لبنان – السابعة الاخبارية
طليقة وائل كفوري، في خطوة جريئة وغير معتادة، خرجت أنجيلا بشارة، طليقة وائل كفوري، عن صمتها لتكشف عن تفاصيل معاناتها الطويلة في أروقة المحاكم، ضمن رحلة استمرت لسنوات من أجل الحصول على النفقة المناسبة لها ولأطفالها بعد انفصالها.
أنجيلا، التي لطالما التزمت الصمت ولم تدخل يوماً في مهاترات إعلامية، قررت أخيرًا أن تتحدث بلسان الكثير من النساء اللاتي يجدن أنفسهن وحدهن في مواجهة واقع قانوني معقد، خاصة بعد الطلاق، حين يتحول السعي وراء حقوق النفقة إلى معركة حقيقية على كل المستويات.
طليقة وائل كفوري في أزمة مادية أثقلت كاهلها
بحسب ما روته أنجيلا، فإن القاضي المكلّف بملف النفقة لم يراعِ القانون بالشكل المطلوب، حيث تجاهل السعر الرسمي الذي من المفترض اعتماده في مثل هذه القضايا، واتخذ قراراته بناءً على ما وصفته بـ”مبررات غير منطقية”، ما انعكس مباشرة على قدرتها على تلبية حاجات أطفالها اليومية، من تعليم وصحة ومعيشة.
وعبّرت أنجيلا عن ألمها مما سمّته “الإجحاف في حقها وحق أبنائها”، مشيرة إلى أن كل طلباتها كانت تسير ضمن القانون، وأنها لم تسعَ يومًا إلى أي نوع من المبالغة أو التصعيد، بل طالبت فقط بما يضمن الكرامة والحد الأدنى من الاستقرار المادي لها ولأطفالها، بعد انتهاء العلاقة الزوجية.
ست سنوات من الصبر والخذلان
خلال حديثها، لم تُخفِ أنجيلا شعورها العميق بالخذلان من المؤسسة القضائية، التي اعتقدت أنها ستنصفها كأم وامرأة تطالب بحقوق أبنائها. وقالت إنها قضت ست سنوات في مراجعات لا تنتهي، وانتظار قرارات لا تُنفذ، وتعامل روتيني يفتقر إلى الإحساس الإنساني تجاه من تعاني من ظروف استثنائية.
ورغم هذا المسار الطويل من التحديات، أكدت أنجيلا أنها لم تضعف ولم تستسلم، بل استمرت في المطالبة بحقها وحق أولادها، مؤمنة بأن العدالة لا بد أن تتحقق يومًا ما، ولو طال الانتظار.
رسالة إلى المسؤولين والأمهات
اللافت في حديث أنجيلا أنها لم تكتفِ بسرد مشكلتها الشخصية، بل وسّعت الدائرة لتتحدث عن معاناة مئات وربما آلاف النساء في لبنان والعالم العربي، اللاتي يواجهن نفس الظروف بعد الطلاق. وقالت إن معاناة الأمهات بعد الانفصال لا تقتصر على المشاعر والألم النفسي، بل تمتد إلى صراعات قانونية قد تدوم لسنوات، وتُستهلك فيها طاقات المرأة على كل المستويات.
وأضافت أن النظام القضائي، في كثير من الأحيان، لا يكون إلى جانب المرأة، بل يتعامل معها وكأنها تطلب امتيازات، في حين أنها تسعى فقط لتأمين أساسيات الحياة لأطفالها.
النفقة ليست ترفًا.. بل حق أساسي
أكدت أنجيلا بشارة أن النفقة ليست منة من أحد، بل هي حق قانوني وشرعي للأطفال قبل أن تكون حقًا للأم، مشيرة إلى أن التعقيد في تحصيلها يعكس فجوة كبيرة في التشريعات المعمول بها، والتي تحتاج إلى تعديل جذري لتواكب متطلبات العصر وواقع المجتمع.
وقالت إن كثيرًا من النساء يتراجعن عن المطالبة بحقوقهن بسبب طول الإجراءات، أو بسبب ما يتعرضن له من ضغوط نفسية ومجتمعية، مضيفة: “أحيانًا، حتى الأقرباء لا يتفهمون صراع الأم بعد الطلاق، ويكتفون بلومها على قرارها أو دعوتها للصبر والصمت”.
دعوة للتغيير وإصلاح القضاء
من النقاط التي أثارت الانتباه في حديث أنجيلا، كانت إشارتها إلى أهمية إصلاح النظام القضائي، خاصة في ما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية. حيث طالبت بضرورة وجود قضاة يتمتعون بالحس الإنساني، ويستوعبون التحديات التي تواجهها الأمهات العازبات.
كما أبدت تفاؤلها بإمكانية التغيير في المستقبل، خاصة مع الحديث عن تغييرات قريبة في الهيئات القضائية، وقالت إن الأمل موجود دائمًا، وإن هناك مؤشرات على أن الوعي بدأ يرتفع تجاه هذه القضايا، لا سيما بعد أن بدأت المزيد من النساء بالخروج إلى العلن للحديث عن تجاربهن.
الطلاق ليس نهاية.. بل بداية معركة
كلمات أنجيلا كانت بمثابة صوت صارخ لنساء كثيرات يعانين في صمت. ففي مجتمع قد لا يرحم المطلقات، ويتعامل مع الطلاق وكأنه “وصمة”، تضاف إلى قائمة التحديات، تبرز قصص مثل قصة أنجيلا لتكشف الغطاء عن واقع لا يُناقش كثيرًا في الإعلام أو في دوائر القرار.
قالت أنجيلا في ختام رسالتها إنها لم تخرج للحديث بدافع الشكوى أو للفت الانتباه، بل لتقول كلمة حق، وتعبر عن جرح شخصي ومجتمعي في آنٍ واحد. مؤكدة أن المرأة لا تطلب الكثير، فقط الإنصاف، والعيش بكرامة، وتوفير ما يلزم لتربية أولادها في بيئة آمنة ومستقرة.
ورغم كل الألم، عبّرت عن فخرها بنفسها، وبأنها استطاعت أن تتحمل هذه السنوات الصعبة دون أن تنهار، وأنها ستكون دومًا الصوت الذي يدافع عن حق كل أم تمر بنفس المحنة.
في النهاية، قصة أنجيلا بشارة ليست حالة فردية، بل مرآة لمجتمع يحتاج إلى مراجعة قوانينه، وإعادة النظر في طريقة تعامله مع المرأة بعد الطلاق. فهي لم تطلب امتيازات، بل طالبت بالعدالة، وهذا أبسط ما يمكن لأي نظام أن يضمنه لمواطنيه، خاصة من يتحملون مسؤوليات مضاعفة في أصعب الظروف.