القاهرة – السابعة الاخبارية
مها الصغير، في تطور درامي سريع، حذفت قناة On عبر منصاتها الرسمية برومو برنامج “كلام كبير” الذي كانت تستعد الإعلامية مها الصغير لإطلاقه قريبًا، وذلك عقب اتهامها بسرقة لوحات فنية نسبت ملكيتها لنفسها خلال ظهورها الأخير في برنامج “معكم منى الشاذلي”، في واقعة أثارت صدمة واسعة داخل الوسط الفني والثقافي، وتحوّلت إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
مها الصغير وبداية الأزمة: ظهور غير محسوب العواقب
بدأت القصة خلال استضافة مها الصغير في برنامج “معكم منى الشاذلي”، حيث استعرضت مجموعة من اللوحات التشكيلية وأعلنت بفخر أنها من رسمها الشخصي. إلا أن تلك اللحظات التي بدت في ظاهرها توثيقًا لإنجاز إبداعي، تحوّلت سريعًا إلى كابوس بعدما خرجت فنانة تشكيلية دنماركية تُدعى ليزا لاش نيلسون لتكشف أن إحدى اللوحات التي عرضتها مها الصغير تخصّها، وأن الإعلامية نسبت العمل لنفسها دون إذن أو إشارة إلى صاحبته الأصلية.
الأمر لم يتوقف عند ليزا، فقد تبعها عدد من الفنانين الأوروبيين، من بينهم فنان فرنسي وآخر ألماني، أكدوا أن لوحاتهم أيضًا ظهرت في البرنامج وتم نسبها بشكل خاطئ إلى مها الصغير، وهو ما دفعهم لإعلان نيتهم في اتخاذ إجراءات قانونية ضدها.
رد الفعل الجماهيري.. واستياء واسع
انتشرت الاتهامات كالنار في الهشيم، وتحول اسم مها الصغير إلى ترند في مصر وعدد من الدول العربية، ليس فقط بسبب اتهامات السرقة الفنية، ولكن بسبب الطريقة التي قُدّمت بها تلك الأعمال على الهواء مباشرة دون أي تحقق أو تدقيق.
الجمهور عبّر عن غضبه، واعتبر ما حدث “تزويرًا فنيًا” و”اعتداءً على حقوق الملكية الفكرية”، وارتفعت الأصوات المطالِبة بمحاسبة مها الصغير، لا سيما أن الواقعة حدثت على منبر إعلامي مؤثر.
قناة On تتدخل وتحذف برومو البرنامج
على وقع تلك الأزمة، فوجئ الجمهور بحذف الصفحة الرسمية لقناة On على فيسبوك وإنستغرام وتويتر، البرومو الترويجي لبرنامج مها الصغير “كلام كبير”، الذي كان من المقرر أن يبدأ عرضه قريبًا. ورغم أن القناة لم تصدر بيانًا رسميًا يوضح الأسباب، فإن توقيت الحذف جاء متزامنًا تمامًا مع تصاعد الأزمة، ما اعتبره المتابعون إشارة ضمنية إلى محاولة القناة النأي بنفسها عن الجدل الحالي.
يُذكر أن البرنامج كان قد بدأ الترويج له منذ أسابيع، وكان من المقرر أن تستضيف مها الصغير خلاله عددًا من أبرز نجوم الفن في مصر والعالم العربي، مثل أحمد السقا، هند صبري، أحمد فهمي، هشام ماجد، والمخرج محمد سامي، ما جعله من البرامج المنتظرة لدى جمهور كبير.
مها الصغير تعتذر علنًا.. والضحية ترد
في مواجهة هذا التصعيد، اضطرت مها الصغير إلى نشر اعتذار علني عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه:
“أنا غلطت. غلطت في حق الفنانة الدنماركية ليزا، وفي حق كل الفنانين، وفي حق المنبر اللي اتكلمت منه، والأهم غلطت في حق نفسي. مروري بأصعب ظروف في حياتي لا يبرر لي ما حدث. أنا آسفة وزعلانة من نفسي”.
هذا الاعتذار قابله رد إنساني من ليزا لاش نيلسون، حيث أعلنت أنها قبلت الاعتذار لكنها أكدت في الوقت نفسه أن ما حدث “جريمة فنية”، وأنها لن تتنازل عن حقها القانوني في إثبات ملكيتها للوحة.
تضامن وتعاطف.. ولكن بشروط
وفي خضم الهجوم، أبدى البعض تعاطفًا بشريًا مع مها الصغير، خاصة بعد أن تحدثت عن مرورها بفترة نفسية صعبة. ومن أبرزهم المخرج عمرو سلامة، الذي قال:
“أنا متعاطف مع ضحية النهش على الإنترنت، لكن الخطأ لا يُغتفر فنيًا ولا أخلاقيًا، خاصة عندما يتعلق بسرقة إبداع الآخرين”.
وأشار آخرون إلى أن الأزمة ليست فقط في “نسبة أعمال فنية لنفسها”، بل في أنها قدمتها على منبر إعلامي مؤثر ومشاهد على نطاق واسع، ما يُعطي الواقعة أبعادًا أخطر من مجرد “سوء فهم” أو “خطأ غير مقصود”.
مصير البرنامج.. بين التأجيل والإلغاء
حتى اللحظة، لم تُعلن قناة On موقفها الرسمي من استمرار عرض برنامج “كلام كبير” من عدمه، لكن حذف البرومو الرسمي، إلى جانب حالة الغضب العامة، يعززان من احتمال تجميد أو حتى إلغاء البرنامج بالكامل.
مصادر إعلامية مقربة من الإنتاج لمحت إلى وجود مراجعات داخل القناة للخط التحريري للبرنامج ومكانة مقدّمته، فيما يتوقع البعض أن تتم إعادة تصوير الحلقات أو استبدال مقدمة البرنامج بإعلامية أخرى، في حال قررت القناة إنقاذ المشروع.
دروس الأزمة.. وفن الاعتراف بالخطأ
قضية مها الصغير تسلط الضوء على أهمية التحقق من المصادر، وعدم التسرع في نسب أي محتوى فني أو إبداعي دون تدقيق. كما تبرز أيضًا كيف يمكن لخطأ واحد أن يقوّض مصداقية إعلامية، حتى ولو كانت تحظى بشهرة ومكانة.
وإن كان الاعتذار خطوة مهمة، إلا أن كثيرين يرون أن المصداقية في الإعلام تتطلب تحمل المسؤولية بشكل كامل، سواء أمام القانون أو أمام الجمهور.
قضية مها الصغير باتت أكثر من مجرد أزمة إعلامية، إنها جرس إنذار في زمن الرقمنة والوعي المتزايد بحقوق الملكية الفكرية. ورغم أن الاعتذار قد يفتح باب الصفح، فإن آثار الأزمة ستبقى راسخة، ما لم تُتخذ خطوات واضحة لإصلاح الخطأ وإعادة الاعتبار للفنانين المتضررين، وللإعلاميين الذين يمارسون المهنة بمهنية واحترام للحقوق.