الإمارات – السابعة الإخبارية
الكون.. كشف فريق من العلماء في دراسة حديثة أن الكون قد تجاوز منتصف عمره الكوني، مشيرين إلى أن النهاية الكبرى قد تكون أقرب بكثير مما كان يُعتقد سابقًا، ما يشكل تحديًا جوهريًا للفهم السائد حول مصيره.
ووفقًا للدراسة المشتركة التي أُجريت بين جامعة كورنيل الأمريكية وجامعة شانغهاي جياو تونغ الصينية، فإن عمره الإجمالي لن يتجاوز 33.3 مليار سنة، أي أن ما تبقى أمامه لا يتعدى 19 مليار سنة تقريبًا، قبل أن يدخل في مرحلة “الانهيار العظيم” – وهي نقيض ظاهرة “الانفجار العظيم” التي شكلت بداية الزمان والمكان.

الكون: من التمدد إلى الانكماش
النموذج الجديد الذي تبناه الباحثون، والذي أطلقوا عليه اسم “نموذج الطاقة المظلمة المحورية”، يفترض أن الطاقة المظلمة — القوة الغامضة التي تسرّع من توسع السماء — ليست ثابتة كما كان يُعتقد منذ عقود، بل إنها قد تضعف تدريجيًا مع مرور الزمن.
هذا التغير يعني أن التوسع لن يستمر إلى الأبد، بل سيصل إلى ذروته في مرحلة ما، قبل أن تبدأ قوى الجاذبية في التغلب على هذا التوسع وتدفع الكون نحو الانكماش.
ويعتقد الفريق العلمي أن ما يُعرف بـ”الثابت الكوني” للطاقة المظلمة قد يكون سالبًا، وهو ما يُعد اكتشافًا مهمًا إذا ما تم تأكيده. ذلك لأن القيمة السالبة لهذا الثابت تعني أن الطاقة المظلمة لا تُعزز التمدد على المدى الطويل، بل تنكمش وتفقد تأثيرها تدريجيًا، ما يؤدي إلى توقف التوسع ثم الانعكاس نحو الانكماش.
نهاية كونية شاملة: العودة إلى نقطة الصفر
إذا صح هذا النموذج، فإن مصيره لن يكون في التمدد الأبدي، بل في الانطواء التدريجي نحو ذاته. ستبدأ النجوم والمجرات والثقوب السوداء بالاقتراب من بعضها بفعل الجاذبية، حتى تندمج في نقطة فائقة الكثافة، في سيناريو يُشبه ما يُعرف بـ”الانهيار العظيم” (Big Crunch). هذه النتيجة تمثل نقيضًا مباشرًا للسيناريوهات الكونية الشائعة، مثل “التمزق العظيم” أو “التجمد الحراري”، اللذين يفترضان استمرار التوسع إلى ما لا نهاية.
التحدي أمام الفيزياء الحديثة
تتناقض هذه النتائج مع النظريات الراسخة حول تمدد المراد إلى ما لا نهاية، وهي النظريات التي تستند إلى بيانات وكالة “ناسا” التي تفيد بأن الطاقة المظلمة تشكل أكثر من 68% من تركيب الكونيات.
لكن المشكلة الأساسية هي أن طبيعة هذه الطاقة لا تزال غامضة، وهناك خلاف علمي حول ماهيتها، فهل هي طاقة فراغ مرتبطة بثابت أينشتاين؟ أم آثار من حقبة ما قبل الانفجار العظيم؟ أم شيء آخر لم نفهمه بعد؟
الدراسة الجديدة اعتمدت على بيانات متقدمة من مشروعات ضخمة مثل “مسح الطاقة المظلمة” (DES) و“أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة” (DESI)، وهما من أكبر مبادرات الرصد الكونية الحديثة، ما يضفي على نتائجها قدرًا من المصداقية والجدية، رغم أنها لا تزال قيد النقاش العلمي.

عمره: قيد التحديد
أحد أبرز ما كشفته الدراسة هو أن العمر الكونيات المقدر قد يكون في حدود 33 مليار سنة فقط، وهو رقم يستند إلى الحسابات التي أتاحها نموذجهم الجديد. ومع أن هذا الرقم يبدو بعيدًا جدًا على المقاييس الزمنية البشرية، إلا أنه يمثل “أفقًا نهائيًا” لعمر الكون ككل.
ويقول الباحثون إن هذا التقدير ليس مجرد رقم، بل هو مؤشر على أننا قد نكون الآن في منتصف الطريق، وأن ما تبقى من عمره هو أقل مما مضى. هذه الفكرة بحد ذاتها تغيّر نظرتنا الفلسفية والعلمية للزمن، ولما يعنيه أن نعيش في هذا التوقيت بالذات من عمره.
هل حان وقت إعادة التفكير؟
تدفع هذه الفرضية العلماء إلى إعادة تقييم كثير من المسلّمات المتعلقة بالكونيات. فبدلًا من افتراض مستقبل بعيد لا نهاية له، قد نضطر للتعامل مع فكرة أن النهاية ليست فقط محتملة، بل و”محسوبة” علميًا.
وفي حين لا يشكل هذا التغيير في المصير خطرًا وشيكًا على البشرية أو الحياة على الأرض، فإنه يثير تساؤلات جوهرية عن طبيعة الزمن، وحدود الفيزياء، والدور الذي تلعبه الطاقة المظلمة في رسم مصيره.

سواء تأكدت فرضية “الانهيار العظيم” أم لا، فإن هذه الدراسة تفتح أبوابًا جديدة أمام البحث الكوني، وتعيد إحياء سؤال قديم بحلة جديدة:
هل الكونيات إلى زوال؟.. ربما تكون الإجابة أقرب مما كنا نتصور.
إذا لم نجد للرضى في القلب متسعاً
فليس في الكون شئ سوف يرضينا..
.
.#صباح_الخير_والسعاده pic.twitter.com/Ban27qJyvL— خلفيات الخط العربي💙 (@w89_jh) July 1, 2025