أبوظبي – السابعة الإخبارية
أبوظبي.. أصدرت محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية حكمًا نهائيًا بإلزام ولي أمر طالبة في مدرسة خاصة بدفع مبلغ 15,710 دراهم إماراتية، تمثل مستحقات دراسية متأخرة، إلى جانب مبلغ 1,000 درهم كتعويض عن الضرر المادي الذي لحق بالمدرسة نتيجة التأخر في السداد. كما ألزمت المحكمة ولي الأمر بسداد كافة الرسوم والمصروفات المتعلقة بالدعوى.
أبوظبي: خلفية النزاع بين الطرفين
بدأت تفاصيل القضية حين تقدمت إدارة مدرسة خاصة في أبوظبي بدعوى قضائية ضد ولي أمر إحدى الطالبات، تطالب فيها بإلزامه بسداد الرسوم الدراسية المستحقة للعام الدراسي المنقضي، والتي بلغت 15,710 دراهم، مؤكدة أنه لم يلتزم بدفعها رغم محاولات ودّية سابقة قامت بها المدرسة لتسوية النزاع خارج أروقة القضاء.
وأوضحت المدرسة في دعواها أنها اتبعت السبل القانونية للتوفيق والمصالحة، ولكن لم تثمر تلك المحاولات عن أي التزام من الطرف الآخر، ما دفعها إلى اللجوء للقضاء لحفظ حقوقها المالية. وقد بيّنت المدرسة أنها أرسلت عدة مطالبات رسمية لولي الأمر، دون أن تتلقى ردًا أو التزامًا بسداد المبلغ المطلوب.

المحكمة تُثبت انشغال الذمة
في حيثيات حكمها، أكدت المحكمة أن “الأصل في الأمور براءة الذمة، وانشغالها يعدّ أمرًا استثنائيًا يحتاج إلى إثبات”، وأضافت أنه وفقاً لما تضمنه كشف الحساب الرسمي الصادر عن المدرسة، فإن المدعى عليه لم يسدد المستحقات المتأخرة، ما يؤكد وجود دين ثابت بذمته لصالح المدرسة.
وذكرت المحكمة أنها منحت المدعى عليه فرصة للحضور والدفاع عن نفسه وتقديم أي دفوع أو مستندات تنفي ما ورد في الدعوى، إلا أنه لم يمثل أمام المحكمة رغم إعلانه قانونيًا، ولم يُقدم أي مستند يُثبت عدم مسؤوليته عن سداد الرسوم.
تعويض عن الضرر المادي
إلى جانب المبلغ الأصلي المستحق، طلبت المدرسة تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بها جراء تأخر المدعى عليه في سداد الرسوم الدراسية، مشيرة إلى أن هذا التأخير تسبب في ضرر مادي يتمثل بحرمان المؤسسة التعليمية من الاستفادة من الأموال في وقتها المناسب.
وفي هذا السياق، استندت المحكمة إلى المادة 282 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، التي تنص على أن “كل إضرار بالغير يُلزم فاعله، ولو كان غير مميز، بضمان الضرر”، واعتبرت أن الامتناع عن السداد لفترة طويلة دون مبرر قانوني يُعد خطأً يستوجب التعويض.
وقررت المحكمة تعويض المدرسة بمبلغ 1,000 درهم، واعتبرته كافيًا لجبر الضرر المادي الواقع على المدرسة، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يتناسب مع طبيعة الضرر وطول فترة الامتناع عن السداد.
رفض المطالبة بالفائدة
وعلى الرغم من مطالبة المدرسة بفائدة قانونية على المبلغ المستحق، إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب، معتبرة أنه لا مبرر قانونيًا يمنح المدرسة حق المطالبة بفوائد على المبلغ في هذه الحالة، وأوضحت أن الأصل هو عدم تقاضي الفائدة إلا إذا وُجد نص قانوني صريح يجيز ذلك.
إلزام بالرسوم والمصروفات
أخيرًا، قررت المحكمة تحميل المدعى عليه كامل الرسوم والمصاريف القضائية المرتبطة بالقضية، مشيرة إلى أن المسؤول عن إحداث النزاع هو الذي يجب أن يتحمل تبعاته، بما يشمل التكاليف القانونية التي تكبّدتها المدرسة في سبيل استرداد حقوقها.
قراءة قانونية في الحكم
يُعد هذا الحكم تأكيدًا على التوجه القضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو حماية الحقوق التعاقدية للمؤسسات التعليمية، لا سيما في ظل وجود عقود واضحة تُنظم العلاقة بين أولياء الأمور والمدارس. كما يسلط الحكم الضوء على أهمية الالتزام بالمستحقات المالية لتفادي الدخول في نزاعات قانونية قد تُحمّل الطرف المخل بتعهداته أعباءً إضافية.

ويُشكل هذا القرار القضائي أيضًا رسالة واضحة إلى أولياء الأمور بضرورة الالتزام بالتزاماتهم تجاه المؤسسات التعليمية التي تقدم خدماتها لأبنائهم، والاحتكام إلى الطرق القانونية في حال وجود أي نزاع أو اعتراض، بدلًا من الامتناع عن السداد.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من القضايا بات يتكرر بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، لا سيما مع تزايد الأعباء المالية على بعض أولياء الأمور، إلا أن الجهات القضائية تؤكد دائمًا على ضرورة احترام العقود والاتفاقات المبرمة بين المدارس والأهالي، باعتبار أن العملية التعليمية شراكة قائمة على التزامات متبادلة. كما أن عدم السداد يُعرّض المدارس لأضرار تشغيلية قد تؤثر على جودة التعليم المُقدّم، وهو ما يجعل المحاكم تتعامل بحزم مع هذه الحالات لضمان التوازن بين الحقوق والواجبات. وفي ظل هذه الأحكام، تُشجَّع الأطراف دائمًا على التسوية الودية لتجنّب اللجوء إلى القضاء.
وفد من “قضاء أبوظبي” يزور المؤسسات القضائية والإصلاحية في الصين لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات
Abu Dhabi Judicial Department Delegation Visits China to Enhance Cooperation and Exchange Expertise pic.twitter.com/W4unngCy3J
— دائرة القضاء-أبوظبي (@ADJD_Official) July 11, 2025