الإمارات – السابعة الإخبارية
قالت الدكتورة حنان القاعي خبيرة استراتيجية في العلاقات الدولية والشراكات الاستراتيجية والتطوير المؤسسي، إنه في زمن تتسارع فيه عجلة التحول الرقمي وتنتشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، تتغير خريطة القوة الاقتصادية عالميًا، مشيرة إلى أن الأرقام وحدها كفيلة برسم المشهد: نحو 68% من سكان العالم، أي ما يقارب 5.5 مليارات نسمة، متصلون بالإنترنت، وفي الدول العربية تصل النسبة إلى 69.6%، مما يوفر قاعدة رقمية هائلة قادرة على دفع الابتكار وتعزيز الكفاءة.
وعلى مستوى الشركات، أوضحت د. حنان القاعي أن ثلاثة أرباع المؤسسات حول العالم تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي، و65% منها تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي بانتظام، وهي نسبة تضاعفت تقريبًا في عام واحد. هذه المؤشرات ليست مجرد إحصاءات، بل شواهد على تحوّل عميق في طريقة خلق القيمة وإدارتها.
ونوهت بأنه وسط هذه المتغيرات، يطل الشباب العربي التقني كعامل حسم استراتيجي. إنهم جيل المبدعين والمطورين والمهندسين والمبرمجين وأصحاب المهن الرقمية، الذين يمتلكون القدرة على تحويل التكنولوجيا من أداة تشغيل إلى أداة إنتاج وصناعة قيمة اقتصادية حقيقية. خبراتهم تشمل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، البلوكتشين، المحاكاة، الأمن السيبراني، وأنظمة إدارة الموارد المؤسسية ERP (Enterprise Resource Planning – تخطيط موارد المؤسسة)، إضافة إلى منصات التعاون الذكية.

ولفتت إلى أن الاستثمار في هذه الفئة لم يعد رفاهية، بل هو ضرورة للبقاء والمنافسة. المؤسسات التي تمكّن الشباب التقني وتدمجهم في صنع القرار تحقق مكاسب واضحة: خفض التكاليف بنسبة 20% إلى 30% خلال العامين الأولين من تطبيق أنظمة ERP، رفع معدل تحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتسويق بنسبة 35% عبر مختبرات الابتكار، وتقليص زمن إنجاز العمليات بنسبة تصل إلى 40% عبر الأتمتة. وعندما يجتمع التطوير المؤسسي مع تمكين الشباب، يمكن رفع الكفاءة التشغيلية الشاملة بنسبة تصل إلى 50%.
تابعت الدكتورة حنان القاعي، أن هذا التوجه يواجه تحديًا جوهريًا: التطور التكنولوجي المتسارع جعل بعض أطر ومعايير الجودة التقليدية، مثل الأيزو، أقل قدرة على مواكبة التغيير. فهذه المعايير، رغم قيمتها، صُممت لعصور أكثر استقرارًا، بينما بيئات الأعمال الحالية تتغير بشكل جذري بفعل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الإمداد الرقمية. تشير بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن أكثر من 50% من نماذج الأعمال والوظائف ستتأثر أو يعاد تشكيلها بفعل التكنولوجيا في سنوات قليلة، وأظهر تقرير ماكينزي أن المؤسسات التي دمجت الذكاء الاصطناعي في إدارة الجودة والإجراءات تفوقت في الكفاءة التشغيلية بنسبة 20% إلى 30% على منافسيها التقليديين. هذا يفرض الحاجة إلى خبراء يجمعون بين الفكر الإداري والرؤية الاستراتيجية والفهم التكنولوجي العميق لقياس التطوير المؤسسي بمعايير جديدة تواكب الابتكار.
تمكين الشباب العربي التقني رهان استراتيجي
وقالت إن تمكين الشباب العربي التقني ودمجهم في صميم التطوير المؤسسي ليس مجرد خطوة تحديث، بل رهان استراتيجي على تحويل المنطقة من مستهلك للتكنولوجيا إلى منتج ومصدر لها، وصناعة قيمة اقتصادية مستدامة قادرة على المنافسة في أسواق المستقبل.