ليبيا– السابعة الإخبارية
الأسد.. أصدر مكتب النائب العام الليبي قرارًا بحبس صاحب أسد ظهر في مقاطع فيديو انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر وهو يطلق الحيوان المفترس على أشخاص بغرض المزاح والاستهزاء.
القرار جاء بعد موجة غضب كبيرة اجتاحت الشارع الليبي والمصري على حد سواء، معتبرين ما جرى تجاوزًا لكل الأعراف القانونية والإنسانية.
تفاصيل واقعة الأسد
بحسب بيان صادر عن مكتب النائب العام الليبي فجر الخميس، فإن الفيديو المتداول وثّق مشاهد “مخالفة للشرع والقانون والإنسانية”، حيث قام المتهم، وهو صاحب مزرعة، بإطلاق الأسد على أحد العاملين المصريين لديه، في مشهد أثار الفزع والهلع لدى الضحية ومن حوله. وأكد البيان أن هذا السلوك لم يراعِ الأضرار النفسية والاجتماعية المترتبة عليه، بل هدف إلى السخرية والاستهزاء بالضحايا.
المتهم حاول التبرير بأن ما حدث كان مجرد “دعابة” وأنه كان يسيطر على الموقف، لكن النيابة العامة رأت أن مثل هذا الفعل يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن المجتمعي ويؤسس لثقافة الاستهزاء بمعاناة الآخرين، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه.

تفاعل واسع وغضب شعبي
الفيديو أثار عاصفة من ردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعي. في مصر، عبّر العديد من الناشطين عن استيائهم من استهداف عامل مصري بهذا الشكل، معتبرين أن ما جرى إهانة للكرامة الإنسانية.
أما في ليبيا، فقد جاء الاستنكار مزدوجًا؛ رفضًا للمساس بالآخرين، وانتقادًا لظاهرة اقتناء وتربية الحيوانات المفترسة في المزارع والمنازل.
عدد من التعليقات على “فيسبوك” و”تويتر” وصفت الفعل بأنه “لعبة خطيرة قد تتحول إلى مأساة”، فيما ذهب آخرون إلى المطالبة بتطبيق أقصى العقوبات بحق المتهم للحد من تكرار مثل هذه السلوكيات.
حوادث مشابهة تثير القلق
الحادثة الأخيرة لم تكن الأولى من نوعها في ليبيا. ففي يوليو الماضي، انتشر مقطع فيديو آخر يوثق قيام صاحب مزرعة بإطلاق أسده على مجموعة من العمال الأفارقة بغرض ترويعهم، وهو ما قوبل حينها باستياء كبير. ورغم الانتقادات والجدل، يبدو أن غياب الرقابة وضعف تطبيق القوانين ساهم في استمرار هذه الظاهرة.
ويرى مراقبون أن تكرار مثل هذه الحوادث يكشف عن خلل خطير في الوعي المجتمعي بمدى خطورة التعامل مع الحيوانات المفترسة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.

ظاهرة تربية الأسود في ليبيا
تربية الحيوانات المفترسة، وعلى رأسها الأسد والنمور، باتت ظاهرة مقلقة في ليبيا خلال السنوات الأخيرة. ويرجع البعض انتشارها إلى حالة الانفلات الأمني بعد عام 2011، ما جعل كثيرين يلجأون إلى اقتناء هذه الحيوانات كنوع من الاستعراض أو الحماية الشخصية.
ورغم صدور قرار حكومي يحظر تربية مثل هذه الحيوانات في المنازل والمزارع، إلا أن التطبيق العملي ظل محدودًا بسبب ضعف الرقابة. هذا ما جعل صورًا ومقاطع فيديو تنتشر بين حين وآخر لأشخاص يربون أسودًا أو نمورًا في مزارع خاصة أو حتى داخل منازلهم، في مشهد لا يخلو من الخطورة.
البعد القانوني والإنساني للقضية
من الناحية القانونية، يؤكد خبراء أن فعل إطلاق الأسد على إنسان يُعد جريمة تهديد بالقتل العمد حتى لو لم يسفر عن إصابات مباشرة، لأنه يعرض حياة الضحية لخطر داهم. كما أن تسجيل ونشر مثل هذه المقاطع يضاعف من خطورة الفعل لأنه يشجع آخرين على تقليده.
أما من الناحية الإنسانية، فالقضية تعكس مشكلة عميقة في التعامل مع الآخرين، خصوصًا العمالة الوافدة التي قد تكون أكثر عرضة لمثل هذه الانتهاكات. وهنا تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية احترام الكرامة الإنسانية، بغض النظر عن جنسية أو وضعه الاجتماعي.
مطالب بإجراءات رادعة
عقب انتشار الفيديو الأخير، ارتفعت الأصوات المطالبة بتشديد العقوبات على كل من يقتني حيوانًا مفترسًا أو يستخدمه في ترويع الآخرين. ودعا ناشطون إلى حملات تفتيش على المزارع والممتلكات الخاصة لضبط أي مخالفات تتعلق بتربية الأسود والنمور، باعتبارها تهديدًا مباشرًا للأمن العام.
كما اقترح آخرون أن يتم وضع برامج توعية تستهدف الشباب تحديدًا، لشرح مخاطر مثل هذه الممارسات، ليس فقط على الضحايا، بل أيضًا على من يقتني هذه الحيوانات، لأن أي خطأ بسيط قد يحوّل “المزحة” إلى مأساة حقيقية.
حادثة إطلاق أسد على عامل مصري في ليبيا ليست مجرد واقعة عابرة، بل هي جرس إنذار جديد حول خطورة استمرار ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة واستخدامها في المزاح أو الاستعراض. ومع قرار النائب العام بحبس المتهم، يأمل كثيرون أن تكون هذه الخطوة بداية حقيقية لردع الآخرين، وأن تتحول إلى نقطة انطلاق نحو إنهاء هذه الممارسات نهائيًا.
فالكرامة الإنسانية خط أحمر، وأي فعل يهددها أو يستهزئ بها يجب أن يقابل بحزم، حمايةً للمجتمع وحفاظًا على صورة ليبيا أمام نفسها وأمام العالم.
