لبنان – السابعة الاخبارية
كارول سماحة، حضرت النجمة اللبنانية كارول سماحة واحدة من ليالي العرض المسرحي “خيال صحرا” على خشبة مسرح كازينو لبنان، حيث يقدّم هذا العمل الثنائي المسرحي جورج خباز وعادل كرم، وسط تفاعل جماهيري لافت منذ انطلاق العرض، لما يحمله من مزيج بين الدراما، الفكاهة، والمضمون السياسي والاجتماعي العميق.
وعبّرت كارول عن تأثرها الشديد بالعرض، ووجهت تحية خاصة لفريق العمل عبر خاصية “الستوري” في حسابها الرسمي على إنستغرام، حيث كتبت:
“عمل مسرحي مؤثر جداً، بينقل واقعنا اللبناني ومعاناتنا بقالب فكاهي درامي ذكي جداً. نص، تمثيل، موسيقى وإخراج المبدع والرائع جورج خباز اللي بيعرف دائماً كيف يلامس مشاعرنا.. ببكينا وبفرّحنا. عادل كرم حضور وأداء أكثر من مؤثر.. مبروك النجاح.”
كلمات كارول الصادقة لم تكن مجاملة فنية، بل جاءت انعكاسًا لمضمون عمل حمل نبض الناس، ولامس جراحهم وهمومهم، عبر لغة مسرحية تتقاطع فيها المرارة بالسخرية، والواقع بالأمل، في تركيبة نادرة ومؤثرة.
كارول سماحة في “خيال صحرا”: عمل ثنائي بين العمق والوجع
مسرحية “خيال صحرا” من تأليف، إخراج، وتلحين جورج خباز، وهو أيضًا أحد بطليها إلى جانب الممثل والإعلامي عادل كرم، فيما تولى إنتاجها طارق كرم.
تدور أحداث المسرحية حول شخصيتين عالقتين في مكان غامض وسط صحراء، وتحملان في داخلهما الكثير من القلق، الألم، والهواجس التي يعيشها الإنسان اللبناني اليوم. عبر حوارهما المتقاطع، يكشف العمل عن قضايا معاصرة وحساسة، منها:
- الخسارة الشخصية والوطنية
- الخوف من الحرب والانهيار
- صدمات اللبنانيين من ماضيهم وحاضرهم
- انفجار مرفأ بيروت وتبعاته
- الانقسامات السياسية والطائفية
- الهجرة، الغربة، ومستقبل الشباب المجهول
ويقدّم العمل كل تلك المواضيع بأسلوب ساخر ومؤلم في آنٍ معًا، حيث تتداخل الفكاهة السوداء مع الدراما الواقعية، ليمنح المتفرج تجربة تجمع بين الضحك والدموع، وبين التأمل والدهشة.
خباز: الكتابة لشخصيتين فقط كانت تحديًا كبيرًا
في تصريح سابق، تحدث جورج خباز عن صعوبة بناء نص مسرحي متكامل يقوم على شخصيتين فقط، مشيرًا إلى أن هذه التجربة تطلبت منه تركيزًا كبيرًا في الحوار، والإيقاع، وتطور الشخصيات، دون الاستعانة بأدوار مساعدة أو تغييرات مكانية كبيرة.
ورأى خباز أن هذا الشكل المسرحي يحمل مخاطرة عالية، لكنه يمنح العمل في المقابل كثافة درامية وفرصة للتعمق النفسي بالشخصيات، ويعزز من التركيز على المضمون.
وقال:
“خيال صحرا ليست مسرحية عن الحرب فقط، بل عن الإنسان في مواجهة مصيره، وعن الهوية، الوطن، والمصير الجماعي. هي مرآة نرى فيها أنفسنا، ونطرح من خلالها أسئلة عميقة: من نحن؟ ماذا نريد؟ ولماذا وصلنا إلى هنا؟”
عادل كرم: الدور الأقرب إلى قلبي
أما الفنان عادل كرم، فاعتبر أن مشاركته في هذا العمل تمثل تجربة استثنائية ومختلفة عن كل ما قدمه من قبل. وأشار إلى أن تجسيد شخصية ضمن عمل ثنائي قائم على الحوار المطوّل والتفاعل المستمر مع شريك واحد فقط، تطلب منه تركيزًا كبيرًا وتحضيرًا نفسيًا وجسديًا مختلفًا.
وقال كرم في مقابلة تلفزيونية:
“هذا الدور من أقرب الأدوار إلى قلبي، لأنه فيه من وجعي ومن وجع الناس اللي بعرفهم. المسرحية بتشبه كل لبناني عاش الأزمات والذكريات والتناقضات.”
من لبنان إلى العالم: جولات عربية ودولية
بعد النجاح المحلي الذي حققته “خيال صحرا” على خشبة كازينو لبنان، أعلن جورج خباز أن العمل سوف ينطلق في جولات مسرحية تشمل عدة دول عربية، في مقدمتها السعودية ودول الخليج، ومن ثم تمتد الجولات إلى أوروبا وأميركا، حيث يتطلع فريق العمل إلى إيصال صوت لبنان وهمومه إلى المغتربين والجمهور العربي في المهجر.
كما أشار خباز إلى إمكانية إعادة عرض المسرحية في بيروت خلال شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، تلبيةً للطلب الجماهيري المتزايد.
عمل من الواقع.. للجمهور مباشرة
بعيدًا عن التعقيدات البصرية، تعتمد “خيال صحرا” على أداء تمثيلي قوي، ونص محبوك، وموسيقى توظف بعناية لتعميق التأثير الدرامي، ما يجعلها واحدة من أقوى التجارب المسرحية اللبنانية في السنوات الأخيرة.
فهي لا تقدّم حلولًا جاهزة، ولا تدّعي أن الفن قادر على إصلاح كل شيء، لكنها تطرح الأسئلة بجرأة، وتفتح الباب للنقاش، بل وتُظهر أن في السخرية ملاذًا من الجنون، وفي الفن عزاءً عن الألم.
تحية من فنانة إلى فنانين.. ورسالة جمهور للفن
تقدير كارول سماحة للمسرحية لم يكن مجرد تعليق عابر، بل يعكس دور الفنان في دعم الأعمال الثقافية التي تنبض من قلب المجتمع. وقد تفاعل عدد كبير من متابعيها مع كلماتها، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تسهم في إعادة إحياء المسرح اللبناني، وتشجع على الاهتمام بالفن الجاد في زمن التشتت والانهيار.
ففي ظل ما يعيشه لبنان من أزمات متواصلة، يصبح المسرح ملاذًا للمواجهة، والكلمة وسيلة للمقاومة، والضحك سلاحًا للاستمرار.
“خيال صحرا”.. عندما يكون المسرح مرآة الوطن
في نهاية المطاف، تُثبت “خيال صحرا” أن المسرح لا يزال قادرًا على أن يكون صادقًا، حقيقيًا، وصوتًا لمن لا صوت لهم. بين النص العميق، الأداء المؤثر، والإخراج المتقن، يُعيد جورج خباز وعادل كرم التأكيد أن الفن، حين ينبع من الألم الصادق، يتحول إلى فعل مقاومة وأمل.
ومع جمهور يتوافد ليلة بعد أخرى، ونخبة فنية تدعمه، مثل كارول سماحة، فإن هذا العرض يفتح الباب أمام جيل جديد من المسرح اللبناني… ذلك المسرح الذي لا يهرب من الواقع، بل ينظر إليه بعيوننا، ويضحك من قسوته، ليمنحنا قليلًا من الأمل في الصحراء.