستقبل التجارة الرقمية
مع هذه التحديثات المتسارعة، ترسم “ميتا” ملامح مستقبل جديد للتجارة عبر تطبيق “واتساب”، حيث لم تعد العلاقة بين الشركات والعملاء تقتصر على محادثات نصية بسيطة، بل باتت أكثر تفاعلية وذكاء، وتشمل الآن:
• اتصالات صوتية في الوقت الفعلي مع دعم إعادة الاتصال.
• رسائل صوتية مرنة كجزء من تجربة المحادثة.
• اقتراحات تسويقية ذكية قائمة على الذكاء الاصطناعي.
• أتمتة الدعم والمبيعات باستخدام وكلاء صوتيين.
• تكامل عميق بين التسويق والتواصل والمبيعات داخل تطبيق واحد.
وهذا ما يجعل “الواتس” يتطور تدريجيًا ليصبح منصة تجارة محمولة متكاملة، تتخطى حدود كونها تطبيق مراسلة إلى فضاء شامل للتواصل التجاري، لا سيما في الأسواق الناشئة والدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على واتساب في الحياة اليومية والأعمال.
وفي ظل هذا التحول، سيكون على الشركات – خاصة الكبيرة منها – إعادة التفكير في استراتيجيات خدمة العملاء والمبيعات الرقمية، وتبني أدوات جديدة تتناسب مع هذا النموذج القائم على الذكاء الاصطناعي والصوت والتخصيص الفوري.
تُظهر هذه التحديثات بوضوح أن “ميتا” تسعى لتحويل واتساب إلى مركز عمليات رقمي شامل، يدمج بين التواصل، الذكاء الاصطناعي، وخدمة العملاء، ما يجعل التطبيق في طليعة الابتكار في عالم التجارة الرقمية. ومع استمرار توسع هذه الميزات عالميًا، من المتوقع أن يتغيّر شكل تجربة العملاء بشكل كبير، وتتحول “واتساب” من تطبيق مراسلة إلى منصة تجارية ذكية، تقود مستقبل التفاعل بين الشركات والمستهلكين.
واتساب يقدّم ميزة جديدة: تلخيص محادثاتك بالذكاء الاصطناعي. خطوة توفر وقتك لكنها قد تعرّض خصوصيتك للخطر.. pic.twitter.com/SdXgzFPueJ
— DW عربية (@dw_arabic) July 1, 2025